الأزمة مع الجنوبيين تفتح شهية معارضين للحكومة السودانية

فيما تبدو العلاقة بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان آخذة باتجاه متسارع نحو التدهور والاستقطاب الحاد عقب إعلان التجمع الوطني الديمقراطي المعارض تأييد الحركة، لجأت قوى سياسية أخرى لاستغلال الموقف وتصويب السهام لاتفاق السلام بين شريكي الحكم وما وصفوها بانتهاكات دستورية للحكومة السودانية.
فقد اتجه أكثر من 30 مركزا ومنظمة حقوقية وحزبا سياسيا للمحكمة الدستورية للطعن في دستورية بعض مواد قانون المحكمة نفسها، وإقامة دعوى دستورية ضد الحكومة بهدف "إعادة وحماية الحقوق الدستورية للمواطنين".
واعتبروا أن هناك حقوقا دستورية أساسية ما تزال منتهكة ومصادرة كالمساواة أمام القانون وحق التقاضي وحق التملك، مشيرين إلى "أن استمرار هذا النهج ربما أدى إلى خروج ولايات أخرى عن سيطرتها كما حدث لدارفور".
وفي هذا المنحى قال فاروق أبوعيسى وهو رئيس اللجنة التنفيذية للتجمع الوطني الديمقراطي وأحد الطاعنين "إن حزب المؤتمر الوطني خيب آمال الجميع في المحافظة والتمسك باتفاقية السلام التي قبلتها القوى السياسية الأخرى على مضض".
وأضاف في تصريحات للجزيرة نت أن الهدف من الطعن هو تأكيد ضرورة مشاركة الجميع وتحقيق استقلال للقضاء، وإقامة انتخابات حرة نزيهة ووقف هيمنة المؤتمر الوطني وانفراده بالقرارات المصيرية للسودان.
" فاروق أبوعيسى: الهدف من الطعن هو تأكيد ضرورة مشاركة الجميع وتحقيق استقلال للقضاء، وإقامة انتخابات حرة نزيهة ووقف هيمنة المؤتمر الوطني وانفراده بالقرارات المصيرية للسودان " |
ولم يستبعد أبو عيسى توالي ما سماه بالانفجارات غير الحميدة إذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه الآن، داعيا إلى عدم الاستهانة بأزمة شريكي الحكم باعتبار أن لها أبعادا كبيرة وخطيرة جدا.
انتكاسة قانونية
أما رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان المقارنة محمود شعراني وهو أحد الذين تقدموا بالطعن أيضا فقد دعا الحكومة إلى مراعاة الحقوق الدستورية ومراجعة ما يخالف الدستور، منبها إلى ما سماه بالانتكاسة القانونية في السودان.
وطالب في حديث للجزيرة نت المحكمة الدستورية باستعمال سلطاتها في معالجة الأخطاء القانونية المخالفة للدستور، ووقف انتهاك الحريات والحقوق الدستورية في البلاد.
وذكر أن هناك عشرات القوانين المخالفة للدستور وحقوق الإنسان ما تزال سارية المفعول دون أن توقف من أى جهة.
من جهته اعتبر أمين الدائرة العدلية بحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر -أحد الطاعنين أيضا- أن المذكرة واحدة من مستحقات التحول الديمقراطي المنشود بل هي تمرين للمؤسسة الدستورية ممثلة في المحكمة. وأبدي تخوفه من أن تؤدي خلافات الشريكين إلى فشل الاتفاقية وبالتالي فشل الدستور الانتقالي نفسه.
ولم يستبعد عمر في تعليقه للجزيرة نت أن تسحب الحركة الشعبية قضاتها المشاركين في الجهاز القضائي أو المحكمة الدستورية و"هي في هذه الحالة ستسقط حراسة الدستور"، مشيرا إلى وجود إجماع من القوى السياسية السودانية ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان بالبلاد حول القضايا موضوع الطعن.