الأميركيون يعودون للقائم وحرب الأولويات على المحك

2/10/2005
عادت القوات الأميركية مجددا إلى مدينة القائم في محافظة الأنبار غربي العراق للمرة الثالثة لتشن عملية "القبضة الحديدة" التي تأتي بعد مرور نحو أربعة أشهر على عمليتي "الرمح" و"السيف" التي قيل إنهما تهدفان إلى توجيه ضربات للمسلحين العراقيين والمقاتلين الأجانب المشتبه بصلتهم بتنظيم القاعدة ووقف تسللهم عبر الحدود السورية.
ويبدو أن القوات الأميركية عادت إلى هذه المنطقة للهدف ذاته, فبعد أن أعلنت أن عمليتها الأخيرة التي حملت اسم "إعادة الحقوق" في تلعفر بمحافظة نينوى شمال العراق, تكللت بالنجاح وأنها اعتقلت خلالها أكثر من 1500 مسلح, لم تخف وتيرة الهجمات, بل ازدادت حسب إحصاءات وزارات الداخلية والدفاع والصحة العراقية, وارتفع معها عدد الضحايا, ما وضع القوات الأميركية في حرج حقيقي أمام الحكومة العراقية والعالم.
واستنادا إلى مزاعم أن الجماعات المسلحة في العراق ومن ضمنها تنظيم القاعدة التي تقاتل القوات الأميركية بأسلوب الكر والفر أو "اضرب واهرب", تقول القوات الأميركية إنها مجبرة على العودة إلى هذه المناطق من أجل ملاحقة المسلحين والمتسللين الذين يلوذون بالفرار من المناطق التي تجتاحها.
وترى القوات الأميركية وعلى رأسها قيادتها العسكرية أن مصداقيتها في العراق أصبحت على المحك, وأن واشنطن وحليفتها الوثيقة المملكة المتحدة بدأتا تفقدان على نحو تنازلي متسارع, دعم مواطنيهما وتأييدهم للحرب في العراق.
وهنا أصبحت الولايات المتحدة ترى أن عليها أن تكثف من هجماتها لتمهيد الأجواء لاستفتاء ناجح على الدستور العراقي منتصف هذا الشهر, وانتخابات عامة تفرز حكومة "شرعية" في ديسمبر/ كانون الأول المقبل.

غير أن العدو الخفي أكد في سلسلة بيانات بثها على شبكة الإنترنت أنه سيكثف من هجماته على الأهداف الأميركية وتوعد بقتل العراقيين الذين سيشاركون بالاستفتاء على الدستور.
وكان زعيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي اتهم القوات الأميركية والعراقية منتصف الشهر الماضي باستخدام أسلحة شديدة الفتك في الهجوم على تلعفر, واعتبر أن القوات الأجنبية تعيش أسوأ أيامها وتريد بشدة مغادرة العراق بعد أن منيت بخسائر فادحة، موضحا أنها ستواجه بشكل لا مفر منه الهزيمة.
وعلى عكس ما جرت العادة عليه أثناء العمليات السابقة التي كانت تشارك فيها القوات العراقية جنبا إلى جنب مع حليفتها الأميركية, فإن القبضة الحديدية يشنها الجيش الأميركي بالتعاون مع جنود من مشاة البحرية فقط بزعم أن القوات العراقية ليست جاهزة بعد لتولي مسؤولياتها ومهامها الأمنية والعسكرية.
وهنا يبرز نوع من التناقض بين التصريحات, فبينما اعتبر قائد القوات الأميركية بالعراق الجنرال جورج كاسي أول أمس في الكونغرس الأميركي أن الجيش العراقي لم يعد يضم -بعد تشديد معايير الجاهزية- إلا كتيبة واحدة قادرة على القتال دون مساعدة أميركية بدلا من ثلاث قبل بضعة أشهر, عاد بوش اليوم ليشيد بهذه القوات "بشهادة" القادة العسكريين الأميركيين.
وقال بوش في خطابه الإذاعي الأسبوعي إن القوات العراقية تظهر أنها قادرة على قتال الإرهابيين, وقد أصبحت تكسب ثقة الشعب العراقي الذي "سيضمن نجاح عراق حر وديمقراطي".
وأضاف بوش أنه مسرور لكون الجيش العراقي "يمتلك اليوم مائة كتيبة تعمل في كافة أنحاء البلاد تقوم بعملها بكفاءة متزايدة", بينما قدر وزير الدفاع دونالد رمسفيلد عدد القوات التي دربها الجيش الأميركي بـ194 ألفا "أفضل تسليحا وتدريبا وخبرة".
عمليات الجيش الأميركي المتكررة في محافظة الأنبار, وتصريحات القيادات الأميركية المتناقضة بشأن قدرة الجيش العراقي على تحمل مسؤولياته, والإصرار الثابت من الجماعات المسلحة في العراق على مواصلة "الحرب على الاحتلال", تزيد من ضبابية الصورة في العراق وترسم علامات استفهام كبيرة بشأن طبيعة العلاقة بين القوات الأجنبية وجماعات المقاومة.
فلا القوات الأميركية تقر بفشلها في العراق وتضع جدولا زمنيا لسحب قواتها منه, ولا أذعن المسلحون للتهديدات وأوقفوا هجماتهم, وكل يقاتل ضمن أولوياته الخاصة.
_________
الجزيرة نت
_________
الجزيرة نت
المصدر : الجزيرة