الجلبي يعتبر رفع العقوبات تكريسا لاحتلال العراق

توالت ردود الفعل على قرار مجلس الأمن الدولي رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة منذ 13 عاما على بغداد. فقد انتقد رئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي بشدة هذا القرار خاصة الفقرة التي تشرع ضمنا احتلال العراق.
وقال الجلبي أمام المؤتمر التأسيسي للتيار الإسلامي الديمقراطي ببغداد إن هذا القرار يخالف الاتفاق مع مسؤولي الإدارة الأميركية باعتبار أن قواتها جاءت لتحرير العراق وليس لاحتلاله، مشيرا إلى أن القرار يتضمن بنودا مؤسفة بوصفه القوات الأميركية والبريطانية بأنها قوات احتلال.
واعتبر الجلبي أن الشعب العراقي أصبح في ضوء هذا القرار مكبلا لا يتحكم في موارده التي يديرها صندوق للتنمية في العراق لا يضم في تشكيلته عراقي واحد.
كما تباينت آراء العراقيين إزاء القرار بين متفائل به وبين من اعتبر أن آثاره المادية في حياة العراقيين لن تكون ملموسة في المدى القريب.
غير أن معظم ردود الفعل العراقية اتفقت على اعتبار القرار تكريسا للاحتلال الأميركي، فضلا عن اتهام واشنطن بالسعي للسيطرة على ثروات البلاد.
واعتبر حميد هاشم وهو مدرس عراقي أن القرار عديم الجدوى لعدم تشكيل حكومة حتى الآن، وأعرب عن أمله في أن تستغل واشنطن ولندن القرار لمصلحة الشعب العراقي. وقال مواطن آخر يدعى أحمد حسن لرويترز إن القرار لا يعني شيئا في ظل عدم توافر الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، مطالبا بضرورة استعادة الأمن في العراق.
الموقف العربي
وعربيا أعلنت سوريا رسميا موافقتها على قرار مجلس الأمن 1483 بعد أن تغيبت عن جلسة التصويت في مجلس الأمن. وذكرت وكالة الأنباء السورية أن الجمهورية العربية السورية وجهت وفدها الدائم في الأمم المتحدة ليوافق على القرار.
وأشار السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة جون نغروبونتي إلى أن سوريا يمكنها الانضمام إلى التصويت عبر توجيه رسالة بهذا المعنى إلى رئيس مجلس الأمن ليصبح تبنيه رسميا بالإجماع.
بيد أن سوريا أبدت تحفظات حيال القرار واعتبرت أنه "لا يرقى إلى ما يطمح إليه المواطنون العراقيون في أن يصبح بلدهم حرا سيدا موحدا أرضا وشعبا يتمتع بثرواته الطبيعية، ويلعب دوره الفاعل على الساحتين العربية والدولية".
وقد عزا نائب رئيس البعثة السورية لدى الأمم المتحدة فيصل مقداد أسباب عدم تمكن الوفد السوري من المشاركة في التصويت على قرار رفع العقوبات عن العراق, إلى غياب المندوب السوري بسبب استدعائه إلى دمشق.
وذكر مصدر دبلوماسي أوروبي في العاصمة السورية طلب عدم ذكر اسمه أن سوريا أدركت أن موقفها في مجلس الأمن يعزلها عن باقي الأسرة الدولية ويضعها في وضع محرج حيال فرنسا وروسيا وألمانيا التي وافقت على رفع العقوبات رغم معارضتها للتدخل العسكري في العراق.
وجددت مصر دعوتها إلى تشكيل حكومة عراقية بأسرع وقت مؤكدة أن الولايات المتحدة وبريطانيا هما "سلطات احتلال وليس سلطات لها سيادة في العراق".
واعتبر أسامة الباز المستشار السياسي للرئيس المصري حسني مبارك أن "العراق به الكثير من المشاكل، الآن وهذا الوضع لا يمكن السماح باستمراره طويلا".
ورأى الباز أن الأميركيين والبريطانيين مضطرون في المستقبل للبحث عن الطريقة الأمثل لتمكين سلطة عراقية من مباشرة عملها. وقال "إن الوضع الحالي في العراق مؤقت بطبيعته ولا يمكن استمراره بهذا الشكل دون قيام سلطة وطنية عراقية تباشر مهام إدارة البلاد".
رفع العقوبات
وينص القرار 1483 على رفع جميع العقوبات الدولية المفروضة على العراق باستثناء الحظر على الأسلحة. ومنح مجلس الأمن الدولي الولايات المتحدة وبريطانيا سلطات واسعة لإدارة العراق أثناء فترة ما بعد الحرب واستغلال موارده النفطية الوفيرة لتمويل عمليات إعادة الإعمار. وستذهب عائدات النفط إلى صندوق عراقي جديد للتنمية تديره الدولتان ويشرف عليه مجلس دولي.
ورحبت دول عدة بهذا التصويت على رفع العقوبات واعتبرته دلالة على عودة الوحدة بعد أشهر من الانقسامات في صفوف المجتمع الدولي بسبب الحرب.
وأعلن الرئيس جورج بوش أن دورا حيويا ينتظر الأمم المتحدة في إعادة إعمار العراق وفي المرحلة الانتقالية نحو تشكيل حكومة جديدة. وتعهد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بتعيين ممثل خاص للعراق قريبا لتحديد دور للمنظمة الدولية في جهود إعادة الإعمار بالتعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا. وقال دبلوماسيون إنه قد يتم إسناد هذا المنصب لمفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سيرجيو فييرا دي ميلو.