انتقادات حادة لسياسة أوروبا في التعامل مع مسلميها
حذر محللون سياسيون وعلماء اجتماع ورجال دين من استمرار التعامل مع المسلمين في أوروبا وكأنهم كيان غريب مشكوك في جميع ميوله وتصرفاته.
جاء ذلك خلال ندوة عقدها الحزب الليبرالي الديمقراطي السويسري مساء الثلاثاء في زيورخ، في محاولة لوضع صورة واضحة المعالم عن مشكلات المسلمين في أوروبا عامة وسويسرا بشكل خاص، بعد أن بدأت تيارات أقصى اليمين تسييس وجود الإسلام في أوروبا واستخدام التخويف منه في برامجها الانتخابية.
وقد استضاف المؤتمر البروفيسور بسام طيبي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كورنيل الأميركية الذي اتهم الأوروبيين بالفشل في إدماج الجاليات المسلمة، لاسيما من الأجيال الثانية والثالثة.
وقال إن المسلمين الأوائل في أوروبا أدركوا أنهم أجانب جاؤوا للعمل، فلم تكن لهم طلبات خاصة، لكنهم توقعوا أن يحصل أبناؤهم الذين نشؤوا وشبوا في المجتمعات الغربية على نفس الحقوق التي يتمتع بها جميع الأوروبيين، لكن أوروبا حجبت عنهم كل شيء، فلا هم ينتمون إلى الدول التي ينحدر منها آباؤهم، ولا المجتمع الذي شبوا فيه تقبلهم.
إقصاء وتجاهل
وقد ندد طيبي وهو ألماني من أصل سوري بسياسة إقصاء المسلمين الأوروبيين من المناصب الرسمية المهمة، وقال "من المستحيل أن نجد مسلما أوروبيا يتقلد منصبا سياسيا رفيعا كسفير أو دبلوماسي"، كما انتقد تجاهل وسائل الإعلام للكتاب والمؤلفين الأوروبيين أو من ذوي الأصول العربية الذين يقدمون الصورة الصحيحة للإسلام كدين وسطي متسامح.
بدوره انتقد البروفيسور جورج كرايس -مدير اللجنة الفدرالية السويسرية لمكافحة العنصرية- الممارسات التي يتعرض لها المسلمون بسبب انتمائهم الديني، قائلا "إن منع منح الجنسيات الأوروبية للمسلمين أو حرمانهم من بعض الوظائف أو التضييق عليهم بسبب انتمائهم الديني لا ينسجم مع الحضارة الأوروبية التي من المفترض أن بها مساحة أوسع من الحريات العامة والشخصية".
مخاوف أوروبية
إلا أن رئيس مكتب الاندماج في وزارة الهجرة ماريو غاتيكر قال إن مشكلة الخوف من المسلمين تعود إلى قلق قطاعات كبيرة من الرأي العام من وضع الدين في مرتبة أعلى من سيادة الدولة، وعدم احترام قوانين الدول الأوروبية والعيش في مجتمعات موازية، إلى جانب ما وصفه بالخلط بين الإسلام كدين وشعائر وعبادات، وتوظيف الدين لأهداف سياسية.
وخلال مداخلات للحضور انتقد متحدثون مسلمون إلقاء اللوم دائما على المسلمين وعدم الإشارة إلى ضرورة توعية المجتمعات الأوروبية بأن التعددية الثقافية والدينية واقع لا بد من القبول به، وأن المسلمين لهم كافة الحقوق مثلما عليهم كل الواجبات.
بينما اعترف متحدثون غير مسلمين بأنهم يشعرون بالخوف من الحضور القوي للمسلمين في مجتمعاتهم ومطالبتهم بخصوصياتهم.
وقد قدم البروفيسور كرايس توصيات وصفها بالمهمة، بحكم عمله كرئيس للجنة مكافحة العنصرية، وهي ضرورة السماح بتعليم الدين الإسلامي للأطفال المسلمين في المدارس، واحترام عقائد المسلمين بما لا يتعارض مع القوانين الأوروبية، وإعطاء الأئمة وخطباء المساجد دورهم المناسب في توعية الجالية بما لها وما عليها.