العواصف تعرقل تقدم قوات الغزو وغارات على بغداد
أعاقت العواصف الرملية والرعدية القوية التي تعرضت لها معظم مناطق العراق اليوم مواصلة الطائرات الأميركية والبريطانية مهامها القتالية في الأجواء العراقية. ورغم هذه الأجواء العاصفة فقد واصلت قوات البحرية البريطانية إطلاق نيران بطاريات مدفعيتها الثقيلة لقصف مواقع القوات العراقية جنوبي البلاد.
وتعرضت القوات الأميركية التي تحاول التقدم نحو بغداد لعاصفة رملية شديدة قرب مدينة النجف التي تبعد 160 كلم إلى الجنوب من العاصمة العراقية. وقد أدى ذلك إلى انعدام الرؤية وتعطل التحركات العسكرية وعدم تمكن الطائرات المروحية من التحليق. ورغم ذلك تعرضت العاصمة العراقية بغداد وضواحيها لموجة من الغارات الجوية العنيفة استهدفت حسب أقوال عسكريين غربيين قوات عراقية متمركزة فيها تدافع عن بغداد.
وقالت مصادر عسكرية أميركية إنها فقدت مروحيتين من طراز أباتشي وبلاك هوك خلال العاصفة الرملية جنوبي العراق. وتواجه القوات الأميركية البريطانية مقاومة عنيفة في مناطق الجنوب العراقي، فيما تحاول بدء هجوم على قوات النخبة العراقية المدافعة عن بغداد.
العمليات العسكرية
وفي قاعدة السيلية قرب الدوحة بقطر قال العميد فينس بروكس -من قيادة الأركان الأميركية- إن جهود القوات الأميركية والبريطانية في عملياتها الحالية تنصب على ما دعاها مواجهة نظام الحكم في بغداد بشكل مباشر وحاسم ودقيق. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي اليومي للقوات الأميركية، حيث عرض بروكس على الصحفيين عددا من الصور الثابتة لأهداف عراقية تعرضت لضربات بالقنابل أو الصواريخ الأميركية.
وقال بروكس إن قوات المظلات الأميركية استولت على مهبط للطائرات في الصحراء العراقية خلال الليل في هجوم من الجو.
من جهته أكد الجنرال فكتور رينوارت -من قيادة الأركان الأميركية- أن القوات الأميركية والبريطانية تكبدت خسائر خلال الساعات الـ 24 الماضية من العمليات العسكرية التي تقوم بها في غزوها للعراق. وأضاف القائد الأميركي أن العملية تسير كما هو مخطط لها بوجه عام، وأن القوات الأميركية ما زالت تسير في الإطار الزمني الموضوع رغم المقاومة العراقية وسوء الأحوال الجوية.
وأكد أن الطيران الأميركي نفذ 1400 طلعة فوق العراق مركزة على قوات الحرس الجمهوري العراقي ومواقع صواريخ أرض أرض. كما أشار إلى أن القوات الأميركية تواصل التقدم شمالا وتحاول إيصال تعليمات إلى العراقيين بلزوم منازلهم وقراهم وعدم الاقتراب من التشكيلات العسكرية.
وقال رينورت إن قوات التحالف لا تعتزم محاصرة مدينة البصرة لكنها ستضرب أهدافا عسكرية فيها مثل مناطق المقاومة الرئيسية وموقع عناصر الفدائيين والقوات الخاصة للحرس الجمهوري وقوات حزب البعث.
معارك البصرة
وقد أفاد مصدر عسكري تابع للبحرية البريطانية بأن القوات البريطانية تخوض معركة بالدبابات مع القوات العراقية جنوبي مدينة البصرة, وأنها دمرت نحو خمس دبابات عراقية. كما قالت قيادة القوات البريطانية إن هذه القوات لا تريد تجاوز مدينة البصرة وإنها تعتبرها هدفا عسكريا، وهو ما يناقض ادعاءاتها السابقة. كما ذكر متحدث عسكري بريطاني أن القوات البريطانية أسرت مسؤولا كبيرا في حزب البعث بالبصرة.
وقد خرج العديد من سكان البصرة إلى الشوارع تعبيرا عن تصميمهم على المقاومة، وكانوا يرددون شعارات تعبر عن دعمهم وتأييدهم للقيادة العراقية والتفافهم حول الرئيس صدام حسين في هذه الظروف. وتتواصل الغارات الجوية على مختلف المدن العراقية مما أدى إلى مقتل وجرح مئات العراقيين أغلبهم من المدنيين.
