دحلان: حماس لا تستطيع تكرار فوزها بالانتخابات البلدية

تصاعدت في الأيام الأخيرة حمى الحملات الدعائية للانتخابات التشريعية الفلسطينية المقرر إجراؤها الأربعاء القادم، في وقت تشير أحدث استطلاعات الرأي إلى تقلص الفارق بين حركة فتح وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ويرى مراقبون أن التشاحن الداخلي بين الحرس القديم والزعماء الجدد الذين يسعون للحصول على صلاحيات أوسع قد أضعف حركة فتح.
وقد أجرت الجزيرة نت لقاء مع القيادي البارز في فتح محمد دحلان لتسليط المزيد من الأضواء على تأثير هذه الخلافات على حظوظ فتح في الانتخابات وعلاقاتها مع حماس بعد هذا الاستحقاق السياسي ومسائل أخرى تهم المشهد السياسي الفلسطيني.
ما مدى تأثير الخلافات داخل فتح من الناحية السياسية ومن ناحية الاتفاق على القائمة الانتخابية على شعبيتها في أوساط الناخبين الفلسطينيين؟
دحلان: بالتأكيد للخلافات تأثير في أوساط فتح وليس في أوساط الناخبين، ولا يوجد خلافات سياسية داخل حركة فتح، ولكن نتيجة تأجيل الانتخابات الداخلية على مدى 15 سنة الماضية أثر ذلك سلباً على كادر الحركة، وبالتالي الانطباع العام عندما يكون خلافات داخل الحركة يؤثر سلباً على الجمهور، ولكن في الأسابيع الأخيرة الحركة تقدمت باتجاه العمل الميداني في الانتخابات بشكل سريع، وعلى الرغم أننا بدأنا الحملة الانتخابية متأخرين جداُ فإن النتائج التي نراها نتائج إيجابية. وتوقعات حماس في أن تحدث انتصارات مشابهة لانتصارات البلديات لن يحدث.
هل سيؤثر غياب الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات على نسبة الأصوات التي ستحصل عليها الحركة؟
دحلان: بالتأكيد إن روح الرئيس عرفات تؤثر في أجواء العمل الفلسطيني بكامله، وبصمات الرئيس عرفات لن تمحى بسهولة من ذاكرة ووعي الشعب الفلسطيني ولا نريد أن نمحوها، ولكن الحركة سارت بعد الرئيس عرفات وتسير، ونحن متأكدون سيتم إعادة تنظيمها بعد هذه الانتخابات على الرغم أننا نرى تحركات ايجابية من كل الكادر الفتحاوي على الرغم من أن الزمن قصير من أجل أن تدخل الانتخابات بطريقة تضمن نجاحاً للحركة.
هل ستتمكن فتح من تجميع صفوفها وتقديم برنامج سياسي موحد في البرلمان الفلسطيني القادم؟
" البرنامج السياسي لدى حركة فتح الذي أقر عام 1988 ثابت ولا خلاف عليه بين جيل الشباب وجيل الكبار " |
دحلان: البرنامج السياسي لدى حركة فتح لا خلاف عليه بين الصغير والكبير، ولا خلاف بين المتطرف في الحركة أو المتشدد أو الليبرالي أو جيل الشباب وجيل الكبار، أو من عادوا من الخارج أو من هم في الداخل، أو أبناء السجون، فلا يوجد خلاف سياسي داخل الحركة.
فالحركة التزمت بالبرنامج السياسي الذي أقر في الحركة في العام 1988، ثم أقر في المجلس التشريعي ثم أقر في المؤتمر الحركي الخامس، وهو دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين على أساس قرار 194، وهذا لا يوجد عليه خلاف داخل الحركة، وما يميز برنامجنا السياسي وضوحه وثبوتنا على تنفيذ هذا البرنامج.
فالرئيس عرفات صمد في كامب ديفد وثبت على هذا البرنامج، ونحن في برنامجنا الانتخابي في حركة فتح في الانتخابات الرئيسية ثبتنا على ذلك، ونحن ثابتون على ذلك حتى الآن، وحتى مجرد الخلاف على إجراء الانتخابات في القدس الشرقية، ثبتنا على ذلك في حين أن غيرنا قد اهتزت مواقفه وتراجع عن مواقفه المعلنة.
