الصراع يشتد بين العسكر وقوى المعارضة في موريتانيا

من تقرير (الصراع يشتد بين العسكر وقوى المعارضة في موريتانيا)

أمين محمد–نواكشوط

يبدو أن أيام الود والصفا بينهما قد ولت إلى غير رجعة، فالمجاملات والكلمات المعسولة حلت محلها الاتهامات المتبادلة، والكلمات القاسية وتطور دفئ العلاقة بين العسكر وقوى المعارضة إلى سخونة، ثم إلى صراع يشتد يوما بعد آخر.

ائتلاف قوى التغيير الذي يضم عشرة تشكيلات سياسية جلها من المعارضة السابقة صعدت يوم أمس من لهجة خطابها، ورفعت من سقف تحركاتها حين استنجدت بالخارج للضغط على قيادة المجلس العسكري الحاكم من أجل الكف عن التدخل في العملية السياسية.

وطالب الائتلاف -في رسالة بعث بها يوم أمس الجمعة الى رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي رومانو برودي والى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ألفا عمر كوناري وإلى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمر موسى- بالضغط العاجل على المجلس العسكري من أجل حمله على التزام الحياد التام في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وحذر الرئيس الدوري للائتلاف أحمد ولد داداه في رسالته تلك من "العواقب الوخيمة على استقرار موريتانيا اذا استمرت سلطات المرحلة الانتقالية في التدخل لصالح أحد مرشحي الرئاسة" ومن "تخويف الناخبين من التصويت لغير المرشح الذي يحظى بدعم العسكر".

كما حث العسكريين على العودة الى "جادة الصواب" و"تصحيح المسار بالكف عن التدخل لصالح أحد مرشحي الانتخابات الرئاسية واتخاذ إجراءات عملية لإعادة الثقة".


إيقاف التعيينات
رسالة أخرى بعث بها الائتلاف يوم أمس، ولكنها إلى قيادة المجلس العسكري طالبا فيها الوقف الفور للتعيينات والإقالات غير المبررة، كما دعا في رسالته أيضا إلى وقف منح الصفقات خلال الفترة المتبقية قبل الانتخابات الرئاسية، متهمين العسكر باستغلال التعيينات والصفقات في تشكيل جبهة لصالح المرشح المستقل سيدي ولد الشيخ عبد الله.

ولم يصدر لحد الآن أي تعليق من السلطات الانتقالية بشأن هذه الاتهامات، كما يرفض المسؤولون الحكوميون التعليق عليها.

ويعتقد مراقبون عديدون أن الصراع بين السلطة وقوى المعارضة سيشتد ويقوى خلال الفترة المقبلة، خصوصا بعد فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية التي ستشهدها البلاد في الحادي عشر من مارس/آذار القادم، والتي من المتوقع أن تشهد سجالات ومنافسات ساخنة وقوية.


مهمة معقدة
ويعتقد الصحفي والباحث محمد سالم ولد البخاري أن مهمة ائتلاف قوى التغيير في إقناع الأوروبيين بعدم حياد السلطات تبدو صعبة ومعقدة، حيث أن الأوروبيين لا يتعاملون في الغالب مع الاتهامات، وإنما مع الأحداث والوقائع.

ويقول ولد البخاري للجزيرة نت أن اتهامات المعارضة تبدو غير ناهضة، وتفتقد إلى الدليل بالنسبة للأوروبيين، خصوصا أن أعضاء المجلس العسكري والحكومة الانتقالية ليسوا طرفا لا في الاستحقاقات الماضية، ولا القادمة، حيث يمنع الميثاق الدستوري ترشح أي منهم لأي منصب انتخابي.

وذكر البخاري بأن الانتخابات النيابية والبلدية الماضية اتسمت بالشفافية وحياد السلطة بشهادة الأوروبيين، بل حتى بشهادة المعارضة نفسها، ولكنه رغم ذلك لا يستبعد أن يكون العسكر أكثر تحمسا لمرشح مستقل من خارج الأحزاب السياسية سواء منها أحزاب المعارضة السابقة، أو أحزاب ما يعرف بالأغلبية الحاكمة سابقا.


اتهامات وجيهة
أما المحلل السياسي محمد عالي ولد محمد يحيى فيعتقد أن اتهامات المعارضة لم تأت من فراغ، مؤكدا أن بعض أعضاء المجلس العسكري الحاكم ضالعون في ما يتهمون به من قبل قوى المعارضة.

وأوضح ولد محمد يحيى للجزيرة نت أن اتهامات المعارضة تأتي في وقتها المناسب قبل أن تخرج الأمور عن مسارها المحدد والمتفق عليه من قبل القوى السياسية والسلطات الانتقالية. 

كما تمنى أن يظل الحياد هو السمة التي تطبع الاستحقاقات الانتخابية، خصوصا منها الرئاسية القادمة، وأن يكون الانحياز الذي يبديه بعض قادة المجلس العسكري في الوقت الحاضر سحابة صيف لا تلبث أن تنقشع.

المصدر : الجزيرة

إعلان