رهان بوش على الانتخابات العراقية
تمثل الانتخابات العراقية القادمة التي من المقرر أن تجري يوم الأحد رهانا ضخما للرئيس الأميركي جورج بوش ليس داخل الولايات المتحدة فحسب بل أيضا خارجها, إذ سيضع الرأي العام الأميركي بوش على المحك عندما يجري العراقيون أول انتخابات ديمقراطية منذ نحو نصف قرن.
فسيعطي اقتراع الأحد القادم فرصة للعالم كي يقيس نتائج الحرب التي قادتها الولايات المتحدة وأدت إلى مقتل أكثر من 1400 جندي أميركي وأضعاف ذلك العدد بعشرات المرات من العراقيين, فضلا عن أن تكلفتها تتعدى المليار دولار للأسبوع الواحد.
ومما يؤكد الأهمية القصوى التي يوليها بوش لهذه الانتخابات أنه لا يكاد يمر يومين أو ثلاثة حتى يتحدث عبر الهاتف إما مع رئيس الوزراء العراقي المؤقت إياد علاوي أو مع الرئيس العراقي المؤقت غازي الياور, الذي تحدث معه صباح الخميس مدة خمس دقائق.
ويصف بوش الانتخابات العراقية التي ستجري لاختيار أعضاء المجلس الوطني العراقي الـ275 بأنها "لحظة رائعة في التاريخ العراقي" والديمقراطية.
لكن بينما يزعم بوش أن إعادة انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي هي إقرار أميركي لسياسته في العراق, فإن قوته السياسية قد تتقوض كثيرا إذا ما فشلت الانتخابات في تأمين انتخاب حكومة عراقية مستقرة وإذا ما أدت بدلا من ذلك إلى تفاقم المقاومة المسلحة وكسبه مزيدا من التأييد.
القلق المتزايد
وتظهر استطلاعات الرأي قلقا متزايدا في الولايات المتحدة في ظل تواضع التطلعات الإيجابية حيال الانتخابات العراقية, التي من المفترض أن تؤدي إلى تغيير نحو الأفضل وإلا فإن هيبة الولايات المتحدة ستتأثر على المستوى الدولي للمرة الثانية.
يقول مدير مركز بيو لاستطلاعات الرأي آندرو كولت إن الانتخابات الأميركية مثلت استفتاء حول قيادة بوش لكن العراق كان عائقا أمام تلك الزعامة, مضيفا أن النجاح والفشل في العراق سيظل العامل الأساسي في ارتفاع أو انخفاض شعبية بوش خلال فترته الرئاسية الثانية.
من جهة أخرى سيؤدي أي تقهقر أميركي في العراق إلى تأكيد الصورة التي يحاول البعض إلصاقها بالرئيس بوش من أنه "بط أعرج"، كما سيقوض ذلك جهوده الرامية إلى سن قوانين داخلية باهظة الثمن مثل جعل خفض الضرائب مستمرا وإعادة هيكلة نظام الأمن الاجتماعي.
أما إذا أدت الانتخابات العراقية القادمة إلى انتخاب حكومة مستقرة وفتحت الباب لانسحاب أميركي على مراحل، فإن ذلك سيعطي دفعا دوليا لبوش يمكنه من تطبيق فكرته الرامية إلى نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط, كما سيمكن الجمهوريين من تنفس الصعداء إبان انتخابات 2006 و2008.
وقد استهدف المقاتلون العراقيون مراكز الاقتراع في محاولة منهم لنشر الرعب بين العراقيين لتخويفهم من التصويت, كما رمت تلك الأحداث بثقلها في واشنطن على المناقشات التي جرت في الكونغرس للتصويت على تنصيب
كوندوليزا رايس وزيرة للخارجية وتنصيب ألبرتو غونزاليس وزيرا للعدل بسبب دور كل منهما في الحرب على العراق.
يقول ستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية في جامعة بين ستيت يونفرسيتي -الذي أجرى دراسة لمعرفة آثار الحرب على العراق على الشؤون الداخلية الأميركية- إن ضجر الجمهوريين سيزداد بصورة كبيرة إذا لم تكن خطة الخروج من العراق قد بدأ تنفيذها مع اقتراب انتخابات 2006, مضيفا أنه "مع حلول عام 2008 "سيكون العراقيون حددوا مصيرهم السياسي وإلا فإن عبارة "مستنقع" ستتردد على الشفاه أكثر فأكثر".