عرفات يمنح شارون فرصة ومساعدوه قلقون

تعهد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بمنح رئيس الوزراء اليميني المنتخب أرييل شارون فرصة لبلورة برنامجه السياسي وموقفه من عملية السلام، وقال لوكالة أنباء رويترز "علينا أن ننتظر ونرى".
وأضاف عرفات "سنحكم عليه في ضوء السياسات التي ينتهجها كرئيس للوزراء ومع من سيشكل حكومة".
وكان الرئيس الأميركي جورج بوش قد دعا عرفات في اتصال بينهما إلى إعطاء شارون فرصة لبلورة برنامجه تجاه عملية السلام.
وقال عرفات إنه يأمل أن يلعب الرئيس بوش دورا فعالا في مفاوضات السلام. ومن المفارقات أن شارون تعهد بتجنب ما يصفه بالاعتماد الزائد على الوساطة الأميركية في المحادثات مع الفلسطينيين والذي انتهجه باراك ورئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.
ويجري شارون مشاورات مع قادة حزب العمل لإقناعهم بالانضمام إلى حكومة وحدة وطنية، وعرض على رئيس الوزراء السابق إيهود باراك تولي حقيبة الدفاع، بينما عرض على رئيس الوزراء الأسبق شمعون بيريز تسلم حقيبة الخارجية، ولم يرفض الاثنان عرض زعيم اليمين المتطرف.
وسئل عرفات عما إذا كان يخشى من التعامل مع شارون فقال "أنتم تعرفونني.. هل تعتقدون أنني خفت أبدا". وقال عرفات الذي اتصل بشارون يوم الجمعة لتهنئته على فوزه في الانتخابات وحثه على استئناف المحادثات إنه يمكنه التفاوض مع شارون مثلما فعل مع المسؤولين الإسرائيليين الآخرين، وأضاف "لقد تحدثت مع باراك الذي جاء لاغتيالي في بيروت عام 1973 عندما قتل أبو يوسف النجار وكمال ناصر وكمال عدوان".
وأشار الرئيس الفلسطيني إلى أنه أجرى محادثات مع شارون في واي بلانتيشن عام 1998 عندما كان الأخير وزيرا للخارجية في حكومة رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو.
وكان شارون قد شارك في تلك المحادثات مع الوفد الإسرائيلي، غير أنه رفض مصافحة عرفات وقال إن يديه ملطخة بدماء الإسرائيليين.
وقال عرفات "لست قلقا، حقيقة إننا نواجه ظروفا اقتصادية صعبة للغاية، ولكن مثلما ترون الشعب يواجه الموقف كله بقوة وشجاعة ولهذا أقول إنني فخور به، إنني واثق تماما في شعبي". وأضاف أن "رسالتي لشعب الانتفاضة هي.. الصبر".
وتعهد شارون الذي فاز على باراك في انتخابات جرت الأسبوع الماضي بعدم عقد محادثات سلام مع السلطة الفلسطينية ما لم يوقف الفلسطينيون انتفاضتهم.
ورغم التفاؤل الذي غلف عبارات الرئيس الفلسطيني فإن أحد مساعديه المقربين قال إن شارون الذي قاد عملية غزو لبنان في العام 1982 "قادر على فعل أي شيء". وحذر من أنه "قد يشكل فرق إعدام لاغتيال الزعماء الفلسطينيين أو لإعادة احتلال الأراضي الفلسطينية".
وكان قائد الجيش الإسرائيلي شاؤول موفاز أعلن أن قواته لن تنجر إلى "مغامرة عسكرية"، لكنه توقع تصعيدا في التوتر, واقترح مزيدا من الحزم والتصميم في مواجهة ذلك دون "تساهل" مع الفلسطينيين.
ودعا موفاز في حال حدوث تصعيد إلى اعتبار المسؤولين عن الأجنحة العسكرية للتنظيمات الفلسطينية بما فيها حركة فتح "مطلوبين"، وقال "في مثل هذه الحال لن نتردد في الدخول الى المنطقة (المشمولة بالحكم الذاتي) لإحالتهم إلى القضاء".
وأضاف موفاز "إذا عرفوا أنهم ملاحقون سيضطرون للاختباء ويقل سعيهم إلى تنفيذ اعتداءات" على حد تعبيره.
كلينتون: الإسرائيليون يطلبون الأمن
من ناحيته قال الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون لجماعة يهودية إن اختيار الناخبين أرييل شارون لا يمثل تخليا عن جهود السلام، وقال أثناء حفل لجمع تبرعات في مركز بيت يعقوب في منطقة إفينتورا بميامي "لا أعتقد أن من العدل أن نقول إنهم رفضوا فكرة السلام أو فكرة ضرورة أن تكون هناك عملية سلام. لقد أكدوا فكرة ضرورة أن يسبق الأمن السلام وأنه لا يمكن إحلال السلام دون أمن".
