بوش وشرودر يتجاوزان الخلافات بشأن العراق وإيران
حقق الرئيس الأميركي جورج بوش فوزا جديدا في بداية المرحلة الثانية من جولته الأوروبية التي يهدف من خلالها لترميم علاقاته مع الأوروبيين التي اعتراها الكثير من الوهن خلال السنوات الماضية وخاصة على خلفية الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على العراق.
نصر بوش الثاني يأتى من خلال تأكيد المستشار الألماني غيرهارد شرودر اليوم أن الأوروبيين والأميركيين ينظرون للخلافات بينهم بشأن الحرب على العراق على أنها جزء من الماضي وأنهم يتطلعون اليوم إلى التنسيق معا بشأن إعادة إعمار هذا البلد.
وفي هذا السياق عرض شرودر -أحد أبرز خصوم بوش الأوروبيين في السابق- مساعدة بلاده في تدريب القوات العسكرية وقوات الشرطة العراقية، وكذلك لإعادة بناء المؤسسات العراقية على أساس ديمقراطي.
وقال شرودر الذي كان يتحدث في مؤتمر صحفي مشترك مع بوش في ماينز إنه بحث مع ضيفه الأميركي الكثير من القضايا التي تهم الجانبين والتي يتفقان حولها، وحاولا عدم التركيز على القضايا الخلافية.
وبدت المسألة السورية من أبرز القضايا التي أظهر بوش وشرودر اتفاقا كبيرا بشأنها، وفي هذا الصدد جدد الرئيس الأميركي دعوته لسوريا لسحب قواتها من لبنان والالتزام بتطبيق القرار 1559 الذي أقره مجلس الأمن الدولي، واعتبر أن عدم تدخلها بالانتخابات التي ستجري في لبنان خلال الأشهر المقبلة دليل على تعاونها مع الإرادة الدولية بشأن منح لبنان سيادته الكاملة.
من جانبه لم يكتف شرودر بتأييد تصريحات بوش بشأن سوريا وحسب بل طالب بتحقيق دولي يكشف الجهة التي تقف وراء حادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وتتهم الولايات المتحدة سوريا بأنها خلقت الأجواء المتوترة بلبنان مما أدى لاغتياله.
وفي الموضوع النووي الإيراني أشاد بوش بالجهود الدبلوماسية التي تبذلها أوروبا لإنهاء الأزمة النووية الإيرانية سلميا، ومع أنه أكد أن "إيران ليست العراق" وأن العملية الدبلوماسية لا تزال في بدايتها، إلا أنه شدد على أن كل الخيارات مطروحة في هذه الأزمة، في إشارة إلى احتمال اللجوء للخيار العسكري.
ولإظهار الانسجام التام في الموقف الأوروبي والأميركي حيال هذه الأزمة، قال بوش "من المهم أن يسمع الإيرانيون أن العالم كله يتحدث بصوت واحد، وهو الرفض التام لامتلاكهم الأسلحة النووية".
نقاط الخلاف
وحاول بوش التقليل من أهمية نقاط الخلاف بين الجانبين، وفي هذا الإطار أقر باستمرار الخلاف حول اتفاقية كيوتو التي رفضت الولايات المتحدة الانضمام إليها منذ العام 2001.
ولكنه في المقابل أشار إلى المبالغ الباهظة التي تنفقها الولايات المتحدة سنويا على البرامج والتكنولوجيا لتحسين البيئة، وأكد أن هذه التكنولوجيا في متناول الجميع وليس الولايات المتحدة فقط.
وتطرق الرئيس الأميركي أيضا إلى مسألة إصلاح حلف الشمال الأطلسي (الناتو) والتي دعا إليها شرودر قبل أيام، وهو الأمر الذي فسره كثير من الأوروبيين على أنه وسيلة لخفض النفوذ السياسي الأميركي داخل الحلف.
ومع أن شرودر تمسك بدعوته هذه، فإن بوش حاول أن يتحلى بدبلوماسية عالية عندما أكد أنه يتفهم دعوة شرودر بضرورة تفعيل حلف الناتو ومناقشة كافة القضايا التي تمس العلاقات عبر الأطلسي.
إنجازات سابقة
وكان بوش قد تمكن خلال جولته -التي تعد الأولى لأوروبا منذ بداية ولايته الثانية- من التوصل مع الأوروبيين لاتفاق باستضافة مؤتمر دولي لتعزيز الجهود الدولية لإعادة أعمار العراق.
وحفاظا على الإنجازات التي تم تحقيقها في إطار إصلاح العلاقات مع الأوروبيين، أبدى بوش تراجعا واضحا في الموقف الأميركي المتزمة تجاه الخطط الأوروبية لرفع الحظر المفروض على الأسلحة للصين منذ العام 1989، مؤكدا أن بلاده ستدرس حلولا وسطا لهذه القضية شريطة أن تأخذ هذه الخطط في الاعتبار المخاوف الأميركية بشأن تايوان.
لكن يبدو أن القبول الأوروبي الرسمي لبوش لا يوازيه قبول شعبي، إذ خرجت تظاهرة في ماينز اليوم احتجاجا على زيارة بوش الذي وصفه المتظاهرون في لافتاتهم بأنه "الإرهابي الأول" وطالبوه بسحب قواته من العراق.
وشهدت المدينة إجراءات أمنية مشددة بعد أن قامت الشرطة بنصب حواجز كثيرة وأغلقت الطرق المؤدية لها لتأمين سلامة بوش وعدم إعاقة برنامج زيارته، والذي من المقرر أن يشمل زيارة اليوم للقاعدة الأميركية في ألمانيا.