مهدي عاكف يشترط للحوار مع واشنطن موافقة القاهرة
محمود جمعة-القاهرة
نفى المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر أن تكون هناك اتصالات مع الولايات المتحدة في الوقت الراهن، لكنه أشار إلى إمكانية ذلك بشرط أن تتم عبر القنوات الرسمية وبحضور ممثلين للخارجية المصرية.
وألمح محمد مهدي عاكف في حوار مع الجزيرة نت إلى إمكانية تشكيل الجماعة حزبا سياسيا مدنيا حينما تسمح الظروف، نافيا العزم على التصعيد ضد النظام المصري رغم استمرار حملات الاعتقال بين أعضاء وأنصار الجماعة. وفيما يلي نص الحوار:
هل تعتبرون تصريح وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي انتقدت فيها اعتقال كوادركم إشارة إيجابية لكم؟
لا.. نحن لا نعتبرها إشارة إيجابية.. ولكن الإيجابي من وجهة نظرنا هو عندما تكف الولايات المتحدة أيديها عن اضطهادها للمسلمين في كل بلاد العالم، في العراق وفلسطين وأفغانستان، وبشكل عام فالإخوان ليسوا لعبة ينتظرون إشارات من كوندوليزا رايس أو حتى من بوش.
فلو كان لديهم (الأميركيين) عدل أو رؤية صحيحة، وهم يمتلكون بالفعل هذه الرؤية ولكن لا يريدون إنفاذها، هم فقط ينفذون ما يرونه محققا لمصلحتهم، لو كانوا كذلك لتحلوا بالصدق.
فعندما اعتقل الأمن المصري ثلاثة أو أربعة من أنصار حركة كفاية هاج الرئيس الأميركي وماج، وعندما اعتقل 3000 من الإخوان منهم 1000 في السجون الآن لم ينطق بوش ببنت شفة.
الوطنية والإصلاح
البعض يرى أنكم تبعثون برسائل للخارج من خلال هذه المظاهرات ولا تخاطبون الداخل؟
هذا غير صحيح وسبق أن اتهمونا بأننا على اتصال بأميركا، (الرئيس المصري) حسني مبارك ذكر أن لديه معلومات أكيدة أننا على اتصال بأميركا، وأنا أطلب منه أن يراجع أجهزته التي تكذب عليه، لأننا لا نتصل بأميركا بأي شكل من الأشكال.
نحن نتصل بكل الناس، ونحاور كل الناس إلا الحكومات، فالحكومات التي تريد أن تحاورنا أو تتصل بنا، فإن ذلك لن يتم إلا عن طريق وزارة الخارجية المصرية، لا لشيء إلا احتراما للوطنية المصرية واحتراما للاستقلال الوطني.
وإلى أي مدى لديكم استعداد للحوار مع واشنطن ولندن حول قضايا الإصلاح؟
يدنا ممدودة للحوار مع كل مراكز الأبحاث والعلماء، ولكن عندما تريد الحكومة الأميركية أن تحاورنا فليس لدينا مانع، ولكن بشرط أن يتم ذلك من خلال وزارة الخارجية المصرية.
لماذا الإصرار على هذا الشرط التعجيزي والدولة لا تعترف بكم وتعتبركم جماعة محظورة؟
الدولة حرة في تعاملها معنا، ولكن نحن نحافظ على مبادئنا وقيمنا وأخلاقنا، وكون الحكومة والنظام لا يحافظ على هذه القيم والمبادئ فهذا شأنهم ولا شأن لنا.
ما هو موقفكم من الإدارة الأميركية؟
نحن لن نمد أيدينا للولايات المتحدة، فإذا هي مدت يدها فأهلا وسهلا، لكن نحن لا نمد أيدينا لأحد خصوصا أميركا، ونحن ننظر لعلاقتنا بها نظرة متكاملة وحزمة متكاملة من السياسات، لا بد أن نتفاهم حولها كاملة.