هل هناك أرضية سياسية يمكن أن تتفق فيها فتح مع منافستها حماس في المجلس التشريعي، وهل ستظل تتعامل بمنطق الهيمنة كما يتهمها خصومها؟
دحلان: نحن الآن قريبون جداً من حماس، بالعكس حركة حماس اقتربت من مواقف فتح السياسية بطريقة مذهلة وإيجابية، ونحن نثمن لها ذلك وهذا تطور نوعي في المفاهيم السياسية لحركة حماس، وانظر أين كانت مواقف حماس السياسية؟ في الماضي كانوا يتحدثوا عن تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، الآن في برنامجهم الانتخابي لم ترد هذه الجملة بالمطلق.
ثانياً الإشارة التي أعطتها حماس حول الانتخابات في القدس بضرورة أن تجرى الانتخابات بالقدس أو دونها. أيضاً كانت هذه سقطة سياسية كبيرة كان يجب أن لا تقع فيها حركة حماس.
وفي الأشهر الأخيرة استشهد من أبناء حركة حماس الكثيرون ولم ترد، والتزمت بالهدنة، وإسرائيل تعترف علناً أن حماس تلتزم بالهدنة، وهذا سياسياً يعني أن حماس تقرب من البرنامج السياسي لحركة فتح.
فيما يتعلق في موضوع أن فتح تتعامل بمنطق الهيمنة، فهذا غير صحيح لسبب بسيط، وأنا هنا أتوجه للإخوة في حركة حماس، متى كنا نرغب في الهيمنة ونحن الذين بادرنا في العام 1996 بمحاولات حثيثة لإقناع حماس بالدخول في الانتخابات والمشاركة في الحكومة، وقبل ذلك أنا شاركت مع الرئيس عرفات في مفاوضات حثيثة في السودان بوجود الدكتور حسن الترابي من أجل دخول حماس في المنظمة ورفضوا، وفي العام 1996 رجوناهم للدخول في الانتخابات ورفضوا، ثم عرضنا عليهم تشكيل حكومة وحدة وطنية ورفضوا، وبالتالي نحن ليس لدينا ترف السيطرة والهيمنة ولكن حركة حماس رفضت المشاركة، ونشكر الله على أنهم وافقوا أخيراً على الدخول في الانتخابات، ويطالبون بالدخول في المنظمة، وإن شاء يطالبون في الدخول في الحكومة ونحن سنرحب بهم.
هل هناك شروط ومتطلبات ترى حركتكم أن على حماس الوفاء بها لإدماجها في حكومة فلسطينية مقبلة؟
" |
دحلان: الأمر ليس بالإدماج والاندماج، هناك شروط للعبة لا تستطيع حماس أن تكون في السلطة والمعارضة، من يدخل في المجلس التشريعي دخل في السلطة، ولا تستطيع أن تكون جزءً من السلطة وجزءاً من المعارضة، ولا تستطيع أن تمارس ممارسات المعارضة وأنت في السلطة، وكل طرف عليه واجبات وله حقوق، واللعبة القديمة أن السلطة تكون محطة للضرب من كل الجهات هذا سينتهي، حماس تفعل ما يحلو لها وتدفع السلطة الثمن فهذا لن يحدث، وإسرائيل تعمل ما يحلو لها والسلطة تدفع الثمن هذا لن يحدث فكل طرف عليه واجبات وله حقوق، ونحن نرحب بهذه الشراكة السياسية، ونحن الذين اخترعنا فكرة الشراكة السياسية من العام 1996م ولا زلنا متمسكين بهذا الموقف وهم الذين رفضوا والآن يوافقون ولذلك الباب مفتوح.
وما هي إذاً حقوق حماس بعد مشاركتها في التشريعي؟
دحلان: الناخب الفلسطيني هو من يعطيها هذا الحق، هو الذي يقرر حجم حركة حماس في المجلس التشريعي، وأنا لا أكترث بالحجم الذي ستحصل عليه حماس في المجلس التشريعي، سواء كان قليلاً أو كبيراً المهم كيف نستطيع أن ندير شؤون الشعب الفلسطيني بعيداً عن الشعارات والأكاذيب وأن نواجه الحقائق كما هي.
