قمة عمان.. بيان ختامي عادي لقمة عادية
اختتم القادة العرب أعمال قمتهم الدورية الأولى اليوم دون مفاجآت تذكر، فقد فشلت مشاورات اللحظة الأخيرة في الاتفاق على بند بشأن العراق، واقتصر الدعم العربي للانتفاضة على إقرار دفع مبلغ 240 مليون دولار للسلطة الفلسطينية من أجل دفع رواتب موظفيها، وما تبقى مجرد استذكار لقرارات ومواقف سابقة.
ففي الملف العراقي الذي طغى على بقية الملفات بما فيها الملف الفلسطيني لم تفلح الاتصالات المكثفة التي استمرت حتى آخر لحظات انعقاد القمة في طي صفحة الخلاف العراقي– الكويتي، واقتصر الاتفاق على تكليف العاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين "بإجراء مشاورات مع الإخوان القادة للقيام بالاتصالات اللازمة لمواصلة بحث موضوع الحالة بين العراق والكويت من أجل تحقيق التضامن العربي".
وباستثناء هذا التكليف تبادل المسؤولون الكويتيون والعراقيون الاتهامات حول المسؤولية عن "فشل القمة" حسب تعبير وزير الخارجية العراقي محمد سعيد الصحاف، وهو فشل لم يفلح الموضوع الفلسطيني الذي أراده الجميع ستارا لإخفاء التباينات العربية في حجبه عن الأنظار.
وفي مؤتمر صحفي عقده الصحاف لتوضيح وجهة النظر العراقية قال إن الوفود العربية في القمة تعرضت "لضغط شديد من الوفد الكويتي" لمنعها من تضمين البيان الختامي بندا يدعو لرفع الحصار عن العراق، ويطالب بتسيير رحلات جوية من العراق وإليه، ويدين مناطق الحظر الجوي شمالي العراق وجنوبيه.
وأكد الصحاف أن العراق غير مسؤول عن فشل التوصل لقرار بشأن "الحالة العراقية– الكويتية"، مشددا على أن نائب رئيس مجلس قيادة الثورة عزت إبراهيم وافق أثناء لقاء مصغر ضم قادة الأردن ومصر واليمن وقطر وسوريا والجزائر على صيغة "موزونة لا تتجاوز على العراق وتحقق أهداف الكويت" بدلا من صيغة سابقة تدعو العراق إلى "احترام سيادة الكويت واستقلالها" باعتبارها تشكك في التزام العراق القائم تجاه الكويت.
وحسب الصحاف فإن الوفد الكويتي رفض الصيغة المقترحة، مما تسبب في عدم إدراج البند المتعلق بالعراق ضمن البيان الختامي.
من جانبه أصر الشيخ صباح الأحمد وزير الخارجية الكويتي على تذكير المشاركين في الجلسة الختامية للقمة أن "جميع الدول العربية وافقت على مشروع القرار حول الحالة بين العراق والكويت باستثناء العراق".
وأعرب الوزير الكويتي كذلك عن تحفظه على قرار تكليف العاهل الأردني متابعة الاتصالات حول "الحالة العراقية- الكويتية"، وقال في كلمة مقتضبة في الجلسة الختامية "لا أعرف ماذا قدم هذا الاقتراح، ولكننا نثق في جلالة الملك، ولكن الآن ستكون هناك آراء أخرى" عند طرح الموضوع للنقاش مجددا.
أما الصحاف فقد بدا متفائلا بالتكليف الصادر للملك عبد الله بصفته رئيسا للقمة إلى حين انعقاد القمة القادمة عام 2002 في لبنان، وقال في مؤتمره الصحفي إن القرار "خطوة إيجابية سنتابعها مع الأردن الشقيق لنطور هذه الحالة إلى ما يجب أن تكون عليه".
الملف الفلسطيني .. استذكار للقرارات
أما الملف الفلسطيني الذي تصدر خطابات المشاركين في القمة، وبدا عنصر إجماع عربي رغم الانقسامات فقد حظي بتركيز إعلامي أكثر مما حظي به من قرارات، وبدا القادة العرب مصرين على تجاهل أصوات الانفجارات التي دوت في سماء فلسطين طيلة فترة انعقاد القمة للفت أنظار القادة العرب، ونقل رسالة عملية لقمتهم الدورية.
فقد اقتصرت قرارات القمة على التأكيد على قرارات سابقة من قبيل التلويح بمقاطعة الدول التي تنقل سفاراتها للقدس، وتحذير الحكومة الإسرائيلية الحالية من عواقب تراجعها عن أسس عملية السلام والمبادئ التي تحددت في مؤتمر مدريد عام 1991.
ولم ينس البيان أن يذكر بالدعوات العربية لـ"محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين الذين ارتكبوا مجازر"، داعين إلى نشر قوة دولية دون إدانة صريحة للموقف الأميركي الرافض لهذا المقترح.
وأقر القادة العرب تجميد أي روابط دبلوماسية أو اقتصادية جديدة مع إسرائيل، كما اكتفوا بالترحيب بالمقترح العراقي الداعي لمنح الفلسطينيين مليار يورو (887 مليون دولار) من أموال صادراته النفطية في إطار برنامج النفط مقابل الغذاء لدعم صمود الفلسطينيين في وجه الممارسات الإسرائيلية.
وكان مجلس الأمن الدولي رفض بسبب الضغط الأميركي إقرار المقترح العراقي، ولم يتعرض البيان الختامي للتنديد بهذا الموقف أو دعوة مجلس الأمن لإقرار المشروع العراقي، وإن طالب المندوبين العرب التحرك لدعم المطلب العراقي.
الإجراء العملي الوحيد الذي أقرته القمة كان التأكيد على دعم الفلسطينيين بمبلغ 240 مليون دولار لدعم ميزانية السلطة الفلسطينية، وإن تضمن البيان الإشارة إلى أن هذا الدعم عبارة عن "قرض حسن" يتوجب على الفلسطينيين سداده في ما بعد.
رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون الذي ألقى بظله الثقيل على القمة العربية قبل انعقادها غاب عن قراراتها تماما، إذ لم يعلن القادة العرب أي موقف منه، كما لم يتضمن البيان أي إجراءات استثنائية لمواجهة برنامجه السياسي، واكتفى بتحذير الحكومة الإسرائيلية من مغبة التراجع عن أسس العملية السلمية المتوقفة أصلا، والتي لا ينتظر أن تقفز من سباتها في ظل الممارسات الإسرائيلية القائمة حاليا والمرشحة لمزيد من التصعيد.
نص البيان الختامي لقمة عمان
اقرأ أيضا الملف الخاص: قمة عمان: مفترق طرق