مسؤولة أميركية سابقة بالعراق تنتقد تجاوزات بلاك ووتر

كتبت جنيسا غانس الأستاذة الزائرة للعلوم السياسية بكلية برينسيبيا مقالا في صحيفة لوس أنجلوس تايمز وصفت فيه كيف كان عناصر بلاك ووتر يوفرون لها الحماية غير آبهين بحياة العراقيين.
فتحت عنوان "عايشت بلاك ووتر" قالت غانس -المسؤولة الأميركية بالعراق بين عامي 2003 و2005- "عندما سمعت أن الحكومة العراقية طلبت طرد شركة الأمن الخاصة بلاك ووتر كانت ردة فعلي هي: ليت ذلك كان منذ زمن".
وأضافت أنها باعتبارها مسؤولة أميركية ببغداد لمدة سنتين, كثيرا ما كانت تستفيد من خدمات بلاك ووتر "الحماسية أكثر من اللازم".
خلق الأعداء
تتذكر غانس "كانت مركبتنا تميل في الزوايا وتقفز من فوق حواجز الطرقات بسرعة تتجاوز 150 كلم/سا, وكثيرا ما عبرنا إلى الاتجاه المعاكس للشارع, وليمت القادمون عبر ذلك الشارع غما".

وتضيف "لكن الأدهى والأمر هو الأثر المؤذي الذي تتركه كل حركة نقوم بها على الشعب العراقي المحاصر والمهموم أصلا، لذلك بدأت أتساءل عما إذا كانت اجتماعاتي التي تستهدف تعزيز مقاصد السياسة الأميركية والرفع من مستوى حياة العراقيين أصبح ضررها أكثر من نفعها".
وتواصل "بدأت أقول في نفسي كم عدوا نخلقه بأصوات منبهات سياراتنا وإعاقتنا للسير ورجمنا للمارة بقنينات الماء (تكتيك مفضل لدى عناصر بلاك ووتر), فضلا عن تهديد المارة بالسلاح".
سيارة العجوز
واستطردت تقول إن الحدث الذي أغاظها أكثر من غيره ولم تستطع تحمله هو ما قام به الحراس في يوم من الأيام في مدينة أربيل شمالي العراق وهي في طريقها إلى اجتماع مع أحد زعماء الأكراد السياسيين.
إذ بينما كانت سيارتهم تمر بسرعتها الفائقة المعتادة مع امتداد ضيق لشارع سريع لا توجد على جانبيه حواجز, لحقوا بسيارة سيدان قديمة يقودها عراقي طاعن في السن ومعه امرأة وثلاثة أطفال.
وبدأ سائق سيارة سيوبربان التي تتقدم الموكب الأميركي يطلق منبه سيارته بطريقة جنونية, ما حمل السائق العراقي "المسكين" على البحث عن مخرج للهروب, لكن لم يكن هناك مخرج, ووقف الأطفال فزعين في المقعد الخلفي ينظرون إلى هؤلاء الرجال ذوي النظارات السوداء المدججين بالسلاح, وفجأة اصطدمت سيارة السيوبرمان بعنف وبطريقة طائشة بسيارة السيدان دافعة إياها صوب حاجز الطريق.

و"مر موكبنا كالبرق دون الاهتمام بمصير سيارة السيدان وركابها، وحتى تلك اللحظة لم أكن قد علقت لسائقي على أي شيء بشأن تكتيكاتهم, لكني لم أستطع أن أتمالك هذه المرة فصرخت في وجوههم قائلة: أين تتوقعون أن يذهبوا؟ بالله عليكم ألم تكن بها أسرة ورجل عجوز؟ فهل كان ضروريا تدمير سيارتهم القديمة؟".
فأجابها السائق قائلا "ماما لقد دربنا على اعتبار الجميع خطرا محتملا, فأنت لا تدرين من يمكنهم استخدامه فخا ولا أين يكمن الخطر, فالإرهابي يمكن أن يتخفى وراء أي شخص".
وتقول غانس إنها صدمت بإجابة السائق غير المبالية "فعبست في وجهه وقلت: حسنا إن لم يكونوا إرهابيين من قبل, فهم الآن كذلك".
وتؤكد المسؤولة الأميركية السابقة أن العراقيين الذين تعاملت معهم تعلموا كيف يفرقون بين الجيش الأميركي وشركات الأمن الخاصة, فالجيش يخضع لقواعد انضباط معينة وهو مطالب كذلك بدفع تعويضات عن الأضرار التي يسببها, أما الشركات الأمنية فلا تبدو خاضعة لمثل تلك القواعد ولا تطالب بدفع تعويضات, فضلا عن كونها محصنة ضد مقاضاة القانون العراقي.
وختمت غانس بالقول "إن محاولتنا بناء جسور الود مع مضيفينا وسعينا لتحسين مستوى معيشتهم لا يمكن إلا أن يتأثر سلبا بقيام من يوفرون لنا النقل والأمن بإثارة الكراهية وإغضاب من يفترض أن نساعدهم بل وقتلهم أحيانا, فمثل هؤلاء يقوضون مهمتنا برمتها".