هدم منازل المستوطنين بين الدافع الديني والبعد السياسي

تهديم المستوطنات اليهودية من قبل الجيش الإسرائيلي
 
يراقب العالم وباهتمام بالغ عملية الانسحاب الإسرائيلي من المستوطنات اليهودية في قطاع غزة وكذلك من أربع تجمعات استيطانية معزولة في الضفة الغربية.
 
ورغم أهمية هذا الانسحاب وهو الأول من أراض يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها وينهي احتلالا إسرائيليا استمر 38 عاما، فإن بعض الأحداث التي تخللته أثارت الكثير من التساؤلات.
 
أولا وقبل الخوض في هذه التساؤلات لابد من الإقرار بأن ماكنة الدعاية الإسرائيلية نجحت إلى حد كبير في الدعاية لعملية الانسحاب في محاولة لتبييض صورة إسرائيل أمام الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا، كما أنها نجحت نوعا ما في كسب التعاطف الدولي مع المستوطنين من خلال نقل مشاعرهم أثناء عملية الانسحاب بطريقة درامية مبالغ فيها.
 
ويرى معظم المحللين أن إسرائيل أرادت من ذلك أن تسوق للعالم فكرة أنها قدمت تنازلات مؤلمة للفلسطينيين من أجل عملية السلام وعلى الفلسطينيين أن يدفعوا الثمن في وقت لاحق بتقديم تنازلات مقابلة.
 
غير أن المحلل السياسي الفلسطيني د. إبراهيم أبراش يرى أن مشاعر بعض المستوطنين كان لها بعدا آخر غير الدعاية وهو البعد العقائدي لأن العديد منهم يؤمنون بأنهم يقومون بواجب ديني للدفاع عن إسرائيل.
 
صور أخرى نقلتها عدسات التلفزة العالمية لعمليات هدم المستوطنين اليهود لمنازلهم وتحويلها إلى ركام وعلى نحو استفرازي أثارت بدورها تساؤلات من نوع آخر. فهل أن الغرض من ذلك –كما يبدو من الوهلة الأولى- هو حرمان الفلسطينيين الذين قد يقيمون فيها مستقبلا من الاستفادة منها؟ أم أن لهذا التصرف دوافع دينية أو سياسية أخرى؟
 
خروج المستوطنين وهدم منازلهم يمثل بلا ريب سابقة مهمة لأنه يبقي الجيش الإسرائيلي وحده وسط الأبنية الفارغة مما يعطي وجوده هناك بعدا احتلاليا، كما  يقول د. إبراهيم أبراش. ويرى أن هدم المنازل وتركها أرضا محروقة هو رسالة احتجاج من المستوطنين إلى حكومة أرييل شارون يتهمونها فيها بالتخلي عن وعودها بأن الاستيطان جزء من وصية توراتية.
 
كما أن المستوطنين لا يرغبون –كما يرى المحلل السياسي الفلسطيني طلال عوكل– في أن يمنح مشهد بقاء المنازل الإسرائيلية وسط معالم بارزة أخرى مثل القبور والكنس اليهودية الشعور بالانتصار لدى الفلسطينيين.
 
هدم المنازل لا يخلو كذلك –وبحسب عوكل- من جوانب إيجابية للفلسطينيين الذين تعد كثافتهم السكانية في غزة الأعلى في العالم، وبالتالي فإنهم بحاجة لاستثمار الأماكن التي يخليها المستوطنون لبناء أبراج تتسع لآلاف السكان.
 
ويشير المحلل السياسي الفلسطيني في هذا الصدد إلى مشروع بناء ثلاثة آلاف وحدة سكنية في مستوطنة موراغ لوحدها -الذي تكفل رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بتمويله- في حين أن مستوطنات غزة كلها لم تكن تضم مثل هذا العدد من الوحدات السكنية.
ــــــــــــــــ
الجزيرة نت
المصدر : الجزيرة

إعلان