ملف مثقل بالتحديات ينتظر خليفة محاضر محمد

بدأ العد التنازلي أمام عبد الله بدوي لخلافة محاضر محمد الذي أمضى 22 عاما بمنصب رئيس الوزراء في ماليزيا.
وبانتظار بدوي الملقب "بالرجل اللطيف" تحديات سياسية واقتصادية صعبة لإدارة ماليزيا المؤلفة من عرقيات متعددة. ويصعب على المراقبين التكهن بطبيعة السياسة التي سينتهجها بدوي (63 عاما) في حكمه, لكنهم يدركون جيدا أنه التلميذ البار لمحاضر وأنه أمضى سنوات عديدة في ظله, خاصة أن والد عبد الله بدوي كان من مؤسسي حزب المنظمة الوطنية المتحدة للماليزيين الذي يترأسه محاضر.
درس بدوي الفقه الإسلامي ودخل المعترك السياسي عام 1978 وتولى حقائب التربية والدفاع والخارجية والداخلية في حكومة محاضر، وعين بعدها نائبا لرئيس الوزراء عند إقالة أنور إبراهيم الساعد الأيمن السابق لمحاضر بشكل مفاجئ عام 1998.
ويشك المحللون في أن يتميز بدوي على محاضر في مجال حقوق الإنسان, حيث يذكر ملفه أنه عندما كان وزيرا للداخلية صادق على اعتقال العديد من الشخصيات التي اشتبه في علاقتها بتنظيم الجماعة الإسلامية دون محاكمة.
كما أن بدوي وعد بمواصلة سياسة سلفه على الصعيد الاقتصادي وهو مجال يفتقر فيه إلى الخبرة، في حين أن إدارة محاضر للشؤون الاقتصادية الماليزية جعلت من هذا البلد إحدى الدول التي نهضت على أفضل وجه من الأزمة الاقتصادية التي شهدتها آسيا بين العامين 1997 و1998.
غير أن الأسلوب سيكون دون شك مختلفا فمحاضر اشتهر بصراحته المطلقة في الكلام وميله إلى المواجهة, في حين أن بدوي يزن كلامه بحرص ويفضل العمل الجماعي, وهي ميزة ستلقى دون شك استحسان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذين غالبا ما أربكتهما طباع محاضر الخارجة عن أي سيطرة.
والسؤال المطروح هنا هو: هل سيكون هذا النهج الجديد ناجحا إزاء التحديات التي تنتظر رئيس الحكومة الذي سيواجه بعد عام على أبعد تقدير انتخابات يتعذر التكهن بنتائجها في غياب أي استطلاعات للرأي، كما سيكون عناصر الحزب الإسلامي -الذي يسعى لإقامة دولة إسلامية في ماليزيا- أشد معارضيه.
نجاحات تاريخية
وعلى أي حال لا يمكن للمتتبع للشأن الماليزي أن ينكر أن محاضر الذي سيترك منصبه يوم الجمعة المقبل اتهم بالطائفية رغم أجواء التسامح الديني والعرقي التي نجح في إرسائها. وقد تمكن محاضر الذي عرف بأنه أشد منتقدي الرأسمالية في تحويل بلاده من دولة تعتمد على تصدير المطاط إلى أمة صناعية كبرى.
ومن الصعب إطلاق صفة الدكتاتور على محاضر (77 عاما) لأنه يتباهى دائما بأن حكومته "تمثل بقوة جميع الأجناس والديانات والثقافات".
وأكبر مآثر محاضر نجاحه في تحقيق الانسجام بين المالاويين الذين يشكلون 65% من عدد سكان ماليزيا والصينيين، بعد المواجهات الخطيرة التي جرت بين هاتين العرقيتين في السبعينيات. وأكثر ما يفخر به هو تطبيق نظام التمييز الإيجابي الذي يتيح للمالاويين أن يعوضوا قليلا تأخرهم عن الأقلية الصينية المسيطرة على الاقتصاد.
ولد محاضر في 20 ديسمبر/ كانون الأول 1925 وهو أصغر الأبناء الستة لمعلم من أصل هندي وأم ماليزية. وقد بدأ حياته العملية كطبيب قبل أن يدخل عام 1964 حلبة السياسة ويتسلق درجاتها سريعا.
وتولى محاضر في يوليو/ تموز 1981 رئاسة الحكومة، وسرعان ما اشتهر بأنه غير تقليدي. ففي خضم الأزمة الآسيوية (1997-1998) تجرأ على القيام بعكس ما نصحه به صندوق النقد الدولي كليا ففرض رقابة على رؤوس الأموال ورفع قيمة العملة الماليزية لترتفع على الدولار الأميركي.
وكانت ماليزيا أفضل الدول تغلبا على الأزمة، ويتوقع أن تبلغ نسبة النمو فيها هذا العام 4.5% مع معدل بطالة لا يذكر في بلد كان في الماضي مجرد مصدر للمطاط والقصدير ليحتل اقتصاده اليوم المرتبة الـ17 بين اقتصاديات دول العالم.
________________________________
* الجزيرة نت