الانتفاضة أثبتت فشل خيار التسوية
" كشفت الانتفاضة مدى الانحياز الأميركي السافر للعدو الصهيوني والذي أكد أن الإدارة الأميركية هي الوجه الآخر للكيان الصهيوني " |
انتفاضة الأقصى وهي تودع عامها الرابع وتدخل عامها الخامس حققت الكثير، فمع كل الآلام التي تجرعها شعبنا الفلسطيني من تقديمه لأكثر من ثلاثة آلاف شهيد وآلاف الجرحى وسبعة آلاف معتقل وتدمير المقومات الاقتصادية وغيرها، إلا أن الخسائر لم تكن فقط حكرا على الفلسطينيين بل كبدت العدو الصهيوني خسائر فادحة وحققت إنجازات عظيمة من أهمها:
أولا: جسدت الوحدة الوطنية في أزهى صورها ودفعت بآفاق العمل الوطني المشترك، ووحدت شعبنا الفلسطيني بجميع أطيافه وفئاته بعد مرحلة من الفرقة والتشرذم في ظل اتفاقية أوسلو.
أعتقد أن كل ثورة تحرر لا بد أن يكون فيها إنجازات وإخفاقات. والانتفاضة يمكن أن نقول إنها رغم تمكنها من توحيد الشعب الفلسطيني إلا أنها لم توصله حتى هذه اللحظة إلى الاتفاق العملي ووضع برنامج سياسي مشترك بين جميع الفصائل وهذا ما تدعو إليه حركة حماس دوما من خلال دعوتها لتشكيل قيادة وطنية موحدة تقود العمل الوطني في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ القضية الفلسطينية.
" الانسحاب خطوة على طريق تحرير باقي الأرض الفلسطينية وهو إنجاز مرحلي عظيم " |
أريد أن أوكد أنه لا يمكن أن نحقق جميع الإنجازات في ظل سنوات، الانتفاضة قطعت شوطا طويلا وتوج ذلك بإصرار العدو الصهيوني على ضرورة الخروج والانسحاب من غزة، وهذا يمثل انتصارا لبرنامج المقاومة بعد أن فشل خيار التسوية في جلب شيء لشعبنا الفلسطيني والذي نعتبره نحن في حماس -أقصد الانسحاب- خطوة على طريق تحرير باقي الأرض الفلسطينية. وهذا يمثل إنجازا مرحليا عظيما ونأمل مع استمرار المقاومة وتفاعلها وتطورها أن نصل لإنجازات مماثلة مستقبلا.
أقول إن أهداف الانتفاضة والمقاومة، والهدف الإستراتيجي لحركة حماس هو تحرير كل فلسطين. وحماس تؤكد على أنها يمكن أن تتفق مع الفصائل الفلسطينية على بعض الإنجازات المرحلية لكن دون التنازل عن أي حق لشعبنا الفلسطيني.
أعتقد أن أية ثورة لا بد أن تقدم الشهداء، فالجزائر وحدها قدمت مليون شهيد حتى استقلت، ونحن في حركة حماس نؤمن أن النصر قريب وأن ما يقدمه الشعب الفلسطيني جزء من ثمن الحرية والنصر والاستقلال.
أعتقد أن أول من بدأ بقتل المدنيين هو العدو الصهيوني وتمثل ذلك بقتل الفلسطينيين عندما بدأت الانتفاضة بداية سلمية وشعبية. وقد بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون القتل في المسجد الأقصى عند اقتحامه فسقط عشرت الشهداء. وأي إنسان حر لا بد أن يدافع عن دمه وعرضه ووطنه وشعبه، وحركة حماس أكدت دوما أنها مستعدة أن تخرج المدنيين من دائرة الصراع إذا تحققت عدة شروط تكفل أمن وحرية الشعب الفلسطيني. لكن العدو الصهيوني مصر على قتل أبناء الشعب الفلسطيني دون فرق بين رجل وامرأة، ونحن نعامله بالمثل.
حماس تؤكد في كل المواقف حتى في ذروة العمليات الاستشهادية أنها مسعدة لإخراج المدنيين من دائرة الصراع، لكن العدو يعيش في حالة مأزق سياسي وتخبط، فنراه قد استنفذ جميع ما في جعبته ضد أبناء الشعب الفلسطيني حيث يدور الحديث الآن عن استقبال العدو لنحو 500 قنبلة ذكية، وهذا ليس بالجديد فقد استعمل العدو هذه القنبلة قبل فترة أثناء استهدافه للقائد العام لكتائب القسام الشيخ صلاح شحادة واستشهد حينها 15 فلسطينيا معظمهم من الأطفال الذين كانوا في غرف نومهم.
أعتقد أن الفساد كان قائما ومنتشرا في معظم أروقة السلطة ومؤسساتها قبل الانتفاضة التي شجعت على ضرورة فتح ملف الفساد ومحاسبة الفاسدين. لكن أريد أن أقول إن المسار الذي خطه من يسمون بالمصلحين لم يكن المسار السليم في الإصلاح الذي يتطلع إليه شعبنا الفلسطيني، وهذا ما خلق الأزمة الداخلية والأحداث التي جرت في غزة ثم الضفة.
" صواريخ القسام وأسلحة المقاومة جعلت الاحتلال يتحدث جديا عن قضية الانسحاب من مستوطنات غزة " |
لم يطرأ أي تغيير على موقف حماس من الانتخابات، فحماس قدمت التضحيات الجسيمة لرفضها اتفاقيات أوسلو الهزيلة والمهزومة التي لفظها الشعب الفلسطيني وهذا يمثل موقفا إستراتيجيا لدى حركة حماس. وبخصوص الانتخابات المحلية والبلدية فإن موقف حماس واضح في ذلك حيث إنها ستشارك بفعالية على الرغم من وجود تحفظات وملاحظات قدمناها للجهات المختصة.
أعتقد أن العديد قد غير أهدافه الإستراتيجية لكن حركة حماس أهدافها واحدة وواضحة ولا تتغير في مرحلة من المراحل وهي متمثلة في تحرير فلسطين كل فلسطين على اعتبار أن ذلك حق ديني ووطني وتاريخي للشعب الفلسطيني.
" الحوار الفلسطيني مستمر بين الفصائل لكنه لم يتوصل إلى نتائج نهائية وإن كان بعض التقارب والتفاهم قد حدث بين الفصائل من خلال هذا الحوار " |
الحوار الفلسطيني-الفلسطيني مستمر بين الفصائل الفلسطينية لكنه لم يتوصل إلى نتائج نهائية، وإن كان بعض التقارب والتفاهم قد حدث بين الفصائل من خلال هذا الحوار. وحماس تؤكد على ضرورة الحوار لترتيب البيت الفلسطيني وللوصول إلى القيادة الفلسطينية الموحدة التي أضحت مطلبا وطنيا على أن تستند إلى برنامج سياسي واضح.
ندعو الله سبحانه وتعالى أن يكون العام الخامس عاما أفضل للانتفاضة ولبرنامج المقاومة من خلال الوصول إلى القواسم المشتركة بين فصائل الشعب الفلسطيني والاتفاق على برنامج سياسي يلتزم به الجميع. وأيضا نأمل أن يكون الجميع في خندق المقاومة وأن نصل إلى انتخابات نزيهة وحرة.
ـــــــــــ
مراسل الجزيرة نت