لقطات ومشاهد من الانتخابات العراقية

أبرزت مشاركة العراقيين في الانتخابات التي جرت داخل العراق يوم الأحد تفاوتا كبيرا في نسبة الإقبال أو التوجهات عكست بالمقابل تباين التيارات التي شاركت في العملية السياسية التي قاطعتها أيضا تيارات دينية وسياسية واسعة.
ففي جنوب العراق حيث الأغلبية الشيعية كانت نسبة الإقبال كبيرة على عمليات التصويت, بلغت في النجف مثلا حوالي 80% ممن يحق لهم الانتخاب. غير أن توجهات الناخبين اختلفت باختلاف انتمائهم للتيارات السياسية والدينية.
وفيما يلي تغطية لمسار الانتخابات في عدد من المحافظات العراقية:
البصرة
في هذه المحافظة التي تعتبر كبرى مدن الجنوب تنافست ثلاث قوائم شملت قائمة الائتلاف العراقي الموحد بزعامة عبد العزيز الحكيم أو قائمة 169 التي باركتها المرجعية الدينية في النجف, وكذلك قائمة رئيس الوزراء المؤقت إياد علاوي ذات الرقم 285, إضافة لقائمة "عراقيون" بقيادة الرئيس المؤقت غازي الياور.
وعلمت الجزيرة نت أن ساعات ما قبل الظهر شهدت إقبالا كثيفا, خصوصا في المناطق الشعبية مثل سنجة وحي الجمهورية والحيانية. أما المناطق السنية مثل منطقة أبو الخصيب والزبير فقد كانت النسبة منخفضة جدا وأن عدد من ذهبوا إلى الاقتراع هناك لا يكاد يذكر.
وذكر مصدر مطلع للجزيرة نت أن حزب الله الذي يقوده علي المالكي شكك بنزاهة الانتخابات بسبب اختفاء قائمته المرقمة 235 وطالب المفوضية العليا للانتخابات بتوضيح سبب إسقاط قائمته من قوائم الانتخابات.
كما هدد الحزب باحتلال مبنى محافظة البصرة ما لم تتوفر إجابة من المفوضية عن سبب إسقاط قائمة الحزب. وكانت قوات كثيفة من الحرس الوطني العراقي والشرطة إضافة للقوات البريطانية تحت ستار من الطلعات الجوية الكثيفة، قد انتشرت في أنحاء المنطقة.
كما قامت قوات من الحرس الوطني بمداهمة عدد من مساجد السنة بالزبير شملت مسجد مزعل باشا ومنتفج, كما اعتقلت ستة من بينهم رئيس المكتبة العامة في الزبير نجم الفهد وهو أحد وجوه الزبير البارزين, قبل إطلاق سراحه لاحقا. كما تمت مداهمة مسجد حمزة في منطقة دور نواب الضباط واعتقل ثلاثة مصلين.
وعن توجهات الناخبين أفاد مصدر مطلع في البصرة بأن توجهات الناخبين تركزت بشكل رئيس على تأييد القائمتين 169 و285.
الناصرية
" تتنافس في الناصرية ثلاثة اتجاهات تمثل إياد علاوي وائتلاف عبد العزيز الحكيم والشيوعيين " |
وفي الناصرية كان الإقبال كثيفا على التصويت, فيما توزع التنافس هناك على ثلاثة اتجاهات هي القائمة 285 والقائمة 169 وقائمة الشيوعيين التي تحمل الرقم 324. وذكر مصدر مطلع أن الحزب الشيوعي ينشط في هذه المدينة التي تضم مرشحين ينتمون لطيف واسع من الأحزاب والتوجهات. وأشار إلى أن تأييد عشائر المنطقة توزع على مختلف الاتجاهات ولم يقتصر على تيار بعينه.
وعن اتجاهات التصويت لدى رجال الحرس الوطني والشرطة في المدينة، ذكر المصدر أن أصوات هاتين المؤسستين الأمنيتين ذهبت لكل من قائمة علاوي والحكيم.
