خطوة العاهل الأردني.. ورقة ضغط أم تجنب حرج؟

في خطوة بدت مفاجئة للكثير من المراقبين أرجأ العاهل الأردني عبد الله الثاني اجتماعه الذي كان مزمعا عقده الأربعاء مع الرئيس الأميركي جورج بوش في واشنطن إلى الأسبوع الأول من مايو/ أيار المقبل، كما أرجأ لقاء كان مقررا الثلاثاء مع وزير الخارجية الأميركي كولن باول وقفل عائدا إلى بلاده.
ورغم محاولة البيت الأبيض التقليل من أهمية هذه الخطوة بالقول إنها جاءت بطلب من ملك الأردن بسبب الأوضاع الراهنة في المنطقة، فإنها تثير العديد من التكهنات القابلة لأكثر من تأويل.
ومن أبرز هذه التكهنات -حسب بعض المراقبين- أن العاهل الأردني يسعى للحصول على ضمانات من الإدارة الأميركية حول الوضع النهائي للأراضي الفلسطيني قبل لقائه ببوش، لاسيما بعد ما سمي بالتحول الدراماتيكي في موقف الأخير والإفصاح عن دعمه لخطط إسرائيل للانسحاب من قطاع غزة والاحتفاظ بأجزاء من الضفة الغربية، ورفضه أيضا حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.
آخرون ربطوا بين هذه الخطوة واغتيال إسرائيل لقائد حركة حماس في غزة الشهيد عبد العزيز الرنتيسي وخشية العاهل الأردني أن يحسب لقاؤه مع بوش على أنه تأييد ضمني لهذه العملية، لا سيما وأنه واجه إحراجا مماثلا بعد اغتيال الزعيم الروحي ومؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين قبل نحو شهر، عندما كشفت الصحافة الإسرائيلية عن لقاء له مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون قبل ثلاثة أيام من اغتيال ياسين.
غير أن مراقبين آخرين يستبعدون هذا التبرير ويقولون إن الملك عبد الله أراد بهذه الخطوة اللعب على أوتار الغضب المتأجج في صفوف أبناء شعبه –وقسم كبير منهم من أصول فلسطينية- حيال عمليتي اغتيال الشيخ ياسين والرنتيسي، وكسب دعمهم لمواجهة المخاطر التي تواجه بلده بعد اكتشاف مخطط تفخيخ السيارات قبل أيام وضبط قوى الأمن عدة عناصر وصفتها بالإرهابية وقتلها اليوم ثلاثة أشخاص وصفتهم بالإرهابيين أيضا في اشتباك بمنطقة الهاشمي شرق عمان.
المحلل السياسي الأردني جميل النمري أكد في حديث للجزيرة نت أن كل هذه التكهنات محتملة، لكنه رأى أن السبب الحقيقي لإلغاء اللقاء هو إدراك العاهل الأردني بعدم جدوى عقده، بعد الدعم الذي قدمه بوش لشارون في وقت كان يتوقع فيه أن يتم الاتفاق خلال لقائه ومن قبله الرئيس المصري حسني مبارك مع الرئيس الأميركي على اعتبار الانسحاب من غزة جزءا من خطة خارطة الطريق.
وأوضح أن دعم بوش لشارون يعني أيضا دعما لخطة الفصل الإسرائيلية وما تمثله من خطر مباشر على الأردن، لأنها تعني تضاؤل فرص إقامة دولة فلسطينية وإحياء فكرة الوطن البديل.
واستبعد النمري أن يؤثر إرجاء اللقاء على العلاقات بين البلدين، وقال إن العاهل الأردني يمتلك قدرا من هامش المناورة السياسية "التي تمكنه من الاختلاف مع واشنط"ن دون أن يؤثر ذلك على الدعم الأميركي المقدم للأردن.
ويتفق العديد من المراقبين على أن الملك عبد الله وغيره من الحكام العرب في موقف لا يحسدون عليه، وهم بين مطرقة واشنطن التي تطالبهم بمراعاة مصالحها بالمنطقة وسندان شعوبهم المتلهفة لموقف قوي منهم في وجه الأزمات التي تعصف بعالمهم العربي.
________
الجزيرة نت