بوش: واشنطن لن تفرض السلام في الشرق الأوسط
قال الرئيس الأميركي جورج بوش بعد محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون اليوم إن الولايات المتحدة لن تسعى إلى فرض سلام في الشرق الأوسط، لكنها ستساعد الأطراف المعنية على تحقيق السلام. في هذه الأثناء أعطت السلطات الإسرائيلية في القدس الضوء الأخضر لبناء نحو ثلاثة آلاف منزل جديد في مستوطنة جبل أبو غنيم.
فقد عقد الرئيس بوش ورئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون الذي يزور الولايات المتحدة اجتماعا في البيت الأبيض هو الأول بينهما منذ توليهما مهام منصبيهما. وقال بوش للصحفيين بعد اللقاء "لقد أخبرت شارون أننا لن نفرض السلام" وأضاف "سنعمل مع الأطراف المعنية لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط".
وكان دوري غولد مستشار شارون قال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيطلب من بوش إبلاغ الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات رسالة واضحة مفادها بأنه لن يكسب شيئا من تبنيه المواجهات.
وقال شارون في وقت سابق أمام لجنة العلاقات العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك) إن عرفات والسلطة الفلسطينية يعتقدون بأنه بمقدورهم ممارسة النضال المسلح الحصول على مزيد من التنازلات الإسرائيلية، كما اتهم شارون عرفات بمحاولة زعزعة استقرار الشرق الأوسط.
وتتزامن زيارة شارون لواشنطن مع دعوات وجهها وزير خارجيته شمعون بيريز لعدد من القادة الدوليين لممارسة ضغوط على عرفات لإنهاء المواجهات.
وقال متحدث باسم الخارجية الإسرائيلية إن بيريز أجرى اتصالات مع الرئيس المصري حسني مبارك ووزير الخارجية الأردني عبد الإله الخطيب، ورئيس وزراء السويد غوران بيرسون الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي. وأضاف أن بيريز طلب من كل هؤلاء التدخل لدى عرفات لإقناعه بخفض المواجهات، ووقف ما أسماه بالتورط المباشر للسلطة الفلسطينية في العمليات المسلحة.
وذكر المتحدث الإسرائيلي أن رد الرئيس المصري كان مشجعا، وقد بادر بيريز إلى هذه الاتصالات بعد مقتل مستوطن إسرائيلي برصاص الفلسطينيين أمس الاثنين قرب بيت لحم بالضفة الغربية.
مستوطنة أبو غنيم
وفي خطوة من شأنها تصعيد التوتر في الأراضي الفلسطينية، وافقت بلدية القدس على بناء نحو ثلاثة آلاف منزل جديد في واحدة من أكثر المناطق إثارة للجدل عند حافة المدينة.
وقالت متحدثة باسم البلدية إن لجنة مختصة أقرت بناء المساكن في جبل أبو غنيم، لكن الأمر قد يستغرق شهورا لكي يبدأ العمل في بناء 2832 شقة سكنية، انتظارا لموافقة لازمة من وزارة الداخلية.
ومن المرجح أن يثير قرار بلدية القدس غضب الفلسطينيين الذين يقومون باحتجاجات في الشوارع ضد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة منذ نحو ستة شهور.
وفي أول رد فعل رسمي فلسطيني قال وزير الإعلام ياسر عبد ربه إن بناء المستوطنات سيؤدي إلى مزيد من العنف، وأضاف أن هذه هي سياسة شارون الحقيقية، وأنها التعبير القبيح للعنف ضد الشعب الفلسطيني، وضد السلام.
وحذر عبد ربه من أن الأوضاع ستستمر في التدهور، وسيكون شارون هو المسؤول عن ذلك.
وأثار تمهيد الطريق على جبل أبو غنيم بأطراف القدس العربية الشرقية أثناء حكم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو في مارس/آذار عام 1997 مواجهات دموية سقط على أثرها عشرات الشهداء الفلسطينيين، وقد جمدت على أثرها عملية السلام لمدة 19 شهرا.
تحرك عربي
في هذه الأثناء طالب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات القادة العرب "بالتحرك في كافة الاتجاهات" لمواجهة "العدوان الإسرائيلي" على الفلسطينيين والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، في قمتهم التي ستعقد الأسبوع المقبل في العاصمة عمّان.
وقد جاءت تصريحات عرفات أثناء وجوده في قطر ضمن جولة عربية تهدف إلى حشد الدعم للموقف الفلسطيني.
ومن جهة أخرى أعلن أمين عام مجلس الوزراء الفلسطيني أحمد عبد الرحمن استعداد السلطة الفلسطينية لاستئناف المفاوضات مع الإسرائيليين "دون تأخير" على أساس التزام إسرائيل بقرارات الشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة.
وقال عبد الرحمن "لا يمكن للجانب الفلسطيني أن يبدأ من نقطة الصفر والمربع الأول، كلما وصل إلى الحكم رئيس وزراء إسرائيلي جديد"، وأكد رفض الفلسطينيين لمقترحات شارون حول اتفاقات انتقالية طويلة الأمد بدلا من معاهدة سلام نهائية.
ويقول مستشارو شارون إنه سيسعى إلى كسب تأييد الرئيس بوش للخطط الرامية إلى تحقيق اتفاق مؤقت وطويل الأمد للسلام بدلا من معاهدة سلام نهائية.
مواجهات
وعلى الصعيد الميداني أصيب ثلاثة فلسطينيين على الأقل في الضفة الغربية -بينهم طفل في الثالثة عشرة من عمره- بجروح في مواجهات متفرقة, في حين أصيب إسرائيلي برصاصة في ساقه.
وقال شهود عيان إن الفتى أمين أحمد أصيب في بطنه برصاصة أطلقها مستوطن يهودي، بعد أن ترجل المستوطن من سيارته وأطلق وابلا من الرصاص على مجموعة من الأطفال كانوا عائدين من المدرسة في حادث وقع بالقرب من قرية الساوية جنوب نابلس. ووصفت حالة الطفل بأنها مستقرة.
وفي مدينة بيت لحم جنوبي القدس أصيب شابان فلسطينيان بجروح طفيفة عندما أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي العيارات المطاطية على عشرات من الشبان رشقوا بالحجارة نقطة مراقبة إسرائيلية على المدخل الجنوبي لبلدة الخضر التي يحاصرها الجيش. وكان الشبان يحتجون على الحصار الذي فرضته إسرائيل أمس الاثنين على بيت لحم وقرى فلسطينية مجاورة بعد مقتل مستوطن يهودي.
وجرح الإسرائيلي برصاصة في ساقه أطلقها عليه مسلحون فلسطينيون بينما كان ينتقل بسيارته بالقرب من مستوطنة ألاي زاهاف جنوبي مدينة قلقيلية بالضفة الغربية.
وكان تبادل لإطلاق النار وقع بالقرب من معبر إيريز في قطاع غزة الليلة الماضية، أسفر عن إصابة سبعة فلسطينيين. وفي حادث آخر قال جيش الاحتلال إن قذائف مضادة للدروع أطلقت من جانب الفلسطينيين باتجاه جنود إسرائيليين في جنوب قطاع غزة، ولم يسفر الحادثان عن إصابات.
وقد لقي مستوطن يهودي حتفه يوم أمس في الضفة الغربية بعد أن أطلقت عليه النيران عدة مرات بالقرب من مستوطنة نيف دانيال جنوبي غربي بيت لحم بينما كان يقود سيارته، وأنحت قوات الأمن الإسرائيلية بالمسؤولية عن الهجوم على مسلحين فلسطينيين.