في تحرك دبلوماسي مضاد ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الرئيس بشار الأسد سعى لكسب مساندة روسيا لضمان حيادية التحقيق الذي تجريه الأمم المتحدة بشأن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
ويقول مسؤولون سوريون إنهم يشعرون بقلق من أن واشنطن قد تستخدم التحقيق ذريعة لإجراءات صارمة ضد دمشق بسبب معارضتها غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 ونضالها ضد إسرائيل.
وذكرت سانا أن الأسد أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي أمس الثلاثاء بأن سوريا تأمل ألا يساء استخدام تقرير ميليس ويوظف لأغراض أخرى.
مسودة عقوبات
في هذه الأثناء وزعت الولايات المتحدة وفرنسا على أعضاء مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يهدد سوريا بعقوبات اقتصادية إذا لم تتعاون مع التحقيق الذي تجريه الأمم المتحدة في مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
ووفقا لنسخة من مشروع القرار فإن المشروع الذي تشترك بريطانيا في تبنيه يقضي أيضا بفرض تجميد على الأرصدة وحظرا على سفر كل من يجري تحديده كمشتبه به في التحقيق الذي يقوده المحقق الألماني ديتليف ميليس.
وقال السفير الأميركي جون بولتون إن المشروع يطالب أيضا سوريا باعتقال أي مسؤول أو فرد سوري يعتبره فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة مشتبها به في جريمة قتل الحريري حتى يمكن استجوابهم.
وقال إنه فيما يتعلق بالعقوبات لم يتم رسميا تحديد أي سوريين كمشتبه بهم في التحقيق، لكن عشرة لبنانيين ألقي القبض عليهم حتى الآن وستطبق عليهم العقوبات.
ووزعت واشنطن وباريس المشروع الذي يقع في حوالي خمس صفحات بعد ساعات من إبلاغ ميليس مجلس الأمن أنه وصل إلى طريق مسدود في التحقيق عندما ردد جميع المسؤولين السوريين الذين قابلهم إجابات متماثلة على أسئلة فريق التحقيق.
وبمقتضى مشروع القرار لن تفرض العقوبات على سوريا حتى يقرر التحقيق الذي يقوده ميليس أنها لا تتقيد بمطالب المجلس، وهو حكم من غير المتوقع أن يكون قادرا على إصداره إلا بعد أن يقدم تقريره القادم والمتوقع بحلول الخامس عشر من ديسمبر/ كانون الأول.
ويشير المشروع إلى النتيجة التي توصل إليها محققو الأمم المتحدة في تقرير أرسل إلى المجلس المؤلف من 15 دولة الخميس الماضي من أن هناك سببا مرجحا للاعتقاد بأن قرار اغتيال الحريري في 14 فبراير/ شباط "ما كان ليتخذ دون موافقة مسؤولين أمنيين سوريين وما كان ليجري تنظيمه دون موافقة مسؤولين أمنيين لبنانيين".
ويشير أيضا إلى ما توصل إليه التقرير من أن عدم تعاون سوريا مع التحقيق "عرقل التحقيق، وأن مسؤولين سوريين حاولوا تضليل التحقيق بتقديم بيانات زائفة أو غير دقيقة".
تزامن ذلك مع اتهام الرئيس الأميركي جورج بوش لسوريا "بزعزعة" استقرار لبنان والسماح للمقاتلين العرب باستخدام أراضيها للتسلل إلى العراق, ومنح الجماعات الفلسطينية المسلحة المأوى الآمن، على حد تعبيره.
دعوة لتحقيق سوري
واستهل ميليس الجلسة بالتأكيد على أن تقرير اللجنة ليس نهائيا، وأنها تحتاج إلى المزيد من الوقت لاستكماله.
وفي إشارة لافتة إلى سوريا، قال المحقق الدولي إن استكمال تحقيقات اللجنة يشكل فرصة لسوريا لإبداء تعاون أكثر مع اللجنة، داعيا إياها لإجراء تحقيقها الخاص بعملية الاغتيال كي تتمكن من الإجابة على الأسئلة التي بقيت معلقة في تقرير لجنة التحقيق.
وكشف ميليس لأول مرة عن تعرض اللجنة لتهديدات، معتبرا أن ذلك زاد من مصداقيتها دون أن يكشف عن هذه التهديدات ومصادرها.
أما الممثل اللبناني لدى الأمم المتحدة الأمين العام لوزارة الخارجية بالوكالة بطرس عساكر الذي حضر الجلسة بصورة استثنائية فرحب بتمديد فترة عمل اللجنة الدولية حتى منتصف ديسمبر/ كانون الأول.
دفاع سوري
من جانبه قال ممثل سوريا لدى الأمم المتحدة فيصل المقداد إن التقرير تأثر بشكل واضح بالأجواء التي سادت عقب اغتيال الحريري، في إشارة منه إلى الأجواء المعادية لسوريا في لبنان عقب عملية الاغتيال.
وأبدى المقداد عدة ملاحظات على تقرير اللجنة، أهمها أن السيطرة الأمنية لسوريا في لبنان لا تعني أنها متورطة في اغتيال الحريري، مشيرا إلى الكثير من الحوادث الأمنية التي تعصف بالدول بوجود أجهزتها الأمنية ومستدلا على ذلك بتفجيرات سبتمبر/ أيلول 2001 في الولايات المتحدة وتفجيرات مدريد في مارس/ آذار 2004.
واعتبر المندوب السوري أن التقرير يضع سوريا في دائرة الاتهام حتى قبل إنجازه بالكامل، مستندا في ذلك إلى تأكيد ميليس أن التحقيق لم يستكمل بعد.