إذن لا توجد أية اتصالات بين الجماعة والإدارة الأميركية؟
لا توجد بيننا وبين أميركا أية اتصالات من أي نوع.
ملامح الإصلاح
ما هي ملامح الإصلاح الذي تنشده الجماعة؟
الحريات.. إطلاق الحريات لهذه الأمة وإلغاء قانون الطوارئ وإطلاق حرية تشكيل الأحزاب، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وإلغاء كل القوانين الاستثنائية، والمحاكم العسكرية والاستثنائية، واحترام حقوق الإنسان.
هذه هي بداية الإصلاح، فإذا تم ذلك يمكن أن نكمل طريق الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي والإعلامي، لكن في ظل هذا الاستبداد والظلم وأجهزة الأمن التي تمارس التجبر والطغيان، فلا إصلاح.
ما هو تقييمكم للاستفتاء الأخير على تعديل الدستور المصري؟
نحن نعتقد أنه لم يكن هناك استفتاء، بل كان هناك كذب في كذب، وهم قد أعلنوا النتيجة وحدث ما حدث، وهذا أمر لا شأن لنا به، نحن من جانبنا قاطعنا الاستفتاء لعدم اقتناعنا به.
هل ثبت لديكم حدوث تزوير في نتائج الاستفتاء؟
نحن لم نذهب للمشاركة في الاستفتاء ولا لمراقبته، ويمكنك أن تسأل الذين قاموا بالإشراف على الاستفتاء، أما نحن فلم يكن لدينا صحفيون أو خبراء لتقصي الحقائق.
الحوار مع الحكومة
إلى أين وصل حواركم مع الحكومة؟
هو الآن متوقف.
لماذا؟
يمكن أن تسألهم… نحن نمد أيدينا ونفتح قلوبنا وعقولنا، ونقول لا حياة لهذه الأمة بدون الحوار، وهم مع ذلك يغلقون الباب، ويعتقلون أعضاء الجماعة، وحتى الآن وصل عدد المعتقلين إلى 3000 معتقل، مازال نحو 1000 منهم معتقلا حتى الآن، ولا أدري لماذا؟
لماذا تصرون على الحوار رغم حملات الاعتقال التي تتعرضون لها؟
لأننا قوم عقلاء.. ولا همّ لنا إلا مصلحة هذه الأمة، وكل ما يؤدي إلى إصلاح هذه الأمة ومنفعتها نقوم به، وليس لنا مطالب خاصة، بل كل مطالبنا لحماية الشعب، وإذا كان النظام في يده كل أدوات الاستبداد هذه، فما المانع من أن ندعوه إلى أن يتقي الله ويحاور شعبه، ويصل معهم إلى اتفاق حول مراحل الإصلاح، نحن أصحاب دين ودعوة ورسالة نبلّغها للناس، وليس لنا مآرب أخرى.
هل تعتقد أن النظام يعاني من أزمة خانقة؟
ما في ذلك شك… إذا كان النظام يحمل مصداقية ويحمل منهجا، فلا يهاب الآخرين، والمفروض أن يحاور الآخرين ويقول كل طرف ما عنده، وأن يحتكموا للعقل والمنطق لمصلحة الأمة.
لكن نظاما كهذا ليس له إلا يد البطش والسجن والاعتقال، فهو نظام فاشل ولا مصداقية له، وليس عنده أجندة يعمل من خلالها ويحاور شعبه على أساسها، إنه نظام يخضع لكل القوى الأجنبية ولا يخضع لشعبه.. يتحاور مع كل الناس ولا يتحاور مع شعبه، فأي نظام هذا..؟
إذن لماذا تتحاورون معه؟
نحن لم نعلن أبدا أننا نتحاور مع النظام.. ولا هم بدؤوا معنا حوارا.. فهل معنى أننا تحدثنا مع رجال الأمن حول تسيير مظاهرة هنا أو هناك أننا نكون بصدد حوار مع النظام؟ إن هذا ليس حوارا.. لأن قضيتنا سياسية وليست أمنية.
