انتقادات واسعة لتشديد ولاية ألمانية شروط التجنس للمسلمين

حفل زواج بأحد مساجد شتوتجارت عاصمة ولاية بادن فورتمبرج

 

 
وجهت شخصيات سياسية بارزة ومنظمات إسلامية في ألمانيا انتقادات حادة لإعلان وزارة الداخلية المحلية في ولاية بادن فورتمبرغ عزمها تشديد شروط التقدم للحصول على الجنسية الألمانية بالنسبة للمسلمين المقيمين في الولاية.
 
وقالت الوزارة المحلية في بيان إن الإجراءات الجديدة للحصول على الجنسية الألمانية ستطبق من يوم الأحد وستقتصر فقط على مسلمي الولاية القادمين من سبعة وخمسين دولة إسلامية.
 
وأشارت الوزارة إلى أن هذه الإجراءات تشمل إجابة المتقدمين المسلمين كتابيا على قائمة مكونة من ثلاثين سؤالا واستجوابهم شفهيا لمدة تتراوح بين ساعة أو ساعتين للتعرف على قناعتهم السياسية وتوجهاتهم الفكرية لتحديد توافقها أو تعارضها مع الدستور الألماني.
 
وتتعلق الأسئلة بمواقف المسلمين الراغبين في التجنس تجاه عدد من القضايا الرئيسية مثل المساواة بين الرجل والمرأة والحرية الدينية والسماح للتلميذات المسلمات بالمواظبة على حضور حصص الرياضة والسباحة بالمدارس الألمانية وتعدد الزوجات والحجاب وهجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول والشذوذ الجنسي.
 
وفي تعليق على الإجراءات المشددة التي ستشرع وزارته في تنفيذها اعتبر هيربرت رش وزير داخلية ولاية بادن فورتمبرغ أن الهدف من استجواب المسلمين المتقدمين للحصول على الجنسية هو التأكد من ولائهم للدستور الألماني ومبادئ الديمقراطية والحرية المعمول بها في البلاد.
 
وأبدى الوزير المنتمي إلى الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم في الولاية تشككه في تحقيق الإجراءات الجديدة للنتائج المرجوة منها، وأكد أن كل متقدم سيثبت عليه بعد منحه الجنسية الألمانية تقديمه إجابات أو معلومات خاطئة ستسحب منه الجنسية حتى ولو مر على حصوله عليها عام كامل.
 
من جانبه أوضح ديتر بيللر رئيس إدارة الأجانب ببلدية شتوتغارت عاصمة بادن فورتمبرغ أن المتقدمين عليهم الإجابة فقط بنعم أو لا عن الأسئلة المكتوبة، ولفت إلى أن الاستجواب الشفهي لكل متقدم سيتم تسجيله حرفيا لتقوم بعد ذلك لجنة خاصة برفض تجنيس الأشخاص الذين يثبت عليهم عدم الولاء لمبادئ الدستور والقوانين الألمانية.
 

undefined

تعامل حذر
بدورها تعاملت بعض الولايات الأخرى بحذر مع قرار ولاية بادن ونأت حكومات الولايات الأخرى المحكومة من الأحزاب المسيحية بنفسها عن الخطوة التي أقدمت عليها حكومة ولاية بادن فورتمبرغ.
 
وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية في ولاية بافاريا -المعروفة بتشددها تجاه الأجانب لاسيما المسلمين- أن ولايته ليست بحاجة لتحذو حذو بادن فورتمبرغ لأنها أوكلت منذ ثلاثين عاما إلى هيئة حماية الدستور -الأستخبارات الداخلية- مهمة التحري حول خلفيات كل أجنبي مقيم بالولاية حال تقدمه للحصول على الجنسية الألمانية.
 
وقالت وزارتا الداخلية في ولايتي شمال الراين وسكسونيا السفلى إن حكومتي الولايتين تعتبران أن القواعد الحالية لاختبار ولاء الساعين للتجنس للدستور الألماني كافية ولا مبرر لتشديدها بالنسبة لفئة واحدة من الأجانب.
 
وفي تصريح للجزيرة نت قال رئيس المجلس الإسلامي الألماني على كيسلكايا إن اقتصار ولاية بادن فورتمبرغ في تطبيق شروطها المشددة للحصول على الجنسية الألمانية على المسلمين فقط يعد إجراء غير دستوري وإهانة بالغة وجرحا لمشاعر الأقلية الألمانية المسلمة كلها وتكريسا للصور النمطية السلبية السائدة ضدها.
 
وتوقع كيسلكايا أن تؤدي الإجراءات الجديدة لتوسيع الفجوة وزيادة عوامل عدم الثقة وسوء الظن بين المسلمين والمجتمع الألماني.
 

undefined

رفض المعارضة
المعارضة الألمانية من جهتها تلقفت هذا القرار بالرفض وهاجمت الإجراءات الجديدة وتوقعت أن تواجهها بالمحاكم الألمانية سلسلة من الدعاوى القضائية.
 
وأعتبر وزير داخلية ولاية برلين إيرهارت كورتينغ العضو في الحزب الاشتراكي الديمقراطي أن استهداف المسلمين وحدهم بالإجراءات الجديدة دون باقي الأجانب يعد مظهرا صارخا للتمييز الديني والعرقي وتهديدا لأجواء التعايش السلمي في المجتمع الألماني.
 
كما احتج فولكر بيك المدير العام للكتلة البرلمانية لحزب الخضر في البرلمان الألماني على معاملة المسلمين وحدهم بمعايير مختلفة عن المعايير المتبعة مع المنتمين للأديان الأخرى، ورأى أن الإجراءات الجديدة تدلل على وجود تيار داخل الأحزاب المسيحية في ألمانيا يهدف إلى وضع الأقلية الألمانية المسلمة كلها في دائرة الاشتباه العام.
 
يشار إلى أن القواعد المعمول بها حاليا في جميع الولايات الألمانية تشترط في الأجانب المتقدمين للحصول على الجنسية الألمانية أربعة شروط هي الإقامة في ألمانيا لمدة ثماني سنوات متصلة وتوافر عمل يتيح مصدر دخل ثابت وإتقان أساسيات اللغة الألمانية والتعهد باحترام القوانين والنظام المعمول بها في ألمانيا.
 
ووفقا للإحصائيات الرسمية بلغ عدد المتقدمين للتجنس في ولاية بادن فورتمبرج في العام الماضي ألفي شخص أغلبهم من المسلمين، وسمحت سلطات الولاية بتجنيس معظم المتقدمين ورفضت ما يتراوح بين 5- 10% منهم.
 
من جهتها رفضت الجمعية الأوروبية للأكاديميين الأتراك الإجراءات الجديدة ورأت أن الأسئلة الموجهة للمسلمين الراغبين في التجنس تحمل في طياتها تمييزا عنصريا ضدهم سيؤدي إلى الإضرار بمحاولات دمجهم في المجتمع الألماني.
_________________
مراسل الجزيرة نت
المصدر : الجزيرة

إعلان