حقوقيون عرب يحذرون من المزج بين الإرهاب والمقاومة
أوصت ورشة "إستراتيجيات مساهمة المجتمع المدني في التحول الديمقراطي في البلدان العربية" التي رعتها اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان، بإنشاء مراصد لمتابعة تطور العلاقة بين المجتمع المدني والسلطة وإصدار تقارير بحثية دورية حول هذا الموضوع.
وشدد البيان الختامي الأولي الذي أصدرته الورشة في ختام أعمالها في العاصمة القطرية الأربعاء على ضرورة العمل من أجل إقامة منتديات حوار منتظم بين مؤسسات المجتمع المدني من جهة وبين هيئات دولية من جهة أخرى، بالإضافة إلى بناء قدرات نشطاء المجتمع المدني التفاوضية وذلك بتنظيم دورات تدريب متخصصة.
وأكد المشاركون في الورشة ضرورة ضمان تحول ديمقراطي في البلدان العربية اعتمادا على مبادئ التعددية والمشاركة الواسعة وضمان التداول السلمي للسلطة، وذلك من خلال عدة وسائل منها توعية الشباب لتحمل المسؤولية على مستوى الشبكات والجمعيات والمنظمات توسيعا لقاعدة المشاركة.
ودعا المشاركون إلى تكوين برامج لمنظمات المجتمع المدني من أجل ضمان الشفافية على الصعيد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وإدارة الشأن العام، نظرا لما يمثله الفساد من عائق هيكلي أساسي أمام ضمان التحول الديمقراطي والتداول السلمي على السلطة.
الثقافة والإرهاب
وفيما يتعلق بالثقافة الديمقراطية وعلاقتها بحقوق الإنسان أكدت الورشة ضرورة اعتماد المرجعية الكونية في مجال ثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية والتي نصت عليها مختلف مجهودات المنظومة الدولية لحقوق الإنسان والديمقراطية والعمل على ترسيخها في الثقافة العامة لمجتمعات البلدان العربية.
كما دعت إلى تطوير قدرات المجتمع المدني على النهوض بثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتعزيز وعي المجتمع المدني بالثقافة الديمقراطية وعلاقتها بالقاعدة الحقوقية من خلال برامج التثقيف الشعبي ونشر الثقافة القانونية حول هذه الحقوق.
وشددت على ضرورة إجراء الدراسات والبحوث الميدانية حول علاقة الفئات المعنية بقضايا التحول الديمقراطي من أجل احتياجاتها في هذا المجال، ووضع آلية للتعاون بين المؤسسات الحكومية وغير الحكومية وبقية الفاعلين في مجال النهوض بالثقافة الديمقراطية.
وتطرق المشاركون بالورشة إلى موضوع "التعصب والتطرف والإرهاب" حيث أكدوا أن هذه المسائل تعد من العوائق الأساسية أمام عملية التحول الديمقراطي في العالم العربي، مشددين على أن معالجتها يجب ألا تقتصر على الحلول الأمنية بل ينبغي أن تعالج جذورها الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
كما أكدوا خطورة المزج المتعمد بين قضايا الإرهاب ومفاهيم حقوق الشعوب في مقاومة الاحتلال وتقرير المصير التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
وفي هذا المجال أوصت الورشة بضرورة تنقية المنظومة التعليمية والمجال الإعلامي من كل مظاهر التعصب والعنف وأي تمييز قائم على العنصر أو الدين أو اللون أو الجنس، وإعداد برامج تربية غير رسمية تستهدف كل فئات المجتمع والطبقات السياسية من أجل ترسيخ ثقافة الحوار والتسامح وتقبل الآخر.
كما حثت الورشة الحكومات العربية على ضبط برامج للتنمية البشرية المستدامة يكون هدفها إشراك كل فئات المجتمع في عملية التنمية، وكذلك تطبيق مبادئ الحكم الصالح.
النوايا الأميركية
وكانت جلسات عمل الورشة قد شهدت حوارات ساخنة جدا بين المشاركين ومدير برنامج مبادرة الشرق الأوسط الكبير الأميركية في الخليج العربي والأردن واليمن هانس واشل الذي قدم عرضا للمبادرة الأميركية لدعم مؤسسات المجتمع المدني العربية، وكذلك مع ممثل السفارة البريطانية في قطر الذي قدم عرضا للمبادرة الأوروبية في هذا المجال.
وشكك المشاركون بالورشة في سلامة النوايا الأميركية والأوروبية من وراء هذا الدعم، خاصة أنه يتناقض مع ازدياد حجم الانتهاكات لحقوق الإنسان العربي التي تحدث على أرض الواقع، سواء بأيد أميركية مباشرة كما هو الحال في العراق ودول أخرى، أو بمباركة أميركية كما هو الحال في فلسطين.
وفي جلسة منفصلة بحث المشاركون مع المدير العام لقناة الجزيرة وضاح خنفر سبل مشاركة ومساهمة الإعلام في دعم حقوق الإنسان العربي، وإمكانية مساهمة الإعلام في إحداث التحول الديمقراطي بالعالم العربي.
يذكر أن أعمال الورشة التي دعا إليها المعهد العربي لحقوق الإنسان واللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان ومنظمة فريدم هاوس تأتي في سياق التحضير لمنتدى المنظمات غير الحكومية الدولي الموازي للمؤتمر الحكومي الثالث لمجتمع الديمقراطيات الذي سيعقد في سانتياغو في مارس/ آذار القادم، وكذلك للتحضير لاجتماع الحكومات الذي سيعقد في نفس المكان في مايو/ أيار المقبل.
____________
موفدة الجزيرة نت