التطبيق التدريجي للديمقراطية.. مبدأ جديد يتبناه بوش

تبنى الرئيس الأميركي جورج بوش في خطابه عن الديمقراطية في الشرق الأوسط لأول مرة فكرة التطبيق التدريجي للديمقراطية في دول المنطقة. وجاء هذا التبني بعد أن اعترف بوش في الخطاب بفشل السياسة الأميركية التي امتدت لنحو 60 عاما في تأييد حكومات لا تلتزم بالحرية السياسية.
وتعني فكرة التطبيق التدريجي للديمقراطية التي تبناها بوش بخطابه في المجلس الوطني لتنمية الديمقراطية -حسب مراقبين- أن هذا التطبيق سيتم التحايل عليه بما يخدم المصالح الأميركية. كما تعني أن الولايات المتحدة ستصبر على الدول التي تتهمها بالابتعاد عن الديمقراطية إلى أن ترضخ لمطالبها بما يضمن أمن واشنطن وإسرائيل.
وتوحي مفردات الخطاب إلى وجود تعريف معين لمفهوم الديمقراطية من وجهة النظر الأميركية, ويتمثل هذا التعريف في سلوك الولايات المتحدة على المسرح الدولي الذي ينافي المفاهيم التي تدعو لإرسائها في الشرق الأوسط, فعلى سبيل المثال نراها تستخدم حق النقض (الفيتو) مع جميع القرارات التي تدعو الأمم المتحدة فيها إسرائيل إلى احترام حقوق الفلسطينيين واحترام سيادتهم وأمنهم، دون أن ترى في ذلك مخالفة لأسس الديمقراطية.
ورأى بوش في الخطاب أن تطبيق الديمقراطية في المنطقة سيقضي على التطرف الذي تعتبره عدوها المباشر والمهدد الأساسي لأمنها الداخلي. لذلك يصر جورج بوش على إبعاد الأحزاب الإسلامية من تولي زمام السلطة في جميع الدول العربية.
وبدا ذلك واضحا في النقد المباشر الذي وجهه مرارا إلى المملكة العربية السعودية التي قال إن سياساتها المتسامحة مع الإسلاميين أذكت روح العداء للولايات المتحدة وجعلتها تعيد حساباتها معها بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 عندما تبين لواشنطن أن 15 من منفذي الهجمات كانوا سعوديين.
لقد ساندت واشنطن لسنوات طويلة حكومات شمولية في عدة دول إسلامية ينظر إليها كثير من مواطنيها على أنها فاسدة وغير شرعية من الناحيتين السياسية والدينية, وقد أججت هذه المساندة بدورها المشاعر المناهضة للأميركيين في المنطقة لأن جماعات المعارضة قالت إن سحب واشنطن مساندتها لها سيفتح الطريق أمام تغيير ديمقراطي وشعبي.
إطراء وتوبيخ
وأثنى بوش في الخطاب على التغييرات الديمقراطية في الأردن وعمان والبحرين وقطر والكويت والسعودية والمغرب ومصر, معتبرا أن سقوط بغداد وانهيار حكومة الرئيس العراق صدام حسين كانا السبب وراء ركوب تلك الدول موجة التغيير. لكنه انتقد سوريا وإيران واصفا حكومة دمشق بالدكتاتورية, ومتهما إيران التي يعتبرها جميع المراقبين الدولة الأكثر ديمقراطية في المنطقة بقمع الحركات الديمقراطية.
كما أثنى الرئيس الأميركي على مجلس الحكم العراقي والإدارة الأميركية هناك, قائلا إنهما يعملان على تطبيق الديمقراطية في أجواء عسيرة سببها محاولات من سماهم الإرهابيين وأتباع صدام عرقلة هذه المسيرة.
وفي ما يتعلق بالمسألة الفلسطينية رأى أن "الطريق الوحيد الذي يمكن أن يقود الفلسطينيين إلى مستقبل من السلام والتقدم هو طريق الديمقراطية".
ويرى محللون أن خطاب بوش محاولة لتبرير الحرب على العراق في وقت يجد فيه نفسه في زاوية ضيقة بسبب تزايد خسائر قوات الاحتلال وتنامي الشعور المعادي لأميركا بين العديد من المسلمين.
كما أن هذا الخطاب موجه للداخل لأنه يريد أن يبعث رسالة لإقناع الناخبين الأميركيين بأن رياح التغيير الديمقراطي التي تهب على عدد من الدول العربية هي غربية خفيفة إلى معتدلة السرعة.
____________________________
الجزيرة نت