ضم تركيا للاتحاد الأوروبي.. عوائق ثقافية ومسيرة طويلة

علم الاتحاد الاوربي وعلم تركيا

 
قد تكون مطالبة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الاتحاد الأوروبي بأن يرقى بنفسه لأن يكون لاعبا عالميا لا أن يبقى ناديا مسيحيا، لامست حقيقة المشكلة التي تدفع بالاتحاد بالأوروبي للتردد في ضم أنقرة له.
 
ورغم أن الاتحاد الأوروبي قرر في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي المباشرة في مفاوضات مع تركيا لضمها لكيانه أسوة بالعديد من دول أوروبا الشرقية التي انضمت خلال السنوات الأخيرة، إلا أن معارضة عنيدة من النمسا قد تعرقل هذه الخطوة المفترض أن تبدأ اليوم.
 
ولم تتردد النمسا في تبرير معارضتها لانضمام تركيا في القول إن هذا البلد المسلم الذي يقطنه 70 مليونا سيؤدي إلى الإخلال بالمعادلة السكانية في الاتحاد، واستنزاف قدراته الاقتصادية لصالح تركيا الفقيرة.
 
وعرضت النمسا إضافة لعدد من الدول المعارضة لانضمام تركيا -من أبرزها فرنسا وقبرص- في المقابل منح هذا البلد صفة الشريك المميز، وهي الصيغة التي رفضتها تركيا بقوة، وقالت إنها لن تخوض أي مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لا تستند على أساس العضوية الكاملة.
 

"
وزير الخارجية البريطاني جاك سترو: رفض انضمام تركيا سيزيد اتساع الهوة بين العالمين المسيحي والإسلامي
"

محاولة للاستيعاب
إلا أن الدول المؤيدة لانضمام تركيا وعلى رأسها بريطانيا التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي أصرت على المضي قدما بتعهدات أوروبا للأتراك. وقال وزيرالخارجية البريطاني جاك سترو الأحد إن رفض انضمام تركيا سيزيد اتساع الهوة بين العالمين المسيحي والإسلامي.
 
وأضاف في تصريح لإذاعة (BBC) "نشعر بالقلق من هذا الانقسام الديني السياسي الذي قد يعمق الهوة بين الدول التي يقال إنها تنتمي إلى التقاليد المسيحية وتلك التي تنتمي إلى التقاليد الإسلامية".
 
وتستند بريطانيا والكثير من الدول الأوروبية في موقفها الإيجابي من تركيا بمحاولة دمج هذه الدولة الإسلامية الكبيرة المتاخمة للعالم المسيحي للحيلولة دون أن تتحول في المستقبل إلى دولة أصولية تشكل تهديدا لأوروبا. وشجع أوروبا على هذه الخطوة اتخاذ حزب العدالة والتنمية -وهو الحزب ذو الجذور الإسلامية- بزعامة أردوغان، توجهات ومواقف تتسم بالنمط العلماني والسعي الحثيث للارتباط بأوروبا.
 
وفي هذا السياق قال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد خافيير سولانا إن "خطرا كبيرا سينتج عن ترك تركيا من دون أي مرفأ ترسو فيه في العالم"، موضحا أنه "بالنسبة لسكان الاتحاد الأوروبي من الأفضل أن تكون تركيا إلى جانبنا من أن تكون إلى جانب لا أدري من".
 
واستجابت تركيا حتى الآن لجميع متطلبات الانضمام للاتحاد، وأبرزها إطلاق الحريات العامة والشخصية وتحرير القوانين الاقتصادية، ولكنها بالمقابل رفضت الاعتراف بجمهورية قبرص، وهي القضية التي ستكون مثار بحث بين تركيا وأوروبا خلال محادثات الانضمام.
 
وساعد تركيا في الإصرار على موقفها هذا، رفض القبارصة اليونانيين خطة الأمين العام للأمم المتحدة لتوحيد الجزيرة رغم موافقة أنقرة عليها.
 
عملية طويلة
ولا يعني موافقة أوروبا على بدء مفاوضات انضمام تركيا أنها قررت بالفعل ضم هذا البلد، ولكن هذه العملية ستحتاج إلى مدى زمني قد يزيد عن عشر سنوات، تتخللها مفاوضات عسيرة ومتطلبات كثيرة لا تقف عند الاعتراف بما يسمى الإبادة الجماعية ضد الأرمن في الفترة ما بين 1915-1923 ولا تنتهي بالاعتراف بقبرص ومزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية.

 
ورغم أن المصالح المتبادلة هي التي تدفع بالطرفين للبدء في محادثات الانضمام، إلا أن أنقرة ستكون تحت مطرقة المطالب الأوروبية خصوصا ما قبل انضمامها، أما المكاسب الاقتصادية المتمثلة بانفتاح الأسواق الأوروبية أمام المنتجات التركية الرخيصة واستيعاب العمالة التركية فستكون مؤجلة على الأرجح إلى ما بعد الانضمام الكامل لأوروبا.
ـــــــــــ
الجزيرة نت
إعلان
المصدر : الجزيرة

إعلان