هل تفتح تصريحات خدام الطريق لاستجواب الأسد؟

الرئيس المنتهية ولايته للجنة التحقيق الدولية باغتيال رفيق الحريري القاضي الألماني ديتليف ميليس كرر في أكثر من مقابلة بعد تقديم تقريره الثاني يوم 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي أن المرحلة القادمة من عمل اللجنة ستكون "سورية بامتياز".
وتشخيص ميليس لهذه المرحلة لا يأتي فقط من تمحور تقريره الثاني حول ضعف تعاون دمشق مع لجنته, بل من التوصية الواردة في تقريره والتي تدعو لتوقيف الضباط الكبار الخمسة الذين استجوبهم محققو ميليس في فيينا يوم 7 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
" مع تفجير خدام لقنبلته السياسية من باريس قبل يوم من انتهاء العام الماضي, أصبح بحوزة الرئيس الجديد للجنة القاضي البلجيكي سيرج براميرتس مادة أكثر دسامة من شهادتي محمد زهير الصديق وهسام هسام المثيرتين للجدل " |
ومع تفجير عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري لقنبلته السياسية من باريس قبل يوم من انتهاء العام الماضي, أصبح بحوزة الرئيس الجديد للجنة القاضي البلجيكي سيرج براميرتس, مادة أكثر دسامة من شهادتي محمد زهير الصديق وهسام هسام المثيرتين للجدل.
فأمام براميرتس الذي يتوقع أن يتسلم مهامه بعد أسبوعين, شهادة إضافية من نائب رئيس جمهورية منشق, وليس مجرد بلاغات مشكوك بمصداقيتها, قدمها مجند فار, ومخبر كان يعمل تحت ستار مزين رجالي.
جديد خدام
وقبيل البحث في الشهادة المحتملة، قال خدام في التصريحات المواكبة لانشقاقه ما يعزز المعلومات والاستنتاجات التي أتى بها تقرير ميليس الأول.
فهو أكد وجود العلاقة السياسية المتوترة بين الحريري والقيادة السورية قبل شهور من الاغتيال، الأمر الذي يدعم مضمون الإفادات التي قدمها بهذا الخصوص الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط ومساعده الوزير مروان حمادة والنائب والصحفي الذي اغتيل أواسط الشهر الماضي جبران تويني.
وزاد خدام بقوله إن رئيس الجمهورية بشار الأسد كان قد هدد الحريري قبل شهور من حادثة التهديد الشهيرة عشية التمديد للحود، والتي نفتها دمشق.
وفي الإطار ذاته قطع خدام الشك باليقين حول هوية الجهات التي حرضت الأسد على الحريري، وسمى بينها الرئيس إميل لحود وأجهزته الأمنية ورئيس الأمن العام السابق الموقوف على ذمة القضية اللواء جميل السيد.
وفي موضوع التهديدات الواردة للحريري من طرف رئيس جهاز الاستخبارات رستم غزالي، أكد خدام وقوعها مضيفا إليها معلومات غير شائعة تتعلق بحيازة غزالة 35 مليون دولار من بنك المدينة اللبناني وبنائه قصرا وسوقا في قريته السورية.
أهمية الشهادة
على ضوء ذلك, يلح السؤال حول الاتجاه الذي ستسلكه تحقيقات براميرتس: هل هو نحو التحقق من صحة معلومات خدام أو البحث في تسليم الضباط الخمسة.
في رده على السؤال يقول أستاذ القانون الدولي بالجامعتين الأميركية واللبنانية د. شفيق المصري للجزيرة نت، إن المعلومات التي تقدم بها خدام تهم لجنة التحقيق التي ينتظر أن تعتبره شاهدا من دون أن تتدخل بالشؤون الأخرى المتعلقة بما قاله عن النظام والإصلاح.
" يؤكد الأكاديمي شفيق المصري أن طلب اللقاء مع الرئيس الأسد حول موضوع الاغتيال بدأ أصلا مع رئيس لجنة تقصي الحقائق الإيرلندي بيترفتزجيرالد " |
ويضيف أن معلومات خدام "تكتسب في هذه الحالة أهمية لأنها أولا تتعلق بشكل مباشر في خلفيات جريمة الاغتيال وفي الحديث الذي تبعها بين خدام والأسد، ولأنها ثانيا تصدر عن شخص كان مسؤولا بقلب النظام السوري ورافق تطورات الملف اللبناني بشكل يومي تقريبا, وثالثا لأنها تتعلق بشخصيات بينهم مسؤولون سوريون وردت أسماؤهم بالتحقيق".
وفي رد على سؤال حول ما إذا كان يعني أن تصريحات خدام ستفضي إلى استجواب الأسد، قال المصري إن" لقاء اللجنة –ولا أقول استجواب- الرئيس السوري إذا ما حلت مشكلة الحصانة, أصبح أكثر من ضروري من أجل الحصول على معلوماته حول كافة المعلومات التي أوردها خدام".
الشهادة تقنيا
ويوضح المصري "تقنيا إذا قدم شخص ما شهادة يصبح مطلوبا لمطابقة تلك الشهادة مع شهادة الشخص الآخر إذا كان معنيا".
ويؤكد المصري أن طلب اللقاء مع الرئيس الأسد حول موضوع الاغتيال بدأ أصلا مع رئيس لجنة تقصي الحقائق الإيرلندي بيترفتزجيرالد، مذكرا بأن خدام "أكد تكرارا وجوب انتظار نتائج التحقيق".
ويبدو أن تنبؤات ميليس حول المرحلة القادمة في طريقها للتحقق جارفة في طريقها ربما وللمرة الثانية (بعد سابقة استجواب لحود) أكثر الخطوط الحمر المعمول بها عربيا, وهو خدش قداسة مقام الرئاسة.
ـــــــــــــــــ
الجزيرة نت