يوم غضب جديد وإسرائيل تغلق قطاع غزة
استشهد شاب فلسطيني وأصيب أكثر من خمسين شخصا برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي أثناء مواجهات اندلعت مساء اليوم الجمعة في الضفة الغربية وقطاع غزة. وشددت إسرائيل حصارها على القطاع، وأغلقت الطريق الساحلي عقب انفجار عبوتين وسقوط قذائف على مستوطنتين يهوديتين.
فقد أفادت مصادر طبية أن الشاب رائد محمود حسين موسى البالغ من العمر 21 عاما قتل برصاص جنود الاحتلال أثناء مشاركته في مظاهرة في بلدة الخضر المجاورة لبيت لحم جنوب القدس كما أصيب أربعة آخرون بجروح، وشارك في المظاهرة نحو مائتي شاب فلسطيني رشقوا الجنود بالحجارة.
وقال أطباء إن الشهيد موسى أصيب برصاصة حية في صدره، وقد توفي فور وصوله المستشفى. وباستشهاد موسى يرتفع عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر/أيلول الماضي إلى نحو أربعمائة فلسطيني.
وفي مدينة رام الله وسط الضفة الغربية أصيب 46 فلسطينيا برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مظاهرة ضمت نحو ألفي شخص استجابة لدعوة وجهها 13 تنظيما فلسطينيا لدعم الانتفاضة المستمرة منذ خمسة أشهر.
وأحرق المتظاهرون مجسما لصاروخ عليه العلم الأميركي، وصورا للرئيس الأميركي الجديد جورج بوش ووزير خارجيته كولن باول ورئيس الوزراء الإسرائيلي المنتخب أرييل شارون والمستقيل إيهود باراك، للتعبير عن شجبهم للغارات الجوية الأميركية على العراق.
وقالت مصادر طبية إن أربعة من جرحى مواجهات رام الله أصيبوا بعيارات نارية جراح بعضهم خطيرة، والبقية أصيبوا برصاصات مطاطية.
ووقعت صدامات محدودة في مدينة الخليل بين الشبان الفلسطينيين وجنود الاحتلال دون أن تسفر عن وقوع إصابات، وقال الجيش إن المتظاهرين قذفوا عشرين زجاجة مولوتوف على جنوده. وفي قطاع غزة أصيب الفتى طلال حسن أبو عريضة (16 عاما) برصاصة في رأسه خلال تبادل لإطلاق النار بين مسلحين فلسطينيين وجنود الاحتلال.
من جهة ثانية دمرت القوات الإسرائيلية موقعين عسكريين للأمن الفلسطيني بالقرب من مستوطنة أليه سيناي في قطاع غزة، قال الجيش الإسرائيلي إنهما استخدما الليلة الماضية في إطلاق قذائف هاون باتجاه المستوطنة المذكورة.
وقالت الشرطة الفلسطينية إن دبابات وجرافات إسرائيلية تمركزت حول الموقعين العسكريين الفلسطينيين، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات بين الجانبين.
وكان جيش الاحتلال شدد حصاره على الفلسطينيين وقسم قطاع غزة إلى نصفين، ومنع التنقل بين شمال القطاع وجنوبه، ويأتي تشديد الحصار في غزة قبل يوم فقط من زيارة لوزير الخارجية الأميركي كولن باول للمنطقة، هي الأولى منذ تقلده منصبه الجديد الشهر الماضي.
ووضعت القوات الإسرائيلية نقاط تفتيش، وأقامت المتاريس على الطريق الرئيسي الذي يقسم قطاع غزة بالفعل إلى قسمين، وتسببت في عرقلة حركة المرور داخل منطقة الحكم الذاتي، وقد برر جيش الاحتلال خطوته هذه بتفجير الفلسطينيين قنبلتين أسفرتا عن جرح جنديين إسرائيليين.
وانفجرت العبوتان لدى مرور دوريتين إسرائيليتين، الأولى على الطريق التي تربط بين معبر المنطار (كارني) ومستوطنة نتساريم. والثانية بالقرب من بيوت بلاستيكية في مستوطنة موراغ.
من جهة أخرى أدى القصف الإسرائيلي إلى إحراق وتدمير مدرسة مهنية، ومنزل لمواطن فلسطيني في دير البلح القريبة من مستوطنة كفار داروم جنوب قطاع غزة, وفق ما أكده شهود عيان. وأشار الشهود إلى أن تبادلا لإطلاق النار بين مسلحين فلسطينيين وقوات الاحتلال سبق إطلاق الإسرائيليين عدة قذائف باتجاه مناطق سكنية في دير البلح.
وكانت المدفعية الإسرائيلية قصفت مساء الخميس مدينة بيت ساحور القريبة من بيت لحم، وأفادت مراسلة الجزيرة في فلسطين أن خمس قذائف سقطت على منازل للفلسطينيين.
وأكدت مصادر أمنية فلسطينية أن الجيش الإسرائيلي نشر دبابات على مفترق الشهداء، وعلى شارع صلاح الدين الرئيسي الذي يربط شمال قطاع غزة بجنوبه، والمحاذي لمستوطنة نتساريم. كما وضعت قوات الاحتلال الإسرائيلي دبابات ومجنزرات على الطريق الساحلي لغزة، ومنعت الفلسطينيين من الوصول إلى مدينة غزة.
وقالت إسرائيل إن الدافع وراء إغلاق الضفة الغربية وغزة هو الحاجات الأمنية، ويصف الفلسطينيون الحصار بأنه عقابي لجميع الفلسطينيين.
وعلى صعيد آخر أصدرت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح التي يتزعمها الرئيس ياسر عرفات تعليمات للمسلحين الفلسطينيين بعدم إطلاق النيران على المواقع الإسرائيلية من المناطق الفلسطينية المسكونة.
وتتعرض مناطق بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور والخضر إلى قصف إسرائيلي، بسبب اختباء مسلحين فلسطينيين بين البيوت، وإطلاقهم النار على مستوطنة جيلو اليهودية.
عرفات يستقطب الدعم الأوروبي
وعلى الصعيد السياسي قالت مصادر رسمية يونانية وفلسطينية في أثينا إن رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات سيلتقي في أثينا بالرئيس اليوناني كوستاس سيميتيس في زيارة عمل قصيرة يطلع أثناءها المسؤولين اليونانيين على تطورات عملية السلام في الشرق الأوسط.
وكان عرفات قد قال في فيينا إن عملية السلام بحاجة إلى دفع من جانب الأوروبيين، وأضاف أنه لايزال "مستعدا" للتفاوض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون.
وفي هذه الأثناء قال أحد مساعدي رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتخب إن شارون يأمل في ألا "يطغى" النزاع الإسرائيلي الفلسطيني على سياسة إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش.
وأكد رعنان غيسين أن "رئيس الوزراء المنتخب لا ينوي التخلي عن عملية السلام, لكنه يعتبر أنه لا يمكن للولايات المتحدة وإسرائيل أن تنشغلا فقط بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني وتهملا المقاربة الإقليمية للمشكلات".
وانتقد تركيز الإدارتين السابقتين الإسرائيلية والأميركية على الشأن الفلسطيني قائلا إن هناك قضايا لا تقل أهمية، منها محاولات العراق الحصول على سلاح غير تقليدي وفقا لادعائه. وامتدح ضمنيا مواجهة الرئيس بوش للعراق، وعدم شغل نفسه بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.