الشرطة الليبية تفرق تظاهرة معادية لواشنطن ولندن

تصدت قوات الأمن الليبية لآلاف من المتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة البريطانية ومقر الأمم المتحدة في طرابلس، وذكر شهود عيان أن قوات الأمن استخدمت الهرى والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الذين رددوا شعارات مناهضة لبريطانيا وأميركا واعتقلت ثلاثين منهم.
وتجمع المتظاهرون في حي زاوية دحماني الذي توجد فيه السفارة البريطانية حاملين نعوشا ترمز إلى 38 ليبيا قتلوا إبان القصف الأميركي على طرابلس عام 1986. كما تجمع متظاهرون آخرون أمام مكتب الأمم المتحدة ورددوا شعارات "فلتسقط أميركا وبريطانيا" و"لا إله إلا الله، أميركا عدو الله"، وحرقوا العلمين البريطاني والأميركي.
وهتف المتظاهرون ببراءة عبد الباسط المقرحي الذي وصفوه بأنه "رهينة لحكم عنصري له دوافع سياسية"، وحثوا الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية ومنظمات حقوق الإنسان على العمل للإفراج عن المقرحي، مطالبين برفع فوري للعقوبات المفروضة على ليبيا.
وقد صرح مسؤولون ليبيون بأن سلطات طرابلس كانت سمحت في البداية بالتظاهرة تأييدا لموقف الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي واحتجاجا على الحكم الذي أصدره قضاة أسكتلنديون في محاكمة لوكربي بإدانة الليبي عبد الباسط المقرحي والحكم عليه بالسجن مدى الحياة. لكن الشرطة اضطرت للتدخل وتفريق المتظاهرين بعد أن حاول بعضهم اقتحام السفارة البريطانية تعبيرا عن الغضب.
وقال التلفزيون الليبي إن الشرطة انتشرت عند مقار البعثات الدبلوماسية الغربية ومكاتب المنظمات الدولية في طرابلس لحمايتها من غضب المتظاهرين الذين رددوا شعارات الرفض لما وصفوه بالحكم السياسي ضد المقرحي.
وفي غضون ذلك دعا متظاهرون آخرون تجمعوا أمام مقر السفارة السعودية، دعوا الرياض إلى الوفاء بوعدها والعمل على رفع العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة على ليبيا.
يذكر أن الرياض قامت في أبريل/نيسان عام 1999 بوساطة مشتركة مع رئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا لحث طرابلس على تسليم الليبيين المشتبه بضلوعهما في حادثة لوكربي ليمثلا أمام محكمة أسكتلندية بهولندا والعمل بشكل مواز من أجل رفع العقوبات عن ليبيا.
وكان الزعيم الليبي قد انتقد بشدة الحكم الصادر ضد عبد الباسط المقرحي، وقال في مؤتمر صحفي أمام مقر إقامته السابق في باب العزيزية -الذي تعرض لقصف الطائرات الأميركية عام 1986- إن المواطن الليبي الذي أدانته المحكمة الأسكتلندية في كامب زايست بريء، نافيا أن تكون هناك أي أدلة ضده.
واعتبر القذافي أن الحكم كان سياسيا يرمي لحفظ ماء وجه الولايات المتحدة وبريطانيا. وأضاف "نحن نعتبره مخطوفا ورهينة بغية إرهاب الشعب الليبي وابتزازه".
واشترط القذافي دفع تعويضات لعائلات ضحايا حادث لوكربي بدفع الولايات المتحدة تعويضات لكل الضحايا الذين سقطوا نتيجة الاعتداءات الأميركية. وكرر الزعيم الليبي مطالبته برفع العقوبات عن بلاده. وكان القذافي قد وعد الخميس الماضي بكشف حقائق تثبت براءة المقرحي، لكنه لم يدل بتلك الحقائق في خطابه.
يذكر أن الأمم المتحدة كانت قد فرضت على ليبيا عام 1992 عقوبات تشمل حظرا جويا وتجميد الأموال الليبية في الخارج. وتم تعليق هذه العقوبات بعد تسليم ليبيا المشتبه بتورطهما في قضية تفجير طائرة بانام الأميركية فوق لوكربي الذي أودى بحياة 270 شخصا عام 1988، لكن تلك العقوبات لم ترفع.
وإثر صدور حكم المحكمة في 31 يناير/كانون الثاني الماضي والقاضي ببراءة الأمين خليفة فحيمة الذي عاد إلى طرابلس وإدانة عبد الباسط المقرحي, رفض الأميركيون والبريطانيون رفع العقوبات. وتقول الدولتان إن العقوبات لن ترفع ما لم تعترف طرابلس بمسؤوليتها عن حادث لوكربي وتدفع تعويضات لعائلات الضحايا.