متابعة المنجمين تغلب على احتفالات اللبنانيين برأس السنة
أواب المصري-بيروت
يتفاوت اللبنانيون في كيفية الاحتفال بليلة رأس السنة، لكن ما بات يجتمع عليه الغالب الأعمّ من اللبنانيين هو متابعة تنبؤات وتوقعات المنجمين الذين تتعمد القنوات التلفزيونية استضافتهم ليُسمعوا اللبنانيين توقعاتهم وتنبؤاتهم للعام الجديد.
وتجاوز هذا الاهتمام ليطال أصحاب شركات وسياسيين من نواب ووزراء ممن باتوا يحرصون على مصادقة المنجمين والتقرّب منهم.
اهتزاز قصر العدل
ووصلت عدوى التأثر بتوقعات المنجمين إلى أجهزة الدولة الرسمية، فقد دفعت توقّعات أحدهم مؤخرا المسؤولين في وزارة العدل وقصر عدل بيروت إلى زيادة الإجراءات الأمنية على الأبواب الرئيسة والطرقات الفرعية المحيطة والمؤدية إليه.
حدث ذلك إثر تنبؤ أحد المنجمين بـ "اهتزاز قصر العدل مرتين مع مطلع العام الجديد إحداهما للنيل من أحد رموزه"، من دون أن يوضح ماهية هذا الاهتزاز ونوعيته وحجمه والمقصود به.
يقول أستاذ علم الإجتماع التربوي وعلم النفس الاجتماعي الدكتور طلال عتريسي في حديث للجزيرة نت إن الاهتمام بالتنبؤات والتنجيم ظاهرة تتجاوز لبنان، ففي كثير من بلدان العالم يحرص الناس على متابعة التنبؤات، وذلك في محاولة منهم لمعرفة ما يمكن أن يحصل في بداية كل عام.
ويرجع انتشار هذه الظاهرة في لبنان لسرعة التطورات فيه، وعدم القدرة على توقع هذه التطورات، ولارتباط لبنان بمتغيرات أخرى إقليمية ودولية، لا يستطيع اللبنانيون توقعها أو التأثير فيها.
عدم الاستقرار
ويربط عتريسي بين الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي يعيشها لبنان التي تفرز حالة من عدم الاستقرار وانتشار ظاهرة متابعة التنجيم.
وقال إن تلك الأمور تدفع باللبنانيين لاستباق ما يمكن أن يحصل، ولذلك فإنه عندما يتنبأ المنجمون بأخبار سيئة، يولد الأمر انزعاجا لدى الرأي العام، لأن ما يبحث عنه الناس ضمنا هو الاستقرار والراحة.
ويشير عتريسي إلى الأثر السلبي الذي تتركه ظاهرة التعلق بتوقعات المنجمين، فهي تجعل الإنسان مرتبطا بأفكار غير واقعية ومجهولة المصدر، وتجعله سلبيا أكثر تجاه تأثيره المباشر في واقعه، "فبدل أن يفكر هو بتغيير هذا الواقع إلى واقع أكثر استقرارا يستسلم ويلجأ للتنبؤات التي يمكن أن تأتي هي إليه بواقع جديد".
ويقلل عتريسي من أهمية التنبؤات ويعتبر أن "القليل جدا من التنبؤات هي التي تصدق، وما سواها لا يجد طريقه إلى أرض الواقع ولكن يتم تسليط الضوء وإبراز وتعظيم التنبؤات التي تصدق ويتم إغفال ما سواها". ويشير إلى دور تمارسه وسائل الإعلام والشركات التجارية التي تسوق كتب المنجمين والإعلانات التي تعرض خلال برامج التنبؤات.
ولا يربط عتريسي بين ظاهرة التعلق بتنبؤات المنجمين وانحدار المستوى الاجتماعي والثقافي للمجتمعات، فالمسؤولية في ذلك على وسائل الإعلام التي تسعى لجعل هذه التنبؤات ظواهر غير عادية، وتقوم باستضافة المنجمين والترويج لتنبؤاتهم، ولولا ذلك لما كان هناك اهتمام كبير بما يقوله المنجمون وما يفعلونه.