الاحتلال يحول منازل الفلسطينيين إلى محطات استراحة لجنوده
لم يعد الفلسطينيون يشعرون بالمعاناة فقط لدى تنقلهم من منطقة لأخرى عبر حواجز الاحتلال، أو لدى وجودهم في منطقة تتعرض لعملية عسكرية، بل إن انتهاكات الجنود أصبحت تلاحق الآمنين في بيوتهم باحتلال العشرات منها واتخاذها محطات استراحة واستخدامهم دروعا بشرية.
وتبدأ عملية احتلال البيوت عادة بشكل مفاجئ وخلال الليل، حيث يقوم عدد من الجنود مستقلين آلية ثقيلة (ناقلة جند) باقتحام البيت المستهدف، والاستيلاء على الطوابق العلوية، ورفع العلم الإسرائيلي عليها، وطرد سكانها، دون السماح لهم بأخذ احتياجاتهم منه، وقد تستمر عملية الاحتلال أربعة أيام، يتحكم خلالها الجنود في حركة السكان وحياتهم، ويتطلب أي تصرف إذنا خاصا من الجنود حتى لقضاء الحاجة.
ويقول فؤاد حجة الذي احتل منزله الواقع على الطريق الرابط بين مدينة الخليل وبلدة دورا غربا مرتين من قبل قوات الاحتلال، الأولى قبل شهرين لمدة أربعة أيام، والثانية قبل نحو أسبوع لمدة 24 ساعة، مشيرا إلى أن الجنود احتلوا الطابق العلوي من المنزل المكون من ثلاثة طوابق.
وأضاف أن اثني عشر جنديا اقتحموا البيت في المرة الأخيرة، وقاموا بطرد عائلة شقيقه التي تسكن الطابق العلوي ومنعوها من الرجوع طوال فترة بقائهم، دون أن تعلم بما يفعلونه.
من جهته يقول فضل العطاونة، الصحافي في وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" الذي تابع عددا من حالات الاستيلاء على البيوت إن أي بيت أصبح عرضة لعملية الاحتلال دون مبرر أو مراعاة لخصوصيته.
وأعرب العطاونة عن اعتقاده أن جنود الاحتلال أصبحوا يحولون المنازل إلى مهاجع وأماكن للاستراحة والنوم والفندقة، وليس لأغراض أمنية كما يزعم جيش الاحتلال، مشيرا إلى أن عملية الاحتلال غالبا ما تتم باحتجاز أصحاب المنازل المستهدفة، داخل إحدى الغرف وتقييد حركتهم داخل منزلهم.
وقال إنه في كثير من الأحيان يقوم الجنود بالاستيلاء على غرف النوم والمطابخ ويغلقوها على أنفسهم تحت الحراسة المشددة بالتناوب، وتكرر ذلك في مدينة الخليل وقراها بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة، يتخللها بالطبع استخدام العائلات كدروع بشرية بإجبار بعض السكان على البقاء داخل البيت.
تهديد السكان
من جهته اعتبر راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ما يقوم به جيش الاحتلال نوعا من استخدام المواطنين كدروع بشرية، رغم صدور قرار مؤخرا من المحكمة العليا الإسرائيلية يمنع ذلك.
وأضاف أن مثل هذا الإجراء يعد تهديدا واضحا للسكان ويعرض سلامتهم وأمنهم للخطر، مشيرا إلى أن القوانين الدولية تؤكد بصراحة أن للبيوت حرمات ولا يجوز للجيش أن يعمل على استخدامها لإلحاق الأذى بالسكان، مما يجعل منها أهدافا عسكرية للمسلحين من الطرف الآخر.
وأكد أن ما يحدث في الأراضي الفلسطينية أصبح ممنهجا ومستمرا منذ سنوات، مما دفع بعض الجمعيات الحقوقية إلى التوجه للمحكمة العليا الإسرائيلية، التي أصدرت أمرا قبل أسبوعين بهذا الصدد تحظر فيه استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية، لكن الجيش واصل سياسته "بشكل وقح".
ومن ناحيته أكد موسى أبو هشهش الباحث في منظمة "بيتسليم" الحقوقية الإسرائيلية أن احتلال البيوت يعني النوم فيها وتقييد حرية سكان البيت وإخضاعهم للمراقبة وحراسة الجنود، وتحديد أوقات للسماح خلالها لهم بالتحرك والتوجه للمطبخ مثلا.
وأضاف أن احتلال البيوت يترك آثاره السلبية على السكان وخاصة الأطفال والنساء، والمرضى الذين يمنع نقلهم إلى المستشفى أو إحضار الطبيب لهم، كما حدث مع بعض العائلات.
وأكد أن بعض الحالات من هذا النوع رافقتها سرقات من البيوت تم توثيق عدد منها، موضحا أن سياسة احتلال البيوت أصبحت ظاهرة تتكرر في فترات متقاربة، وأصبح الجنود يتنقلون من بيت لآخر.
__________________
مراسل الجزيرة نت