الكويت تقلل من خطورة التهديدات العراقية
قللت الكويت من خطورة تهديدات عراقية بالرد العسكري على انطلاق الطائرات الغربية من الأراضي الكويتية والسعودية، وأبدت ثقتها بأنها محمية من أي عدوان، في حين استمر سيل الإدانات والمظاهرات الاحتجاجية على الغارات الأميركية والبريطانية على بغداد.
وقال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي صباح الأحمد الصباح الإثنين إن الكويت "محمية من أي تهديد بالعدوان" على أراضيها، ويعد هذا أول تعقيب على تهديد العراق الاثنين "بالرد عسكريا" على حكام الكويت والسعودية. وذكرت وكالة الأنباء الكويتية أن صباح الأحمد قال في تصريح للصحفيين في مجلس الأمة "لهم الحق في قول ما يشاؤون، وما أود قوله هو أن الكويت محمية بأهلها وأصدقائها وإخوانها العرب ومحمية بحلفائها".
وكان العراق هدد عبر صحفه "بالرد عسكريا" على حكام الكويت والسعودية "الشركاء في العدوان" على أراضيه, بعد الغارات التي شنتها الجمعة طائرات أميركية وبريطانية على بغداد، وأسفرت عن سقوط قتيلين وعشرين جريحا.
وهددت إحدى الصحف العراقية برد انتقامي ضد الدولتين. وقالت "الجمهورية" في إشارة واضحة للسعودية والكويت إن العراق من حقه اتخاذ التدابير والخطط العسكرية للرد على "المعتدين ومن يقدمون لهم التسهيلات" في حال حدوث هجمات مستقبلية. وذكرت الصحيفة أن العراق خرج منتصرا من الهجوم الغربي على بغداد.
من جهة أخرى قامت الطائرات الأميركية والبريطانية بدوريات في جنوب العراق الأحد للمرة الثانية منذ هجوم يوم الجمعة. وأفادت صحيفة بريطانية واسعة الانتشار أن الطائرات الأميركية والبريطانية لم تتعرض لإطلاق نار من المضادات العراقية منذ الغارات التي نفذت الجمعة ضد مواقع قيادة ورادار في ضواحي بغداد.
فقد قالت صحيفة "التايمز" نقلا عن "مصادر عسكرية غير محددة" إنه "خلال الأسابيع الستة السابقة للقصف أطلقت المدفعية العراقية مضاداتها 51 مرة على طائرات أميركية وبريطانية، وأطلقت 14 صاروخ أرض جو".
وادعت الصحيفة أن غياب الرد العراقي على تحليق طائرات أميركية وبريطانية فوق العراق يعتبر بمثابة "دليل على أن الغارات ألحقت أضرارا بنظام الاتصالات العراقي الجديد، الذي يستخدم الألياف البصرية بين مراكز القيادة ومواقع الرادار". واعتبرت أن فاعلية هذه الشبكة الجديدة التي أقامتها شركة صينية هي من الأسباب التي قدمتها لندن وواشنطن لتبرير الغارات الجوية الجمعة.
العراق يحث العرب على إدانة الهجوم
وفي سياق آخر حث العراق الدول العربية ودول منظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز على إدانة الغارات الجوية الأميركية والبريطانية على بغداد. وقالت وكالة الأنباء العراقية إن وزير الخارجية محمد سعيد الصحاف أرسل خطابات إلى عدد من وزراء الخارجية العرب، وإلى رئيسي منظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز، طالبا منهم إدانة العدوان الأميركي البريطاني الأخير.
وفي هذا الإطار انتقدت سلطنة عمان الغارات الجوية قائلة إنها عقدت الأمور أكثر مما يجب. وقال وزير الخارجية يوسف بن علوي بن عبد الله إن "تلك الضربات لن تأتي بفائدة لا على قضايا الأمن في المنطقة ولا على قضايا الحوار والتعاون".
وحذرت مصر مجددا من أن قصف العراق سيفتح الباب أمام مزيد من الاضطراب، مؤكدة أنه يجب تبني أسلوب الحوار لتسوية الملف العراقي. وقال وزير الخارجية عمرو موسى في مقابلة مع التلفزيون المصري إن "القصف يشكل خطوة سلبية وسيؤدي إلى المزيد من الاضطراب في المنطقة".
