النساجون الأفغان ينسجون للقصور ويعيشون بلا نور

صور من كابل _ خاصة للجزيرة نت
 
تخلو قرية روشناي التي تقع شمالي أفغانستان عند الحدود مع تركمانستان من مقومات الحياة، فلا ماء صحيا ولا كهرباء بل إن الكثير من قاطنيها لم يسمعوا حتى بالتلفزيون.
 
تراها من بعيد قبابا صغيرة من الطين وسط صحراء مكسوة بالثلج ولا تجد حين تدخلها سوى إناء للشرب وبعض الأفرشة المتواضعة. إلا أنك تجد في كل بيت غرفة أشبه بالمشغل، فيها أداة ضخمة للحياكة وضعت على الأرض، وانكب عليها ثلاثة شبان أو فتيات لحياكة السجاد الذي يعد من أغلى أنواع السجاد في العالم.
 
جودة السجاد

ويرجع سبب ارتفاع سعر هذا السجاد إلى أنه يصنع من مواد طبيعية في جميع مراحله فمن مرحلة غزل الصوف إلى عملية صباغته حيث يصبغ بألوان تم استخلاصها من الزهور والأعشاب وذلك بغليها مع الصوف في قدور كبيرة ثم عصرها يدويا لتكون بعدها جاهزة للنسج.
 
ويستغرق العمل في نسج القطعة الواحدة من ستة أشهر إلى سنة حسب عدد العاملين وسرعتهم في العمل في درجات حرارة تصل إلى 18 درجة تحت الصفر شتاء حيث تتم عملية النسج في النهار لتوفر النور الذي يدخل المشغل من فتحة في أعلى القبة حيث يجلس النساجون على الأرض وظهورهم محنية ليبدؤوا بتمرير خيوط الصوف مرة بعد مرة وبألوان مختلفة حسب الرسم المراد تشكيله على تلك السجادة.
إعلان
 
ثمرة الجهد

"
قد يتمكن النساج بعد لأي من بيع سجادته التي استغرق صنعها ستة أشهر في درجات حرارة قد تصل إلى 18 درجة تحت الصفر شتاء بمبلغ 300 دولار
"

وبعد انقضاء فترة العمل واكتمال تلك القطعة من السجاد ينتظر صاحبها مرور السيارة التي تقله إلى أقرب مدينة له وهي بلخ ثم مزار شريف فيصلها بعد نحو أربع ساعات نظرا لوعورة الطريق الموحل إلى تلك المدينة التي لا تتوفر وسائل النقل لها إلا مرة كل أسبوع.

 
وفي مزار شريف ترى النساجون يحملون قطع السجاد على ظهورهم يتجولون بها بين محل وآخر علهم يبيعون ثمرة جهد أحنى ظهورهم وأتعب بصرهم بثمن يؤمن لهم حاجاتهم وشراء المواد الأولية مرة أخرى ليبدؤوا بالعمل من جديد.
 
وقد يتمكن بعد لأي من بيعها بمبلغ 300 دولار وهو أقل من ثمنها الحقيقي بكثير إذ يصل سعرها في البلدان الأوروبية إلى آلاف الدولارات لدقة عملها وروعة نظمها وبهاء منظرها وأهم من ذلك أنها صنعت يدويا ودون استخدام أية آلة كل مراحل إنتاجها.
 
وبعد تلك الخطوات المجهدة التي يمر بها النساجون وهم يشكلون بأناملهم ذلك السجاد الذي يطئه الملوك والرؤساء بأقدامهم أو ربما يزينون به جدران قصورهم، يبقى حال النساج كما هو عليه أنامل تبدع رغم صعوبة العيش وقلة المردود وتأخر عن المدنية التي لم تعرف طريقها إليه.

ـــــــــــــــــ
مراسل الجزيرة نت

المصدر : غير معروف

إعلان