مقدونيا: استمرار الاشتباكات ودعوة لإقامة منطقة عازلة
وقالت الشرطة المقدونية إن شرطيا لقي مصرعه الخميس عندما تعرضت قافلة للشرطة لإطلاق نار كثيف وقذائف هاون أطلقت من قرية بريست القريبة من قرية غوسينشي على الحدود مع إقليم كوسوفو. وقد أرسلت تعزيزات عسكرية إلى المنطقة.
وكان جنود أميركيون تابعون لقوات حفظ السلام التي يقودها حلف شمال الأطلسي في كوسوفو قد سيطروا صباح الخميس على قرية تانوسوفيتش بمقدونيا عقب انسحاب مسلحين ألبان كانوا يسيطرون عليها منذ عدة أسابيع.
في غضون ذلك أعلنت مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين في جنيف نزوح أكثر من ألف شخص من سكان المنطقة الجبلية الواقعة على حدود مقدونيا مع كوسوفو في الأسابيع القليلة الماضية هربا من المعارك، إلى إقليم كوسوفو أو إلى داخل مقدونيا.
وقال الناطق باسم المفوضية كريس جانوفسكي إن عدد النازحين قد يفوق هذا العدد بكثير، لأن الإحصائيات المتوفرة لم تأخذ في الاعتبار المعارك الأخيرة التي جرت مساء الخميس.
وفي السياق نفسه أعلن متحدث باسم الخارجية المقدونية إغلاق سكوبيا حدودها مع إقليم كوسوفو لأسباب أمنية وبسبب تفاقم الوضع في المنطقة. كما أكدت بعثة الأمم المتحدة في كوسوفو إغلاقها لنقطتين حدوديتين مع مقدونيا.
يشار إلى أن ألبان مقدونيا يشكلون 25% من تعداد سكانها حسب الإحصاءات الرسمية، لكن مصادر ألبانية تقول إنهم يشكلون ثلث تعداد السكان. ويعيش هؤلاء في المناطق الشمالية والغربية المتاخمة للحدود مع كوسوفو. ويقول المسلحون الألبان إنهم يقاتلون من أجل الحصول على الحكم الذاتي في المنطقة.
منطقة عازلة على حدود مقدونيا
من ناحية أخرى طالب وزير خارجية مقدونيا سرغجان كريم من حلف شمال الأطلسي إقامة منطقة أمنية عازلة على طول الحدود المقدونية مع كوسوفو والبالغ طولها نحو 140 كيلومترا، ولكن الحلف أعرب عن "تردده".
وأوضح بيان صادر عن مكتب وزير الخارجية المقدوني أن كريم عبر أمام مجلس سفراء حلف شمال الأطلسي عن رغبة سكوبيا بإقامة تلك المنطقة العازلة من قبل قوات كيفور ومن الدول التي ترغب في المساهمة فيها، وذلك لمنع هجمات المسلحين الألبان والحد من نشاطهم.
وقال مساعد أمين عام حلف شمال الأطلسي سيرجيو بالانزينو إن "بعض أعضاء الحلف أعربوا عن ترددهم، لكنه قال إن الحلف سيدرس باهتمام لائحة مطالب مقدونيا.
ودعت سكوبيا قوات كيفور إلى تكثيف المراقبة البرية والجوية للحدود من جهة إقليم كوسوفو لمنع تسلل المسلحين الألبان والتنسيق عند نقاط المرور الحدودية الحساسة.
وجاء طلب السلطات المقدونية بإقامة منطقة أمنية عازلة في الوقت الذي يستعد فيه حلف شمال الأطلسي للتخلي عن المنطقة العازلة التي أقامها جنوب صربيا على الحدود مع كوسوفو. فقد وافق الحلف الخميس على السماح بانتشار قوات يوغسلافية في المنطقة الآمنة جنوب صربيا على الحدود بين كوسوفو ومقدونيا والتي أصبحت ملجأ للمسلحين الألبان الذين يستخدمونها نقطة عبور.
ويأتي هذا القرار بعد نحو عامين من إقامة تلك المنطقة من قبل حلف شمال الأطلسي في يونيو/ حزيران عام 1999 على مساحة عرضها خمسة كيلومترات وطولها أكثر من ثلاثة كيلومترات. وكان الناتو قرر إقامة هذه المنطقة خشية وقوع احتكاك بين قوات كيفور المنتشرة في كوسوفو والقوات اليوغسلافية.
وهاجم الرئيس اليوغسلافي فويسلاف كوستونيتشا الحلف واتهمه بأنه منظمة لا تتمتع بالكفاءة، وأكد أن القوات اليوغسلافية التي ستدخل المنطقة الآمنة ستصحح ما وصفه بالسياسة الخاطئة للحلف.
وانتقد قادة الألبان في كوسوفو إعلان الأطلسي أنه يدرس اقتراحا بشأن نشر قوات يوغسلافية بين صربيا ومقدونيا. ويرى مراقبون أن الحلف يحاول إيجاد حل سريع وغير مكلف لإنهاء التوتر المتصاعد في المنطقة الآمنة جنوبي صربيا وعلى الحدود المقدونية، ويعتبر الحلف أن ذلك نتج عن قصور غير متعمد عقب إقامته للمنطقة الآمنة إثر انسحاب القوات الصربية من كوسوفو.
ألبانيا الكبرى
من ناحية أخرى نفت السلطات الألبانية في تيرانا دعمها لمشروع ما يسمى بألبانيا الكبرى، وقال وزير خارجية ألبانيا باسكال ميلو إن "فكرة ألبانيا الكبرى وهم اختلقته الأوساط المعادية للألبان وأرادت بذلك استمرار تبرير سياستها القمعية".
واتهم الوزير الألباني بلغراد بإثارة قضية ألبانيا الكبرى لتنفيذ سياسة إبادة على الألبان في كوسوفو"، موضحا أن التفكير في إقامة مثل هذا المشروع مغامرة سياسية قد "تؤدي إلى إشعال النار في المنطقة بأكملها".
وكان الرئيس الألباني السابق صالح بريشا قد انتقد قرار حلف شمال الأطلسي السماح بنشر قوات يوغسلافية في المنطقة العازلة بجنوب صربيا، ووصفه بأنه استفزاز قد يؤدي إلى اندلاع نزاع جديد.
وفي جنوب صربيا ذكرت الشرطة المحلية هناك أن شرطيا توفي متأثرا بجراح أصيب بها في هجوم عنيف شنه مقاتلون ألبان.
وأوضحت مصادر رسمية استمرار القتال في المنطقة. وكان شرطي صربي قد أصيب بجروح طفيفة الخميس بعد مروره على لغم مضاد للأفراد قرب منطقة لوكاني. كما لقي ثلاثة جنود يوغسلاف مصرعهم بعد مرور سيارتهم على لغم جنوب صربيا.
وتقع قرية لوكاني قرب المنطقة الأمنية وتبعد نحو ستة كيلومترات عن مدينة بويانوفاتش الخاضعة جزئيا منذ عدة أشهر لسيطرة مسلحين ألبان.
وأوضح أن تشكيل هذه القيادة تأتي لمكافحة ما أسماه بالإرهاب وضمان حماية أكبر للمدنيين وتسمح بالتمييز بين المواطنين -الألبان والصرب- والأفراد المنتمين إلى المجموعات المسلحة.