تصريحات وزير الثقافة المصري.. حرية أم إساءة؟

من تقرير تصريحات وزير الثقافة المصري.. حرية أم إساءة (ندوة )
 
تصريحات وزير الثقافة.. حرية أم إساءة؟! عنوان ندوة نظمها مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز بالقاهرة يوم الثلاثاء 28/11/2006، وقد فشل المشاركون بها في الإجماع على إجابة مباشرة له، وإن حملت الندوة هجوما على وزير الثقافة المصري فاروق حسني  وعلى الحكومة، مطالبين بإقالة الوزير لأسباب كثيرة غير تصريحاته المناهضة للحجاب، ومحذرين من محاولات الحكومة التلاعب بالقوى السياسية من أجل إطالة بقائه وشغل الرأي العام عن قضايا أكثر أهمية حاليا.
 
اختلاف
وقال مدير مركز هشام مبارك للقانون أحمد سيف الإسلام حمد إنه لا يجوز التمييز بين الناس على أساس الدين أو الزي أو اللون أو غيرها، إلا أنه اعتبر أن تصريحات الوزير "تدخل في إطار حرية التعبير عن الرأي، خاصة أنه لم يمس كرامة المحجبات".
 
سيف الإسلام: تصريحات الوزير
سيف الإسلام: تصريحات الوزير

واستند سيف الإسلام في رأيه إلى حكم صادر عن المحكمة الدستورية المصرية في يناير/كانون الثاني 1995 قرر أن "حرية الرأي لا تحمي فقط الآراء الصائبة أو المتفقة مع التوجه العام في المجتمع، ولكن أساسا الآراء الخاطئة أو التي لا تلقى قبولا لدى الرأي العام"، داعيا إلى التسامح والتحمل، ومشيرا إلى أن المجتمع يعاني من قيود شديدة على الحرية.

 
بينما قالت أستاذة السياسة بجامعة القاهرة نادية مصطفى إن الحجاب في انتشار رغم تصريحات الوزير، معتبرة أن الأزمة الأخيرة ليست منقطعة عن السياسة فـ"الإصلاح ليس سياسة فقط، وإنما تقع في قلبه أبعاد ثقافية وحضارية ودينية، تجعل أمن هذا الوطن ليس الإصلاح السياسي فقط، وإنما نفتقد أيضا ما يمكن تسميته (أمنا حضاريا).. وإلا لن يكون إصلاحا رشيدا".
 
وأكدت د. نادية أن الوزير يتحدث من منظومة قيم معينة وليس مجرد رأي شخصي، مدللة على ذلك بقوله إن الحجاب خطر على الوحدة الوطنية وبتحذيره من صعود الإسلاميين للحكم، وأضافت "إذن هو يلعب سياسة هنا وليس رأيا شخصيا".
 
د. نادية مصطفى: الحجاب في انتشار رغم تصريحات الوزير (الجزيرة نت) 
د. نادية مصطفى: الحجاب في انتشار رغم تصريحات الوزير (الجزيرة نت) 

ووصفت الوزير بأنه "جاهل بأمور كثيرة، ومتخبط ومكابر، ويحاول أن يجد خط تراجع أمام الانتقادات، ويعرف أنها تخرج من جماهير الأمة وليس نخبها فقط".

 
رد الإخوان
وردا على اتهام نواب الإخوان بافتعال الأزمة، قال الأمين العام لكتلة الإخوان في البرلمان محمد البلتاجي "إننا كنا نرد على تطاول الوزير، وليس على حريته في رأيه، كما لا نسمح للمتدينين بوصف غير المحجبات بما لا يليق".
 
واعتبر أن التصريحات ليست مجرد رأي شخصي وإنما "تطاولا واعتداء لا يليق من وزير يجب أن يعبر عن ثقافة وقيم المجتمع، الذي أقسم على احترام دستوره، كما تطاول على علماء الأمة سلفا وخلفا بوصفهم (علماء 3 مليم)".
 
وأضاف أن الذي أبرز القضية هو الإعلام "وهو نفسه الذي بخسنا حقنا" في تناولنا لقضايا أخرى في البرلمان مثل إلغاء الطوارئ واستقلال القضاة وحبس الصحفيين.
 
تواطؤ المثقفين
وشهدت الندوة هجوما على المثقفين لتأييدهم الوزير، حيث اتهم رئيس تحرير جريدة الكرامة عبد الحليم قنديل المثقفين بالتواطؤ مع الوزير عندما أصدروا بيان "لا تستقل" بعد حريق بني سويف، وكذلك في بيانهم الأخير لتأييد الوزير، لأن الأمر ليس حرية التعبير وإنما "هناك شكوك أخرى".
 
أما الأديب "الإخواني" د. جابر قميحة فقد اعتبر أن الإسلام يدعو إلى الحوار أكثر مما يدعو إلى الإيمان، وتساءل "من هم المثقفون؟" وكذب تماما ما قاله البعض من أن بنات الإمام البنا لم يكن محجبات.
 
الوزير والنظام

المشاركون اتفقوا على الهجوم الضاري على الوزير والحكومة (الجزيرة نت)
المشاركون اتفقوا على الهجوم الضاري على الوزير والحكومة (الجزيرة نت)

واتفق المشاركون في الهجوم الضاري على الوزير والحكومة، إذ اعتبرت د. نادية أن "سياسة الوزارة برمتها أودت بكل ما هو جميل وذوقي إلى الحضيض".

 
ووصف قنديل الوزير بأنه "المسؤول المجسد لعدم مشروعية النظام، فهو ديناصور بقي 19 عاما في كرسيه ومرتبط بوزارة شهدت ملحمة النهب العام وهو أوسع نهب لثلاثة ملايين قطعة أثرية".
 
وقال سيف الإسلام إن "الجرائم التي ارتكبها فاروق حسني أكبر من التصريحات، فقد شهدت الوزارة العديد من الحرائق آخرها حريق مسرح بني سويف"، محملا الوزير المسؤولية الجنائية عن تلك الجرائم. وحذر من "نجاح التكتيكات الحكومية في جرفنا خارج قضايا الإصلاح السياسي وإحداث الشقاق بيننا"، واتفق معه البلتاجي قائلا إن "هناك أولويات تحتاج لمجهودنا والعودة بسرعة لها".
 
وكان الوزير فاروق حسني قد رفض الاعتذار عن تصريحاته التي أثارت جدلا واسعا، وذكر فيها أن "حجاب المرأة يمثل عودة إلى الوراء" وأن "النساء بشعرهن الجميل كالورود التي لا يجب تغطيتها وحجبها عن الناس".
المصدر : الجزيرة