ما هي أولى أولويات حركتكم في المجلس التشريعي المقبل؟
دحلان: أولوياتنا أن نراعي شراكة سياسية حقيقية قائمة على أسس سليمة وقوية ومتينة، ثانياً أن نتجنب أخطاء الماضي وأن نطور إيجابيات الماضي، وأن نقيم حكومة قوية قادرة على مواجهة الصعاب، وأن نعد العدة لمفاوضات سياسية شاقة مع الجانب الإسرائيلي، وأن نولي اهتماماً بالعائلات الفقيرة والأسرى وأسر الشهداء، ولجلب دعم دولي لإعادة بناء ما دمره الاحتلال، ولفتح فرص جديدة لاستيعاب كل أو معظم الخريجين الفلسطينيين، ونحن لدينا برنامج منطقي واضح سياسياً منذ سنوات، ولن نغيره، ولكن اجتماعياً سيكون هناك انكباب حول الوضع الداخلي، وعلى رأس هذه الأولويات هو استعادة الوضع الأمني والسيطرة الأمنية التي فقدت في الشارع الفلسطيني لأسباب كثيرة أولها تدمير إسرائيل لكل منجزات السلطة الفلسطينية، ولمراكزها الأمنية، وثانياً أن كل الفصائل قد شاركت في هذا التدمير، ولم يقصر أحد في تدمير السلطة.
ألا تعتقد أن عدم انفراد أي كتلة بالحصول على الأغلبية، حسب ما أظهرته استطلاعات الرأي فيه مصلحة وطنية، وذلك انطلاقاُ من أن التجربة السابقة اتهمت بها حركة فتح بالتفرد في القرار الفلسطيني؟
دحلان: نحن نريد مع الكتل التي ستدخل الانتخابات، وبالتأكيد أن فتح ستأخذ أغلب المقاعد، ومن يأخذ أغلب المقاعد سيكلف من قبل الرئيس أبو مازن بتشكيل الحكومة، ونحن سنسعى إلى تشكيل حكومة عريضة، لا فيتو على أحد ولكن شرط واجبات وحقوق.
ما حدود الاتفاق والاختلاف بين برنامجكم وبرنامج حماس؟
دحلان: لا يوجد برنامج واضح لحركة حماس سوى شعارات، وحماس لها برنامج فضفاض ووهمي باستثناء نقطة واحدة أنهم ألغوا فكرة فلسطين التاريخية. وأنا بهذا لا أهاجم حركة حماس ولا أشخاصا في حركة حماس، أنا وضحت مواقف كان يجب أن توضح.
" دحلان يؤكد أن حركة حماس ليس لديها برنامج واضح بل مجرد شعارات باستثناء نقطة واحدة أنها ألغت فكرة فلسطين التاريخية " |
وحين يقولون أن السلطة أقصت حماس وأنا دللت على أن السلطة لم تقص أحداً في العروض التي عرضتها، لكن أعطيني اسم موظف من حركة فتح يعمل بالجامعة الإسلامية أو أعطني اسم موظف ليس من حماس يعمل في الجامعة الإسلامية حتى وإن كان عبقرياً، فإن لم يكن من حماس لا يوظف، حين أذكر مثل هذه الحقائق فإنهم يعتبرونها هجوما، ولكن أنا واجبي كفتحاوي أن أوضح هذه المواقف للجمهور الفلسطيني.
أنا وضحت مواقف فتح والسلطة والظلم الذي وقع على السلطة، وألقيت إضاءات على مواقف حماس لربما لا يعرفها الجمهور أو نسيها، وأنا أتحدى الجميع إذا قلت كلمة واحدة غير صحيحة، واتحدى الجميع إذا أسأت لأي شخص في حركة حماس، على الرغم من أنهم يتناولونني على المستوى الشخصي منذ سنة 1982 منذ أن كنت طالباً في الجامعة الإسلامية. ولكن إذا اعتقدوا أني كفتحاوي لن أكون فتحاويا شرسا في الدفاع عن فتح سيكونون مخطئين، فأنا استثمرت كل حياتي وحياة آلاف من الشهداء في فتح، وفتح أعظم ظاهرة أنتجها الشعب الفلسطيني.
ــــــــــــــ
الجزيرة نت