جدل في النرويج حول الاعتراف بالحكومة الفلسطينية
مازالت ردود الأفعال تتواصل بين محتج ومرحب في النرويج برفض الحكومة الإسرائيلية استقبال ريموند يوهانسن نائب وزير الخارجية بعد لقائه رئيس حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية إسماعيل هنية الثلاثاء الماضي، بعدما قررت أوسلو تطبيع علاقاتها السياسية والاقتصادية مع الحكومة الجديدة.
ووصف وزير الخارجية يوناس غار ستوره تشكيل الحكومة الفلسطينية بأنه حدث تاريخي، وقال إن اعتراف بلاده جاء انسجاماً مع برنامج حكومة الوحدة التي تقوم بخطوات مهمة "تلبية للشروط التي فرضها المجتمع الدولي".
وأضاف في تصريح للجزيرة نت أن حكومته ستتعاون بلا حدود مع تلك الحكومة دون التفريق بين وزراء حماس أو غيرهم طالما تجاوبت مع المطالب الدولية، داعياً المجتمع الدولي وتل أبيب إلى العمل بشفافية مع السلطات الفلسطينية الجديدة.
ومن جهته أكد يوهانسن أن لقاءه هنية جاء استجابة لإيمان النرويج العميق بضرورة استئناف عملية السلام وإعطاء فرصة للحوار البناء.
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن بلاده ستستأنف العلاقات مع حكومة الوحدة الوطنية وسترتب لقاءات على أعلى المستويات، كما ستمد يد العون والمساعدات للفلسطينيين من خلال التنسيق مع وزير المالية سلام فياض.
وقال يوهانسن إنه طلب من رئيس الحكومة العمل على الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير لدى فصائل منذ يونيو/حزيران 2006، وعلى وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة نحو إسرائيل.
تيار الرفض
واستغل اليمينيون بالنرويج رفض إسرائيل لقاء نائب وزير خارجية بلدهم لشن هجوم عبر وسائل الإعلام المحلية، واصفين تصرف الحكومة بأنه بعيد عن الحكمة وأنه يفوت الفرصة على أوسلو للعب دور نزيه بالعملية السلمية بسبب "الانحياز" للطرف الفلسطيني.
وقال وزير الخارجية السابق وعضو البرلمان عن حزب اليمين يان بيدرشن إن التعجل بالاعتراف بحكومة الوحدة خلق جواً عدائياً من تل أبيب لأوسلو التي حاولت كثيراً أن تلعب دور وسيط نزيه بين الطرفين، وفقدت الآن دورها بمد الجسور.
ودعا بيدرشن الحكومة لإعادة النظر في القضية برمتها "والعودة للصواب" لكونها تترأس لجنة الدول المانحة للفلسطينيين، وهو ما يفرض عليها أن تنال ثقة الفلسطينيين والإسرائيليين معا.
ومن جانبه أعرب رئيس الحزب المسيحي داق فين عن تفهمه الكامل لردة فعل الإسرائيليين برفض استقبال يوهانسن، وقال إن الحكومات السابقة ساهمت في إنشاء قنوات اتصال بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلا أن الحكومة الحالية "أضاعت القناة الإسرائيلية بتعجلها في الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية".
وكرر الناطق الرسمي باسم حزب التقدم المناوئ للوجود الأجنبي في البلاد مورتين هوغلن ما قالته تل أبيب بأن النرويج قد أربكت العملية السلمية بالشرق الأوسط باعترافها بحكومة الوحدة الوطنية.
التيار الداعم
وبينما عبر الرافضون عن غضبهم، تنفس آخرون الصعداء بموقف حكومتهم الداعم للقضية الفلسطينية بل واعتبروا أنه جاء متأخر جداً، وباركوا ما عبروا عنه بـ "الانعتاق من سيطرة واشنطن وتل أبيب" على مجريات السياسة بالشرق الأوسط لتشكيل رؤية بعيدة عنهما.
وأشادت البروفيسورة المختصة بشؤون الشرق الأوسط هيلدا واغ هنركسين بقرار الحكومة النرويجية ووصفته بالشجاع.
وقالت هنركسين للجزيرة نت إن واشنطن وتل أبيب لا ترغبان في أن تفتح أي دولة علاقات مع الحكومة الفلسطينية، وتضغط على كل من يقدم على ذلك بمساعدة دولية لتفرضا السلام من وجهة نظريهما.
ولم تستغرب البروفيسورة -وهي مؤلفة كتاب السلام الضائع في الشرق الأوسط- عدم استقبال نائب وزير خارجية بلادها، مؤكدة أن الحكومة نفسها كان عليها أن تتخذ هذا الموقف قبل عام بسبب ضعف الولايات المتحدة وانشغالها بقضايا أرهقت كاهلها إضافة للخسائر التي منيت بها بالعراق، وبروز تيارات ناقدة لسياسة واشنطن الخارجية داخل البيت الأبيض وهو ما شكل حافزاً قوياً للخروج النرويجي عن المنظومة الأميركية.
وفي سياق متصل دعم رئيس وزراء الأسبق كوره فيلوك موقف حكومة بلاده إزاء نظيرتها الفلسطينية، رافضاً الحصار الأوروبي والغربي لأنه "ليس الطريقة المثلى للحوار بين الطرفين".
ووصف فيلوك في حديث مع الجزيرة نت قرار الإسرائليين عدم لقاء يوهانسن بأنه "غير ذكي وغير صائب".
يُذكر أن النرويج ليست عضواً بالاتحاد الأوروبي، وأصبحت الدولة الأوروبية الأولى التي طبّعت علاقاتها مع الحكومة الفلسطينية بعد تشكيلتها الجديدة، كما أن عاصمتها أوسلو كانت قد احتضنت عمليات تفاوض حول أول اتفاق سلام مؤقت بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 1993م.