الجدل الفلسطيني قائم بعد عام من رحيل عرفات

-

بعد مضي العام الأول على رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، يجد الفلسطينيون أنفسهم أمام محطة لجرد الحساب ومراجعة الذات واستحضار تداعيات غيابه سواء على الساحة المحلية أو في علاقتهم مع العالم.
 
ويرى مراقبون ومحللون أن جملة من التغييرات حدثت للمشهد الفلسطيني خلال العام الماضي أبرزها غياب سلطة الرجل الواحد، والاتجاه نحو المؤسساتية واعتماد مبدأ المحاسبة بعد أن كان الرئيس السابق فوق المساءلة، لكن البعض يرى أن غياب عرفات فاقم الفلتان الأمني وزاد الهوة بين فرقاء حركة فتح التي كان بمثابة المعصم لها.
 
وأبرز ما يجمع عليه المقربون أنه لم يستطع أحد ملء الفراغ الذي تركه الرئيس الراحل، رغم قناعتهم بأنه ساهم بشكل مباشر في تقوية السلطة التنفيذية على حساب السلطات الأخرى، وهو ما شكل متاعب لأسلافه.
 
وبما أن عرفات كان رمزا للثورة والسلطة وقائدا تاريخيا حصل على صلاحيات أكبر من مجرد ما نص عليه القانون -كما يقول رفيق النتشة عضو المجلس التشريعي- كانت محاسبة السلطة التنفيذية أضعف مما ينبغي، مما أدى إلى صعود قوتها على حساب السلطات الأخرى.
 
ويضيف النتشة أنه نتيجة هذا الوضع لم يكن من السهل على خلفاء الرئيس الراحل والرجل الأول الذي أمسك طوال حياته بزمام الأمور أن يسدوا مكانه خلال فترة قصيرة، رغم انتخاب قيادة بديلة واختيار الرئيس محمود عباس رئيسا للسلطة الفلسطينية وإيقاف تداعيات كثيرة كان يمكن أن تحدث.

 
تداعيات إيجابية
ويقول النتشة إن من أبرز التداعيات الإيجابية بعد غياب عرفات الانتقال السلس إلى حكم المؤسسات وحكم القانون خلال فترة قصيرة مما جعل السلطة قادرة على الاستمرار، إضافة إلى إجراء ثلاث مراحل من الانتخابات البلدية وتحديد موعد للانتخابات التشريعية.
 
ورغم التداعيات الإيجابية في الساحة الفلسطينية، إلا أن النتشة يقر بأن الساحة الفلسطينية شهدت حالة من الفلتان الأمني أوسع مما كانت قبل وفاته، مما جعل القيادة الجديدة غير قادرة على السيطرة عليه بشكل كامل.
 
undefined
لكن على الصعيد الداخلي ينفي النتشة أن يكون غياب عرفات قد أحدث حالة من التفتت في حركة فتح، لكنه أكد وجود ما سماه بالفئوية داخل الحركة نتيجة إهمال العناية بها لأكثر من 14 عاما.
 
الدبلوماسية الفلسطينية
وعدا عن التداعيات السابقة، يرى د. محمد الشلادة، عميد كلية الحقوق في جامعة القدس، أنه رغم الفراغ الكبير الذي تركه عرفات شهد العام الماضي توجها جديا لدولة القانون وحكم المؤسسات وتغليب دور السلطة التشريعية وتعميق التوجه الديمقراطي.
 
ويشير إلى أن السلطة في ظل وجود عرفات كانت أقرب للثورية منها للخدماتية، وبالتالي لم يكن عرفات يخضع للمساءلة، وهو ما يتطلب من القيادة الجديدة إخضاع السلطة التنفيذية للمساءلة والموازنة بين دور السلطات الثلاث.
 
أما على الصعيد الخارجي فلفت الشلادة إلى أن الدبلوماسية الفلسطينية نجحت إلى حد ما في الوصول إلى القواسم المشتركة مع الأوربيين والأميركيين.
 
ورغم تفاؤل البعض بالاتجاه نحو المؤسساتية وحكم القانون بعد غياب عرفات، إلا أن البعض الآخر من أمثال الدكتور عبد الستار قاسم، المحاضر أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية غير متفائل بل ويحمل الرئيس الراحل أوزار المرحلة الراهنة.
ويقول قاسم إن عرفات أحدث قبل وفاته خللا في النظام السياسي والاجتماعي الفلسطيني بعقلية التفرد والاستزلام، مما يجعل القيادة الجديدة بحاجة إلى سنوات طويلة لإصلاح تلك التركة وإعادة تنظيم الشعب الفلسطيني بطريقة تتناسب مع تحديات الاحتلال.
_______________
مراسل الجزيرة نت
المصدر : الجزيرة