ترحيب أميركي حذر بمبادرة جنيف للسلام

أكدت الولايات المتحدة التزامها بخطة خارطة الطريق كسبيل وحيد للسلام في الشرق الأوسط، إلا أنها رحبت في الوقت نفسه بأي جهود سلام مثل تلك التي بذلت بجنيف.
وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية ريتشارد باوتشر إن بلاده رحبت بجهود مماثلة لتلك التي قدمها واضعو اتفاق جنيف، ولكنه أكد أهمية خارطة الطريق للتقدم باتجاه القضايا التي تمت مناقشتها في اتفاق جنيف. وجدد باوتشر القول إن هناك حاجة إلى أن يفي الفلسطينيون والإسرائيليون "بمسؤولياتهما والتزاماتهما".
وفي القاهرة شدد الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط وليام بيرنز على أن واشنطن لا تدعم أي خطة سلام غير رسمية لكنها تنظر إلى مختلف المبادرات على أنها مساهمات إيجابية ومفيدة لعملية السلام.
واستبعد أرون ميلر المساعد السابق للمنسق الأميركي لعملية السلام بالشرق الأوسط أن ترضى إدارة بوش بوثيقة جنيف بديلا عن خارطة الطريق. لكنه رجح في لقاء مع الجزيرة أن توافق الإدارة الأميركية على المسار المتضمن في الوثيقة.
وقالت مصادر دبلوماسية إن "مبادرة جنيف" يمكن أن تشكل عاملا ضاغطا على الفريقين الفلسطيني والإسرائيلي لدفعهما نحو السلام كما يمكن أن تشجع المجتمع الدولي على التحرك.
إطلاق المبادرة
وفي سويسرا حضرت شخصيات بارزة في احتفال التوقيع على "مبادرة جنيف" التي شارك في وضعها الوزير الإسرائيلي السابق يوسي بيلين مهندس اتفاقات أوسلو المرحلية للسلام عام 1993 التي تعتبر عمليا ميتة الآن، والوزير الفلسطيني السابق ياسر عبد ربه.
وتقترح اتفاقية جنيف التي جاءت في 50 صفحة إقامة دولة فلسطينية تكون حدودها ملاصقة لإسرائيل قبل عام 1967، وتمنح الفلسطينيين السيادة على معظم أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وجزء من القدس المحتلة مع تقاسم السيادة على القدس.
كما تطالب بإزالة معظم المستوطنات التي يقطنها نحو 160 ألف إسرائيلي مع تنازل قرابة 4 ملايين لاجئ فلسطيني عن حق العودة إلى أراضيهم ومنازلهم التي أقامت إسرائيل دولتها عليها عام 1948.
ترحيب دولي
ولاقت الوثيقة ترحيبا دوليا واسعا، ووقعت 58 شخصية سياسية دولية بارزة على بيان تأييد اعتبرها "بارقة أمل لواحد من أطول الصراعات في العالم", واعتبرها الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر أفضل خطة لأي سلام محتمل.
من جانبه أبدى رئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا الحائز على جائزة نوبل للسلام عبر اتصال بالفيديو دعمه الكامل لاتفاقية جنيف.
وبعث خافيير سولانا مسؤول السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي برسالة أشاد فيها بمسودة الوثيقة باعتبارها "مثالا قويا على كيف يمكن لجهود المجتمع المدني أن تساعد في استعادة المنظور السياسي.. وتظهر للإسرائيليين وللفلسطينيين على حد سواء أن هناك شركاء للسلام على الجانب الآخر".
ورحب الرئيس المصري حسني مبارك بهذه الوثيقة، وقال إن بلاده تؤيد أي خطة لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
كما حظي الاتفاق برسائل تأييد من كل من العاهل المغربي محمد السادس ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون والرئيس البولندي السابق ليخ فاونسا.
إدانة
وانتقد المسؤولون الإسرائيليون الوثيقة ووصفوها بأنها محاولة من منافسي شارون لزعزعة حكومته.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز في تصريح للإذاعة الإسرائيلية "لا تتناسب مبادرة جنيف مع خارطة الطريق، لذا فإن الحكومة الإسرائيلية ترى أن خارطة الطريق هي الأساس الوحيد للمحادثات مع الفلسطينيين".
وفيما رفض الرئيس ياسر عرفات إبداء تأييد رسمي للاتفاق، أرسل مستشاره لشؤون الأمن القومي جبريل الرجوب لحضور احتفال الإعلان عن وثيقة جنيف.
كما أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وثيقة جنيف، وطالبت في بيان لها وزع في غزة السلطة بموقف واضح وصريح منها "ورفع الغطاء السياسي عن موقعيها". وفي المقابل رفضت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي يتزعمها عرفات إبداء تأييدها للوثيقة.
وقال الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة في مقابلة مع الجزيرة إن وثيقة جنيف هي لخدمة اليسار الإسرائيلي وإن مصيرها إلى الأدراج.
وفي الأراضي المحتلة عبر آلاف اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة عن رفضهم للوثيقة، وحذروا من أنها تسقط حق عودة ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجروا من مدنهم وقراهم عام 1948 مؤكدين أنهم لن يتخلوا عن هذا الحق مهما كانت الظروف.
ونظم الفلسطينيون مؤتمرا شعبيا آخر في بيروت وتظاهروا في رام الله وأصدروا بيانات التنديد في مدن جنين ونابلس, محذرين من مغبة تبني الوثيقة بشكل رسمي والتنازل عن حق اللاجئين في العودة.