من جانب آخر دعت أحزاب ومنظمات شعبية لبنانية قومية وإسلامية الدول العربية والإسلامية إلى منع الولايات المتحدة وبريطانيا من استخدام مياهها وأراضيها في ضرب العراق. كما دعت إلى تفعيل المقاطعة العربية والإسلامية لبضائع هذين البلدين احتجاجا على الغارة التي شنتها طائراتهما الأسبوع الماضي على جنوبي بغداد.
جاء ذلك في اجتماع عقد في أحد فنادق بيروت بدعوة من المنتدى القومي العربي وشارك فيه ممثلون عن العديد من الأحزاب القومية واليسارية والإسلامية اللبنانية.
استمرار المظاهرات
في غضون ذلك واصل العراقيون تظاهراتهم تعبيرا عن سخطهم على الولايات المتحدة وبريطانيا. وعبر المواطنون لليوم الثالث على التوالي عن سخطهم على الولايات المتحدة في تظاهرات نددوا خلالها بالقصف الأميركي البريطاني.
واحتشد حوالي خمسة آلاف شخص في مدينة صدام شمال بغداد أمام مقر لحزب البعث الحاكم في العراق وهم يرفعون الأعلام العراقية والفلسطينية وصور الرئيس صدام حسين, مرددين "الموت لأعداء الشعوب.. الموت لأميركا".
كما تجمع حوالي سبعة آلاف شخص معظمهم من طلاب المدارس, أمام فرع الرشيد لحزب البعث في منطقة العلوية (وسط بغداد)، ورفعوا لافتات كتب عليها "بوش بوش اسمع زين، كلنا نحب صدام حسين" و"كل العراق ينادي، صدام عز بلادي". وذكرت وسائل الإعلام العراقية أن المدن العراقية الأخرى شهدت تظاهرات مماثلة.
وفي غزة شارك مئات من الفلسطينيين في تظاهرة أمام المركز الثقافي البريطاني احتجاجا على العدوان الأميركي البريطاني على العراق, وردد المتظاهرون شعارات "لا للغطرسة الأميركية البريطانية الإسرائيلية" ضد الشعبين العراقي والفلسطيني.
وعلى الصعيد الدولي رفض المستشار الألماني غيرهارد شرودر التعليق على الهجمات الجوية على أهداف قرب بغداد، إلا أنه أوضح أن وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر سيناقش الأمر أثناء زيارته لواشنطن التي يفترض أن تكون بدأت الإثنين.
وكانت روسيا والصين احتجتا على الغارات الجوية، كما انتقدت تركيا وفرنسا الولايات المتحدة وبريطانيا.
انقسام الاتحاد الأوروبي
واعترفت المفوضية الأوروبية بأن دول الاتحاد الأوروبي "منقسمة" حول السياسة الواجب اتباعها إزاء العراق، لكنها رفضت التعليق على الغارات. واكتفى ناطق باسم المفوضية الأوروبية بالتذكير أمام الصحفيين بأن "سياسة العقوبات على العراق هي من اختصاص مجلس الأمن الدولي".
وانتقد عضو بالبرلمان البريطاني الغارات واصفا إياها بأنها عمل "غير أخلاقي وجبان وإرهابي". وأدان جورج جالوواي من حزب العمال الحاكم بلاده والولايات المتحدة أثناء زيارة إلى مستشفى بالعاصمة العراقية بغداد.
وبينما بدت اليابان مترددة في إبداء رأيها في الغارات حيث قال متحدث باسم الحكومة "من الصعب تحديد ما إذا كنا سنساند أم سنعارض، لكننا لا نريد أن يزداد الأمر تعقيدا مع مزيد من التوترات".
وكررت فرنسا هجومها على الغارات حيث قال وزير الخارجية أوبير فدرين إنه ليس هناك سند في القانون الدولي لمثل هذه الهجمات. وفي إدانة شديدة اللهجة قال فدرين في مقابلة مع تلفزيون "أل. سي. أي" إن واشنطن ولندن تمضيان وحدهما في سياساتهما المتشددة، وإن فرنسا تريد إنهاء العقوبات الاقتصادية على العراق.
وتعرضت الولايات المتحدة وبريطانيا لانتقادات من شتى الدول الأخرى ومن داخل حلف شمال الأطلسي. لكنهما قالتا إن الدفاعات العراقية تهدد طائراتهما المشاركة في فرض الحظر الجوي الذي تطبقانه على جنوب العراق وشماله، بزعم حماية الأقلية الشيعية في الجنوب والكردية في الشمال، من هجمات محتملة من جانب بغداد.