وأشار إلى أن قسما من عناصر الحرس والشرطة اعتبر أن علاوي أعاد الاعتبار للجيش والشرطة, فيما يؤيد قسم كبير من الحرس والشرطة في الناصرية قائمة الحكيم لأن عددا كبيرا من منتسبي المؤسستين هناك ينحدرون من مليشيات المجلس الأعلى للثورة الإسلامية المعروفة بمنظمة بدر ومليشيات أخرى دفعت بأعضائها للدخول في تلك المؤسستين.
وبخصوص عشائر النجادة والسعدون الكبيرة وهي عشائر سنية في المدينة, علمت الجزيرة نت أن قسما محدودا ينتمون لأحزاب وتيارات سياسية مختلفة شارك في الانتخابات, فيما قاطعها القسم الأكبر.
النجف
وفي النجف كان الإقبال على التصويت كبيرا جدا وسط ترتيبات أمنية مكثفة غاب عنها تقريبا وجود القوات الأميركية. وعلمت الجزيرة نت أن القائمة 169 حظيت بنسبة تأييد تقارب 80% حسبما أفاد المشاركون في الانتخابات, فيما حصلت القائمة 285 على 20% باعتبارها المنافس الوحيد هناك.
وأشار مصدر في المدينة إلى أن فتاوى المرجعية الدينية في النجف كان لها الأثر الكبير في إقبال الناخبين -الذين لوحظ اصطحابهم لأطفالهم- على التصويت. وذكر أن رابع أكبر مرجع ديني في النجف وهو محمد سعيد الحكيم كان أول من أدلى بصوته ودعا الناس إلى المشاركة.
كربلاء
أما في كربلاء التي شهدت إجراءات أمنية كبيرة جدا منذ ثلاثة أيام, فقد بدت المدينة شبه مهجورة بعد فرض حظر على سير السيارات رافقه وضع المفوضية العليا للانتخابات قيودا كثيرة على وسائل الإعلام تمثلت في منعها من حمل الأجهزة وآلات التصوير وإجبار الصحفيين على السير على الأقدام لمسافات طويلة من أجل تغطية أخبار الانتخابات.
وعلمت الجزيرة نت أن الشارع الكربلائي انقسم إلى عدد من الاتجاهات في موقفه الانتخابي. وبالرغم من تسخير القائمة 169 لأدوات دعاية كبيرة من أجل كسب أصوات الناخبين, فإن أثرها كان محدودا بسبب وقوف المرجع الشيعي آية الله محمود الحسيني ضدها.
كما أن جزءا منشقا من تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر شارك بالانتخابات ألا أنه رفض أيضا التصويت لصالح القائمة 169. كما برزت قائمة أخرى باسم الوفاق الإسلامي تتبع حوزة كربلاء بإمامة آية الله صادق الشيرازي.
وذكر مصدر مطلع أن قائمة علاوي المرقمة 285 كسبت أصواتا كثيرة في كربلاء, بعد وقوف التيار العربي العشائري هناك ضد قائمة 169 بزعامة عبد العزيز الحكيم التي تتهم بأن لها صلات بإيران.
وأضاف المصدر أن قضاء الهندية الذي يتمتع بنفوذ عشائري كبير, شبه محسوم لصالح علاوي, فضلا عن توقعات بتصويت عناصر الحرس الوطني والشرطة والقطاع الوظيفي في كربلاء لصالح قائمة رئيس الوزراء المؤقت. ورغم أن أكثر أهالي كربلاء يقلدون المرجع الديني آية الله علي السيستاني, فإن قسما منهم منح صوته لعلاوي.
الموصل
وفي الموصل شمال بغداد, والتي تعتبر ثاني أكبر مدينة في العراق, فقد شهد الوضع الأمني هناك توترا كبيرا إذ كانت أصوات الانفجارات تسمع هنا وهناك كما تعرضت القوات الأميركية لعدد من الهجمات.
وعلى صعيد الانتخابات خصص لمدينة الموصل 40 مركزا انتخابيا توزعت على ضفتي المدينة بالتساوي. وعلمت الجزيرة نت أن الساحل الأيسر شهد إقبالا كبيرا من جانب الأكراد رغم وقوع هجمات كان أحدها محاولة اغتيال خسرو كوران -كردي- نائب محافظ الموصل شمال المدينة. أما العرب فقد كان إقبالهم ضعيفا بشكل عام بعد النداء الذي وجهته هيئة علماء المسلمين بمقاطعة الانتخابات, وبلغت نسبة العرب مقابل الأكراد 1 إلى 10.
