جنرالات إسرائيل يصعدون لهجة التهديد ضد الفلسطينيين
صعد القادة العسكريون الإسرائيليون من لهجتهم التهديدية ضد الشعب الفلسطيني بعد أقل من يوم واحد على تسلم رئيس الوزراء أرييل شارون زمام السلطة في إسرائيل، في الوقت الذي قال فيه شارون في رسالة جوابية بعث بها للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إنه ملتزم بالاتفاقات الموقعة مع الجانب الفلسطيني.
فقد أكد وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد بنيامين بن إليعازر أن إسرائيل لن تتردد في قمع الانتفاضة بالوسائل العسكرية، وقال "علينا أن نعتمد الأساليب المناسبة العسكرية وغير العسكرية للحد من الإرهاب والوصول إلى منفذي الاعتداءات والجهات المحرضة"، حسب تعبيره.
وأضاف بن إليعازر "سيعلم أعداؤنا الذين يحاولون فرض واقع الرعب والخوف والدم علينا أن لا خلافات في الرأي بشأن الحرب ضد الإرهاب"، في إشارة إلى حكومته الجديدة التي تضم سبعة أحزاب سياسية تتوزع انتماءاتها بين اليمين المتشدد ويسار الوسط المتمثل في حزب العمل.
وفي السياق نفسه اتهم نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال موشيه أيالون السلطة الفلسطينية بإعطاء "الضوء الأخضر" لتنظيم فتح الذي يقوده عرفات وعناصر القوة 17 وجهاز الأمن الوقائي بتنفيذ هجمات على الإسرائيليين.
وقال إن السلطة الفلسطينية "عندما لا تعتقل الذين يقفون وراء هذه الاعتداءات والذين يجهزون السيارات المفخخة إنما تعطي الضوء الأخضر لسلوك طريق الإرهاب".
وأشار إلى وجود تنسيق بين حركة فتح وحركة المقاومة الإسلامية حماس في شن عمليات مسلحة على أهداف إسرائيلية، في إشارة إلى عملية التفجير التي وقعت في نتانيا الأحد الماضي وأودت بحياة ثلاثة إسرائيليين وأعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس مسؤوليتها عنها.
استئناف المفاوضات
من جهة أخرى بعث رئيس الحكومة الإسرائيلي أرييل شارون برسالة إلى الرئيس الفلسطيني أكد فيها "التزامه بالاتفاقات الموقعة". وكشف مصدر فلسطيني رفض الإفصاح عن اسمه أن شارون قال في رسالته "إنني أتعهد بالعمل على دفع السلام قدما على أساس الاتفاقات الموقعة"، وذلك في معرض رده على برقية تهنئة وجهها إليه عرفات بمناسبة حصول حكومته على ثقة الكنيست.
وكان عرفات بعث برسالة هنأ فيها شارون على تسلمه السلطة وطالبه بالعودة إلى المفاوضات على أساس "الاتفاقات الموقعة التي تستند إلى قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات السلام".
واعتبر مراقبون دعوة عرفات لاستئناف المفاوضات على أساس الاتفاقات الموقعة تنازلا عن شروطه السابقة باستئناف محادثات السلام من النقطة التي انتهت لها المشاورات التي لم تتجسد في اتفاقات.
وكان شارون قد كرر من جانبه لدى تسلمه السلطة رسميا في حفل بمقر رئيس الحكومة من سلفه إيهود باراك مطالبته الفلسطينيين بوقف الانتفاضة، واستبعد عقد لقاء قريب مع الرئيس الفلسطيني.
وقال شارون إنه مستعد للقاء عرفات بمجرد أن تتوقف الانتفاضة، وأضاف "إنني مستعد لخوض مفاوضات معه إلا أن الأمر يتطلب الهدوء والأمن". وسبق أن رفض شارون مصافحة عرفات أثناء محادثات سلام استضافتها الولايات المتحدة عندما كان وزيرا للخارجية في حكومة رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو عام 1998.
وطالب نبيل أبو ردينة أحد مستشاري عرفات حكومة شارون بضرورة "خلق المناخ المناسب لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية"، وقال إن "هذه حكومة إسرائيلية جديدة ولعلها تكون فرصة جديدة لعملية السلام".
وقال أبو ردينة في تصريح للصحفيين في غزة إن على الحكومة الإسرائيلية الاختيار بين أمرين إما العودة إلى سياسة الحوار والمفاوضات أو الاستمرار في سياسة الحصار والعدوان. كما حذر من أن لحظة التحرك السريع قد حانت ولا يمكن ترك الأمور بهذا الشكل لأن الوضع في منتهى الخطورة والتصعيد على الأرض مستمر.
واستبعد مروان البرغوثي أحد قادة فتح في الضفة الغربية تحقيق سلام مع حكومة يتزعمها شارون، وأعرب عن اعتقاده أن شارون سيقود الموقف إلى كارثة، وأضاف في مؤتمر صحفي حضره دبلوماسيون أن الانتفاضة ستستمر ما بقي الاحتلال الإسرائيلي.
وقال البرغوثي علينا أن نظهر للإسرائيليين أن شارون لن يكون قادرا على تحقيق الأمن لهم، وأضاف أنهم إذا أرادوا الاحتلال والمستوطنات فلن يكون باستطاعتهم الحصول على الأمن.
ردود فعل دولية
في هذه الأثناء توالت ردود الفعل العالمية على تسلم رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد أرييل شارون مهامه رسميا وتراوحت بين تمني النجاح وتوقع الفشل.
فقد هنأ الاتحاد الأوروبي برسالة بعث بها مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد خافيير سولانا شارون بمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة وتمنى "تطوير علاقة عمل طيبة" معه. وأعرب سولانا عن "التزامه الشخصي" ببذل كل جهد ممكن من أجل تأمين "مساهمة إيجابية للاتحاد الأوروبي في التوصل إلى سلام دائم في المنطقة".
وفي طهران أشارت الإذاعة الإيرانية إلى أن الائتلاف بين حزب الليكود وحزب العمل الإسرائيلي "سريع العطب لأن الحليفين خصمان تقليديان". وأضافت أن مستقبل الحكومة "غير واضح لأنها ستتخبط في تناقضاتها ونهايتها ستكون حتمية".
وتساءلت الصحافة الألمانية عن القدرة الفعلية للحكومة الإسرائيلية الجديدة على ممارسة السلطة نظرا إلى تعدد الأحزاب المشاركة فيها واختلاف نظرتها إلى العديد من المسائل الحيوية.