هل تنوون التصعيد ضد الحكومة إذا ما استمرت في حملات الاعتقال؟
نحن لن نُصعّد ضد أحد.. نحن فقط نقول الحق وندعو له بكل الطرق والوسائل.
وإلى أي مدى يمكن أن تُصعّد الجماعة معارضتها ضد الحكومة؟
نحن لا نُصعّد ضد الحكومة، بل الحكومة هي التي تُصعّد ضدنا.. لماذا تقلبون الحقائق؟
الانتخابات والرئاسة
هل قررتم ترشيح أحد لانتخابات رئاسة الجمهورية؟
لا لم نقرر ترشيح أحد.
لم تقرروا بعد أم لن ترشحوا أحدا؟
لن نرشح أحدا في هذه الانتخابات.
هل يمكن أن تكرروا تجربة التحالف مع أحزاب قائمة لكي تلتفوا على شروط الترشيح التعجيزية؟
هذا جائز.
لماذا تعزل الجماعة نفسها عن تكتل أحزاب المعارضة واجتماعاتها؟
نحن لم ننعزل ولكن هم الذين يعزلون أنفسهم، ورغم كل ما فعلوه بنا فإننا مستعدون للتعاون والتنسيق معهم، فنحن أصحاب أجندة مكتوبة، من يتعاون معنا فيها فمرحبا به أيا كان.
هناك من يرى أن الجماعة في أضعف حالاتها وأنها قدمت مبادرات للحوار مع النظام لأنها شعرت بهذا الضعف؟
من يردد مثل هذا الكلام لا يعرف ما هي الجماعة، فهل هذه الجماعة التي تقف كل هذه المواقف هي في أضعف حالاتها؟ هل نرضخ لأنهم اعتقلوا 1000 عضو؟ لا.. إنهم سبق واعتقلوا خمسة آلاف.
لماذا تنازلتم إذن عن شعار "الإسلام هو الحل" وهو شعاركم الأشهر، واكتفيتم بمجرد الإصلاح السياسي مثل الآخرين؟
الإصلاح من وجهة نظرنا يعني أن "الإسلام هو الحل" لأننا ندعو إلى الإصلاح وفق مبادئ ثابتة وواضحة.
حزب سياسي
ولكن هناك تيارا إصلاحيا داخل الجماعة يدعو إلى إنشاء حزب سياسي فما رأيكم؟
لا توجد تيارات داخل الجماعة، فالجماعة إما تقرر أو لا تقرر، ولكل أن يقول رأيه، لأن الجماعة مؤسسة شورية على أعلى مستوى، ومن لديه رأي فليقل، ونحن لا نتحفظ على إقامة حزب سياسي له مرجعية إسلامية.
هل يعني ذلك أنكم بصدد إنشاء حزب سياسي؟
عندما تسمح الظروف سوف نعلن حزبا سياسيا.
وما هو شكل هذا الحزب؟
هو حزب مدني مثل أي حزب، له منهاجه وبرنامجه المكتوب.
وأين موقع الأقباط في هذا الحزب؟
الأقباط سيكونون أعضاء في الحزب، وكل من يؤمن بمنهج الحزب وبرنامجه سواء كان مسلما أو نصرانيا أو يهوديا، فمرحبا به.
أنتم تخشون من تشكيل حزب سياسي لأنكم لا تمثلون الأغلبية في الشارع المصري، ما تعليقكم على هذه المقولة؟
نحن لا نقول أننا نمثل الأغلبية في الشارع، ولا نريد أن نمثل الأغلبية في هذا الشارع، لأننا لو كنا الأغلبية فسوف يعني ذلك إضعاف كل الأحزاب، بل نحن نمثل فصيلا من الشارع لا نعرف حجمه أو عدده، لكنه لا يمثل الأغلبية.
___________________
مراسل الجزيرة نت