وأعلن التلفزيون العراقي أن المقاتلين العراقيين في البصرة أسقطوا اليوم طائرة أميركية بدون طيار. وفي تصريح للجزيرة نفى وزير الإعلام العراقي بشدة اندلاع انتفاضة شعبية في البصرة ضد الحكومة العراقية ووصفها بأنها تخرصات روجها الأميركان. كما نفى مراسل الجزيرة في البصرة ما تردد بشأن اندلاع هذه الانتفاضة.
الناصرية وأم قصر
في هذه الأثناء أفادت أنباء بأن طابورا يضم أربعة آلاف عنصر من قوات المارينز الأميركية عبر اليوم نهر الفرات وقناة صدام في مدينة الناصرية وسط معارك كثيفة. وقال مراسل لرويترز يرافق مشاة البحرية الأميركية إن القافلة شقت طريقها عبر شوارع المدينة في طابور من المدرعات وإنها عبرت النهر ثم القناة واتجهت شمالا.
وشقت القافلة طريقها عبر شوارع المدينة تحت غطاء من صواريخ طائرات المروحيات وقصف المدفعية والدبابات والرشاشات الثقيلة. وفور انتهاء الشاحنات وغيرها من العربات العسكرية غير المصفحة من عبور النهر تلتها الدبابات وغيرها من المدرعات تاركة المقاتلين العراقيين يواصلون معركتهم في المدينة التي يقطنها نحو ربع مليون نسمة وتبعد عن بغداد 375 كلم إلى الجنوب. وذكر مراسل لوكالة الأنباء الفرنسية أن جثث أكثر من مائة عراقي يمكن مشاهدتها على الطريق إلى بغداد عند المخرج الشمالي للناصرية.
كما أفاد مراسل الجزيرة في أم قصر بأن القوات البريطانية أعلنت سيطرتها على ميناء البلدة لكنها اعترفت بفشلها في إيجاد أي استعداد لدى مسؤولي وموظفي الميناء في التعامل معها. فقد غادر هؤلاء ولم يعودوا رغم حاجة القوات الغازية إليهم لمواصلة تسيير الميناء. وقد اضطرت السلطات البريطانية إلى التفكير في استقدام عمال من خارج العراق.
ويبدو أن الجنود الأميركيين والبريطانيين يتخذون الحذر من جيوب المقاومة العراقية. وتظهر الصور قدرا من التوجس وسط مساع من كبار الضباط الأميركيين والبريطانيين لإيجاد إدارة محلية تقوم برعاية شؤون المواطنين العاديين الذين باتوا محصورين بين غياب السلطة العراقية وعدم تمكن قوات الغزو من تنفيذ وعدها بتقديم المساعدات الإنسانية المطلوبة.
وقال ناطق باسم البحرية البريطانية إن السفينة البريطانية "سير غالاهاد" ستصل غدا الأربعاء إلى المرفأ وستفرغ حمولة 231 طنا من المساعدة الإنسانية بينها 192 طنا من المواد الغذائية ومياه الشرب و11 طنا من الأغطية بالإضافة إلى أدوية.
كما ذكرت متحدثة عسكرية أميركية أن مقاتلة أميركية من طراز إف/16 أطلقت بطريق الخطأ نيرانها على بطارية صواريخ باتريوت أقامتها القوات الغازية جنوبي العراق. ولم تقع خسائر بشرية في الحادث الذي وقع الاثنين على بعد نحو 48 كلم جنوبي النجف.
من جهة أخرى قام عدد من الصحفيين بزيارة مصفاة الدوري للبترول جنوب شرقي بغداد، للقاء مجموعة من الأجانب جاؤوا إلى العراق ليكونوا دروعا بشرية. وقال وزير النفط العراقي عامر رشيد إنه رغم قصف قوات التحالف ما زال بإمكان السلطات توفير المواد النفطية للسكان والعسكريين على حد سواء، إذ تنتج المصفاة مائة ألف برميل من النفط يوميا. وردا على سؤال لإحدى المشاركات في حملة الدروع البشرية، قالت الأميركية فيث فيبينغر إنها تأسف لما آلت إليه الأوضاع في العراق وللجوء إلى الحرب لحل المشكلات الناجمة عن الاختلاف في الآراء.