هل يطيح رصاص الإسرائيليين بالتهدئة؟

لم يمض أكثر من شهر واحد على إعلان فصائل المقاومة الفلسطينية موافقتها على الالتزام بالتهدئة التي خرجت عقب اجتماعات مطولة بالقاهرة، ولكن المؤشرات السياسية تذهب كل يوم باتجاه تزايد الاحتمالات بانهيار هذه التهدئة الهشة قبل بلوغ نهاية العام الجاري، وهو السقف الزمني الذي حددته المقاومة الفلسطينية لها.
وحسب المراقبين تجاوز عدد الخروقات الإسرائيلية لشروط التهدئة حتى الآن 100، فلا يكاد يمر يوم دون حدوث اجتياح لمدينة فلسطينية أو هدم بيت في قرية أو حي أو اعتقال أو اغتيال عدد من أبناء الشعب الفلسطيني.
فصائل المقاومة الفلسطينية حذرت طيلة الشهر من سعي الحكومة الإسرائيلية لتدمير التهدئة، من خلال خرقها للشروط التي اتفق عليها، لكن هذا "الإدراك" لم يمنعها من التهديد بالمبادرة بنسف التهدئة إذا استمرت الخروقات الإسرائيلية.
في هذا السياق يؤكد الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" سامي أبو زهري في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت "سنكون في حل من التهدئة إذا استمرت الخروقات الإسرائيلية للشروط المتفق عليها"، وإن كانت الخروقات الإسرائيلية قد أخرجت بعض قادة المقاومة في بعض الأحيان عن طورهم ودفعتهم للإعلان عن انهيار التهدئة قبل أن يعودوا ويتراجعوا عن إعلانهم.
وتفهم فصائل المقاومة الفلسطينية التهدئة على أنها اتفاق على خفض وتيرة العمل الميداني الموجه ضد إسرائيل، ولكن ذلك لا يلغي حقها بالرد على أي انتهاك تقوم به قوات الاحتلال، وهذا ما حدث لدى قيام الاحتلال بقتل ثلاثة فتية فلسطينيين.
ويقول القيادي في حركة حماس الدكتور محمود الزهار للجزيرة نت "نحن لم نخالف شروط التهدئة، لقد قصفنا لهم المستوطنات، وهي ذات المكان الذي انطلقت منه النار باتجاه الفتية الثلاثة".
غير أن إسرائيل حاولت استغلال رد المقاومة على عملية الاغتيال المتمثل بإطلاق قذائف الهاون على المستوطنات، وسعت لتصوير الفلسطينيين لدى الإدارة الأميركية والرأي العام العالمي وكأنهم لا يتقيدون بالشروط التي يقطعونها على أنفسهم، متجاهلة أنها كانت صاحبة المبادرة الأولى لخرق التهدئة.
غضب السلطة
وليست المقاومة وحدها التي كاد صبرها ينفذ من الممارسات الإسرائيلية، بل تعدتها إلى قيادات السلطة الفلسطينية الذين استثمروا كل علاقاتهم وجهودهم لإقناع المقاومة بالموافقة على التهدئة، لكنهم أقروا أخيرا بأن احتمالية انهيار التهدئة يزداد كل يوم.
حتى إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اتهم الحكومة الإسرائيلية بالسعي لتدمير التهدئة، عندما أقدمت قوات الاحتلال على قتل ثلاثة فتية فلسطينيين كانوا يلعبون كرة القدم.
أما نائب رئيس الوزراء وزير الإعلام الفلسطيني نبيل شعث فقد كان أكثر حدة ووضوحا في تصويره للوضع الراهن بأنه "برميل بارود" يوشك أن ينفجر في أي لحظة بسبب تلكؤ إسرائيل في تنفيذ التزاماتها.
وترك شعث باب احتمالية نسف الهدنة مفتوحا على مصراعيه، عندما أكد أن الفلسطينيين لن يسكتوا عن المجازر الإسرائيلية أو استمرار التهديدات للمسجد الأقصى، لكنه طلب من فصائل المقاومة الاتفاق على الوقت والظرف الذي يمكن فيه إعلان وفاة التهدئة رسميا.
لوم داخلي
ورغم حالة التوحد الفلسطيني الداخلي تجاه الممارسات الإسرائيلية، تحمل فصائل المقاومة السلطة الفلسطينية أيضا جانبا من مسؤولية احتمال انهيار التهدئة، حيث يؤكد أبو زهري أن السلطة لم تلتزم بالاستحقاقات الداخلية المترتبة عليها بناء على التهدئة.
وتوجه المقاومة اللوم للسلطة لعدم وقفها سياسة فصل الموظفين المنتمين لفصائل المقاومة من مؤسسات السلطة، وكذلك تلكؤها بإنشاء لجنة لإدارة قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي المزمع منه.
أما قائمة المخالفات التي تقول المقاومة إن الحكومة الإسرائيلية ارتكبتها فهي أكثر طولا وتعقيدا.
_____________
الجزيرة نت