هلع أوروبي من الحمى القلاعية والقوات البريطانية تتأهب
وكانت وزارة الزراعة قالت في وقت سابق إن القوات المسلحة عرضت تقديم خدماتها، وإنها في حالة تأهب. فقد ذكر متحدث باسم الوزارة "اتصل بنا الجيش وعرض إطارا للخدمات التي يمكنه تقديمها". وقد اضطر الجيش بالفعل لإلغاء مناورات واسعة كان من المقرر إجراؤها اعتبارا من الأول من مارس/ آذار شمالي إنجلترا، وكان يفترض أن تشمل عمليات إنزال بالمظلات وطوابير سير لمئات من الجنود في الحقول.
كما أمر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير باتخاذ إجراءات مشددة لاحتواء المرض، وفرض أمس الثلاثاء غرامة تصل إلى خمسة آلاف جنيه إسترليني (7215 دولارا) لضمان امتثال المواطنين للنهي عن الاقتراب من مناطق واسعة من الريف البريطاني. ويتوقع المراقبون أن الانتشار المتزايد للمرض قد يؤجل الانتخابات العامة في بريطانيا، وقد ألغيت بالفعل أحداث رياضية بسبب تفشي الحمى القلاعية.
ذعر عام
وكان مرض الحمى القلاعية الفتاك قد استفحل في المزارع البريطانية وأعدم الأطباء البيطريون الآلاف من الخنازير والأبقار في محاولة يائسة لاحتواء الفيروس المعدي الذي يصيب الماشية.
وتعيش بريطانيا حاليا هاجس التصدي للغبار الذي يساعد على نشر الحمى القلاعية, وذلك بإقامة سواتر تمنع وصول الغبار الملوث من المزارع إلى الشوارع وحماية المدارس وحلبات السباق وأماكن التجمع الكبيرة.
ولكن مع انتشار المرض الذي يشمل حاليا 12 مزرعة اضطرت السلطات لاتخاذ إجراءات وقائية شملت إلغاء أنواع كثيرة من النشاطات والفعاليات الرياضية والسباقات، وأغلقت ثلاث من الحدائق الملكية في لندن أبوابها منذ منتصف ليل الأحد لحماية أصناف من الغزلان قد يهددها المرض. ومن الحدائق المغلقة حديقة "ريتشموند بارك" الشهيرة غربي العاصمة البريطانية.
ودعي هواة التنزه إلى البقاء في بيوتهم، وأجلت رحلات الصيد أسبوعا واحدا. كما أجلت الدراسة في عدد من المدارس الواقعة في مناطق زراعية ينتشر فيها المرض، لأن بعض الأطفال والمدرسين يقيمون في مزارع.
إجراءات أوروبية
وعلى مستوى القارة الأوروبية عموما مددت دول الاتحاد الأوروبي حظر استيراد الماشية ومنتجاتها من بريطانيا حتى التاسع من الشهر القادم، للوقاية من انتشار فيروس الحمى القلاعية، بينما قررت فرنسا إعدام عشرين ألف رأس غنم استوردت من بريطانيا في وقت سابق، وبدأ الذعر من المرض يؤثر على كثير من الأنشطة الحياتية في المدن والأرياف البريطانية.
وفي الوقت الذي قررت فيه الدول الأوروبية تمديد الحظر على لحوم ومنتجات الماشية البريطانية إلى التاسع من مارس/آذار القادم اتخذ عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد إجراءات منفردة لحماية مستهلكيها من الإصابة بهذا المرض.
ففي ألمانيا يشعر مسؤولو الصحة بقلق لخشيتهم أن يكون المرض الشديد العدوى قد انتشر في بلادهم. وفرض مسؤولون ألمان حجرا صحيا حول مزرعتين بمقاطعة شمال الراين وستفاليا بعد اكتشاف أجسام مضادة للمرض في دماء بعض الخراف على الرغم من أنه لم تثبت إصابتها بالمرض.
وقال غيرهارد فيشر وهو مسؤول بيطري لتلفزيون إيه. آر. دي الألماني عثرنا على آثار للأجسام المضادة للمرض في دم الخراف ولكن هذا لا يعني نتيجة قاطعة.
وقال فيشر بعد استشارات طارئة على مستوى المقاطعة زادت قطر منطقة الحجر الصحي الوقائي إلى ثلاثة كيلومترات. وأضاف أن الأجسام المضادة اكتشفت بعد ذبح الخراف كإجراء وقائي.
أما في فرنسا فقد أعلن وزير الزراعة جان غلافاني الثلاثاء قراره بإعدام 20 ألف رأس غنم مستوردة من بريطانيا منذ الأول من فبراير/شباط الحالي كإجراء وقائي مع أنه لم يشر إلى أي حالة إصابة بالحمى القلاعية في فرنسا حتى الآن.
وقال الوزير الفرنسي إنه اتخذ قراره هذا بسبب استيراد تلك الأغنام من أحد أماكن ظهور المرض المتعددة في بريطانيا. وأوضح أن هناك عشرة آلاف رأس تم إعدامها ويجري التخلص منها، وعشرة آلاف أخرى لا تزال حية وسيتم القضاء عليها وإتلافها.
واستمرت الدول الأوروبية الأخرى في اتخاذ إجراءات صارمة للحيلولة دون تسرب مرض الحمى القلاعية إليها, ففي هولندا قررت السلطات أن تمدد منع تسويق الحيوانات أسبوعا آخر، وكانت قد أعدمت أكثر من ثلاثة آلاف حيوان, خصوصا من الأغنام والأيائل إلى جانب الأبقار والخنازير.
وفي بلجيكا تخضع كل المؤسسات المعنية لمراقبة بيطرية، بينما أغلقت الأسواق أمام الحيوانات واتخذت إجراءات للتعقيم. وفي الدانمارك لم تعثر السلطات التي وضعت في حالة تأهب على أثر للحيوانات التي تم استيرادها من بريطانيا منذ بداية العام الجاري. أما في السويد وحيث لم تسجل أي إصابة بالحمى القلاعية منذ 1966, فقد صدرت توصية للمسافرين العائدين من بريطانيا بعدم جلب لحوم أو ألبان.
ووضعت السلطات النمساوية لافتات على الحدود وفي المطارات تذكر بأن استيراد الحيوانات محظور. ولم تستورد البرتغال أي حيوان حي من بريطانيا, لكنها أخضعت اللحوم والألبان المستوردة للمراقبة.
أما في إيطاليا فلم تتخذ الحكومة أي إجراء عملي واكتفت السلطات البيطرية بالبقاء في حالة تأهب. في المقابل حظرت سويسرا استيراد الحيوانات واللحوم البريطانية, بينما أوقفت روسيا ما تستورده من الخنازير من بريطانيا, على غرار بولندا التي شملت إجراءاتها كل الحيوانات المجترة. واتبعت سلوفينيا وكرواتيا إجراءات الحظر نفسها التي قررها الاتحاد الأوروبي.