وذكر مصدر مطلع للجزيرة نت أن الاستثناء الوحيد كان في مدينة ربيعة مسقط رأس الرئيس المؤقت غازي الياور ويسكنها قبائل شمر على الحدود مع سوريا, والتي شهدت إقبالا بلغت نسبته 83%.
وبخصوص عناصر الحرس الوطني والشرطة في الموصل, فقد علمت الجزيرة نت أن معظم تلك العناصر جاءت من جنوب العراق أو شماله وليس من الموصل نفسها. ويعتبر أهل الموصل أن تلك العناصر تنتمي لمليشيا بدر الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية بقيادة عبد العزيز الحكيم, وقوات البشمركة التابعة للأحزاب الكردية.
كركوك
" شهدت كركوك إقبالا كثيفا من جانب الأكراد على التصويت معتبرين هذه الانتخابات مصيرية وتمهد لضم المدينة لمنطقة كردستان " |
وشهدت مدينة كركوك إقبالا كثيفا من جانب الأكراد الذين قال مصدر مطلع إنهم يعتبرون هذه الانتخابات تمهيدا لإعادة كركوك لمنطقة كردستان. وذكر المصدر أن 10 قنوات تلفزيونية ومثلها من المحطات الإذاعية بثت على مدى أيام دعوات للأكراد من أجل المشاركة في هذه الانتخابات التي وصفت بالمصيرية, والتي حضرها الناخبون بزيهم الكردي التقليدي وهم يحملون أعلام كردستان, في وقت راحت فيه فرق موسيقية تعزف بالقرب من أماكن التصويت.
ومن جانبهم شارك التركمان في عملية التصويت التي جرت في مناطقهم, بهدف منع الأكراد من الاستحواذ على المدينة, كما ذكر ذلك مصدر مطلع للجزيرة نت. أما الجبهة العربية الموحدة فإنها قاطعت الانتخابات, فيما علم مصدر مطلع أن عربا آخرين شاركوا في الانتخابات.
وذكر مصدر مطلع في المدينة أن عناصر الشرطة والحرس الوطني هناك أعطوا أصواتهم بموجب انتماءاتهم القومية التي توزعت على القائمة الكردستانية وجبهة تركمان العراق والتجمع الوطني العراقي, فضلا عن قائمتي علاوي والياور.
سامراء
وفي مدينة سامراء شمال بغداد غاب الناخبون صباح الأحد عن مراكز الاقتراع التي أقيمت في شمال وغرب المدينة التي بدت مهجورة, قبل أن يقوم وزير الداخلية فلاح النقيب بزيارة سرية إلى مراكز الاقتراع هناك, لتشهد بعد ذلك توجه حوالي 300 ناخب لمركز الاقتراع غرب المدينة وهو مركز قريب من مواقع للقوات الأميركية والحرس الوطني.
وذكر مصدر مطلع أن من المتوقع أن تحظى قائمة علاوي ببعض التأييد إضافة إلى حزب الدعوة بزعامة نائب الرئيس المؤقت إبراهيم الجعفري. غير أن المصدر أشار إلى أن أغلبية أهل سامراء قاطعت الانتخابات تلبية لمطلب هيئة علماء المسلمين باعتبار المشاركة تضفي شرعية على الاحتلال, كما أن المدينة تعرضت لأضرار كبيرة بسبب الهجمات الأميركية والقصف والغارات التي شنت عليها باستمرار.
شمال العراق
شمال العراق الذي يسكنه الأكراد شهد إقبالا كثيفا على الانتخابات, فيما انتشرت قوات كثيرة من الشرطة والجيش في أربيل بشكل خاص. وصوت الأكراد ثلاث مرات, حيث كان التصويت الأول من أجل انتخاب المجلس الوطني العراقي. بينما كان التصويت الثاني لانتخاب مجلس وطني كردي, كان الثالث من أجل التصويت للانتخابات المحلية لمحافظات كردستان.
_________________