الانتخابات تعصف بإيران داخليا والمسألة النووية خارجيا

غطى الجدل المتصاعد داخليا وخارجيا بشأن البرنامج النووي الإيراني على نقاش داخلي يتسم بأهمية قصوى في تحديد مسارات إيران السياسية في المستقبل القريب.
ومحور هذا النقاش هو الانتخابات النيابية التي تعد الأكثر مصيرية بالنسبة للتيارات السياسية المتصارعة على الإمساك بزمام الأمور في البلاد، وكذلك بالنسبة للقوى الخارجية التي ترقب الوضع الداخلي الإيراني عن كثب وتتوقع حدوث تحولات تنعكس على سياسات إيران الخارجية.
ويرى المراقبون أن تجربة الرئيس محمد خاتمي الشائكة في ولايته الأولى دفعته للتفكير مبكرا بضرورة ترتيب انتخابات برلمانية بعيدة عما يصفه الإصلاحيون بأسلوب الوصاية الذي سيصبحون هم ضحيته الأولى.
وبناء على هذا الرأي قدم خاتمي منذ أكثر من سنة ما يمكن اعتباره خلاصة أفكاره للخروج من الانسداد السياسي الذي دخلت فيه الحركة الإصلاحية التي أطلقها عام 1997. وتقوم فكرة الرئيس الإيراني على لائحتين شهيرتين عرفتا فيما بعد بلائحتي الرئيس.
وتتركز إحدى اللائحتين على تعزير صلاحيات الرئيس الدستورية ومنحه سلطات أوسع في مجال الدفاع عن الدستور ومتابعة تطبيقه، في حين تركز اللائحة الثانية على الانتخابات كمحور أساسي وخاصة الانتخابات البرلمانية.
وتهدف محاولة الرئيس خاتمي لإصلاح القانون الانتخابي ضمن إحدى اللائحتين إلى الحد من سلطة المحافظين على هذه الانتخابات عبر الحد من صلاحيات مجلس صيانة الدستور -المرجعية الدستورية في الإشراف على الانتخابات- في إقرار أهلية المرشحين.
وكانت لائحة خاتمي لإصلاح قانون الانتخابات التي قدمها قبل عام ونصف بمثابة إطلاق للمعركة الانتخابية قبل موعدها. وخلال هذه الفترة لم يهدأ النقاش داخل الطبقة السياسية بشأن الموضوع بين مؤيد لمقترحات خاتمي ومعارض لها. وأكبر مشكلة تواجه التعديل المقترح هو حاجته إلى موافقة الهيئة التي استهدف الحد من صلاحياتها، إذ يحتاج التشريع المقترح حتى يصبح ساري المفعول موافقة مجلس صيانة الدستور بالإضافة إلى موافقة البرلمان.
وكان واضحا منذ البداية أن مجلس صيانة الدستور سيرفض التشريع فورا كما حدث بالفعل، ولكن يبدو أن رهان خاتمي على نفوذه الشعبي وسيطرة أنصاره على البرلمان إضافة إلى الحكومة هي التي دفعته إلى المغامرة بطرح هذه اللوائح ووضع كل ثقله من أجل كسب المعركة حولها. وقد بلغ الحد بخاتمي درجة التلويح بالاستقالة إذا تم رفض الإصلاحات المقترحة، واعتبرها تمثل الحد الأدنى من مبرر استمراره في السلطة.
ورغم أن المعركة على إنقاذ هاتين اللائحتين لم تنته بعد من الناحية الدستورية حيث يتحتم إرجاعهما إلى هيئة التحكيم العليا في البلاد -أي مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي يترأسه الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني- من أجل حسم الموضوع، فإنها عمليا تبدو منتهية إذ لاوجود لمؤشرات تدعو الإصلاحيين إلى التفاؤل حتى الآن، خصوصا أن الموازنة داخل هيئة التحكيم العليا تميل لصالح تيار المحافظين.
وفي محاولة أخيرة لإنقاذ الوضع يبذل أقطاب الإصلاحيين حاليا وفي طليعتهم خاتمي جهودا مكثفة لتوجيه الضغوط الخارجية التي تعاني منها إيران في الوقت الحاضر لصالح المسيرة الإصلاحية. وتقوم المحاولة على ضرورة تعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات الخارجية.
والخطوة الأولى على طريق تفعيل المشاركة الشعبية في العملية الانتخابية تتمثل في توسيع تنوع المرشحين وتخفيف القيود المفروضة عليهم كي يجد كل ناخب ما يناسبه من بين المرشحين للانتخابات البرلمانية.
________________
* مراسل الجزيرة نت