ياسر عرفات والمسار الصعب
يرقد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات (75 عاما) حاليا في وحدة العناية المركزة في مستشفى بيرسي بباريس. وقالت ممثلة السلطة الفلسطينية في فرنسا ليلى شهيد إن عرفات في حالة غيبوبة "بين الحياة والموت"، ولكنها لم يبلغ حالة الموت السريري.
وقد عاصر عرفات أربعة عقود من الكفاح ضد المحتل الإسرائيلي، شهد خلالها عدة محطات هامة أثرت في مسار القضية الفلسطينية، وقد بدأ كفاحه في خنادق مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، رافضا فكرة التفاوض مع الاحتلال ما لبث بعدها أن التزم المفاوضات سبيلا للتوصل إلى إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967.
محطات تاريخية
ولا يعرف على وجه الدقة مكان وتاريخ ولادة محمد عبد الرؤوف القدوة الحسيني الذي اشتهر فيما بعد باسم ياسر عرفات أو أبي عمار، والأغلب أنه ولد في القاهرة في 24 أغسطس/آب 1929 وبدأ وعيه يتفتح على أحداث ثورة 1936.
بدأ مسيرته النضالية عام 1965 عندما ساهم في تأسيس أول خلية ثورية أطلق عليها اسم "فتح" وهي اختصار لحركة تحرير فلسطين، وحاول منذ ذلك الوقت إكساب هذه الحركة صفة شرعية فاتصل بالقيادات العربية للاعتراف بها ودعمها، ونجح بالفعل في ذلك فأسس أول مكتب للحركة في الجزائر عام 1965 مارس عبره نشاطا دبلوماسيا.
وبرز اسم عرفات بقوة عام 1967 حينما قاد بعض العمليات الفدائية ضد إسرائيل عقب عدوان 1967 انطلاقاً من الأراضي الأردنية. وفي العام التالي اعترف به الرئيس المصري جمال عبد الناصر ممثلا للشعب الفلسطيني.
وفي 1969 انتخب المجلس الوطني الفلسطيني عرفات رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تأسست عام 1964.
وتعرض عرفات ومن معه من رجال المقاومة الفلسطينية لضربة قوية في العام التالي أدت لخروجهم من الأردن إثر ما يعرف بأحداث "أيلول الأسود".
وشهد نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1974 الظهور الأبرز لعرفات على الساحة الدولية عندما ألقى خطابا تاريخيا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أكد فيه أن القضية الفلسطينية تدخل ضمن القضايا العادلة للشعوب التي تعاني من الاستعمار والاضطهاد.
وبين عامي 1978 و1982 تعرضت المقاومة الفلسطينية في لبنان لهجمات الاحتلال الإسرائيلي فاضطر عرفات إثر ذلك للموافقة على مغادرة لبنان تحت الحماية الدولية.
ومن المحطات البارزة في مشوار عرفات إعلان المجلس الوطني الفلسطيني في نوفمبر/ تشرين الثاني 1988 قيام الدولة الفلسطينية على التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف. وقد انتخب عرفات رئيسا لفلسطين في المناسبة ذاتها.
في نفس العام ألقى عرفات خطابا شهيرا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلن فيه اعتراف منظمة التحرير بحق إسرائيل في الوجود وبعد هذا الإعلان توالت اعترافات العديد من دول العالم بالدولة الفلسطينية المستقلة.
وفي الثامن من أبريل/ نيسان عام 1992 نجا عرفات بأعجوبة من حادث تحطم طائرته في الصحراء الليبية.
سلطة فلسطينية
في 1993 وقع عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين اتفاق أوسلو الذي أسفر عن إنشاء سلطة فلسطينية في بعض مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة وعودة عرفات إلى غزة رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية في 1994 وهو العام الذي حصل فيه على جائزة نوبل للسلام بالاشتراك مع رابين ووزير خارجيته شمعون بيريز.
واستمرت سلسلة المفاوضات في عدة محطات كانت أهمها مباحثات كامب ديفد الثانية التي انطلقت في منتصف عام 2000 بإشراف أميركي وانتهت بإعلان عرافات مطلع عام 2001 رفضه للمقترحات الأميركية التي تضمنت التنازل عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وتحويل القدس إلى مدينة مفتوحة فيها عاصمتان واحدة لليهود والأخرى للفلسطينيين.
وفي سبتمبر/أيلول 2000 اندلعت انتفاضة الأقصى إثر زيارة أرييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي للمسجد الأقصى وحالة اليأس والإحباط التي عمت الشارع الفلسطيني من المفاوضات التي لم تحقق له حلم الدولة الفلسطينية واستعادة الأراضي المحتلة وعودة اللاجئين.
وفي عام 2002 اجتاح الاحتلال الإسرائيلي عدة مدن فلسطينية في الضفة الغربية وقامت قوات الاحتلال بفرض حصار على عرفات استمر إلى يوم رحيله.