وظل كلينتون الذي عرف بحماسه الشديد لإسرائيل يطالب السلطة الفلسطينية أثناء وجوده في الحكم بوقف الانتفاضة كشرط لاستئناف المفاوضات وتحقيق تقدم في العملية.
وأشاد كلينتون بشارون لدعوته باراك قبول منصب وزير الدفاع ولدعوته بيريز لتولي وزارة الخارجية، وقال "أعتقد أنه أمر طيب جدا الاتصال بإيهود باراك وشمعون بيريز في محاولة لتشكيل حكومة وحدة وطنية".
وتوقع أن يأتي التقدم في المستقبل على شكل المزيد من الاتفاقات وليس في شكل اتفاقية سلام شاملة. وأعرب عن اعتقاده أن السلام يأتي عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة في غزة ومعظم الضفة الغربية مقابل أن يتخلى الفلسطينيون عن المطالبة بحق اللاجئين في العودة لإسرائيل.
وقال "من الواضح أنه في النهاية سيتعين وضع بعض الشروط لإقامة دولة فلسطينية ويتعين إيجاد بعض الحلول لمشكلة اللاجئين. وسيتعين على الولايات المتحدة وأوروبا بالإضافة إلى آخرين أن يكونوا مستعدين لأخذ بعض اللاجئين الفلسطينيين".
وأيد كلينتون الموقف الإسرائيلي الرافض لعودة اللاجئين، وقال "يتعين أن يكون لإسرائيل حق أخذ بعض اللاجئين وربما حتى مسؤولية القيام بذلك ولكن لا يمكن لأحد أن يتوقع أن تتخلى إسرائيل من جانبها عن الأرض، وأن تعترف أيضا بحق عودة غير محدود، هذا سيهدد أساس دولة إسرائيل نفسه".
وكان كلينتون قدم خطة للتسوية حاول إقناع الفلسطينيين بقبولها حتى اليوم الأخير من ولايته، وتقضي أفكار كلينتون بموافقة إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح فوق 90% من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وبسط السلطة الفلسطينية على أجزاء من القدس الشرقية مقابل التخلي عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، واستبدال أراض خالية في صحراء النقب بأراض تقوم عليها التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية.
وأعلنت الحكومة الأميركية الجديدة أنها لا ترى في أفكار كلينتون تلك أساسا لعملية السلام، وقالت إنها تجري مشاورات حول الأسس التي يجب أن تقوم عليها المفاوضات بين الجانبين.
ودان كلينتون حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي وحزب الله اللبناني بوصفها جميعا "أعداء للسلام" مكرسين لإحباط المفاوضات، وقال "إنهم دائما يجدون وسيلة لتفجير قنبلة وإخراج العملية عن مسارها ودائما يلحقون الضرر بشعبهم في النهاية بشكل أكبر لأنهم يجبرون إسرائيل على إغلاق الحدود والإضرار بالاقتصاد الفلسطيني".
تحقيقات دولية وانفجار قنبلة
وقد اجتمع وفد تابع للأمم المتحدة بعرفات في غزة أمس في مستهل تحقيق يستمر أسبوعا في انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق المحتلة، لكن إسرائيل قالت إنها لن تتعاون مع اللجنة.
وقال عضو لجنة الأمم المتحدة عقب لقاء عرفات في غزة إن الوفد يعتزم "التحقيق ودراسة الوضع بأفضل ما يمكن". وأضاف "للأسف قالت الحكومة الإسرائيلية إنها لن تتعاون معنا ولكن هناك من الحقائق ما يمكن الوصول إليه عبر وسائل أخرى، وسنبذل قصارى جهدنا من أجل الحصول على صورة كاملة لما يحدث، وعلى هذا الأساس سنكتب تقاريرنا ونصدر توصياتنا".
وتعتزم لجنة الأمم المتحدة زيارة غزة والقدس المحتلة ومناطق أخرى في الضفة الغربية لإعداد تقرير للاجتماع السنوي للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة الذي يبدأ في 19 مارس/ آذار القادم.
وعلى صعيد المواجهات انفجرت قنبلة موجهة عن بعد صباح اليوم في قطاع غزة، وقال متحدث باسم قوات الاحتلال إن القنبلة انفجرت أثناء مرور شاحنة تقل جنودا إسرائيليين، لكنها لم تتسبب في وقوع إصابات.
وأضاف المصدر نفسه أن الانفجار وقع قرب مستوطنة كفار داروم اليهودية التي خرجت منها الشاحنة في وسط قطاع غزة. وأقفلت قوات الاحتلال في أعقاب الهجوم الطريق الرئيسية التي تربط بين شمال قطاع غزة وجنوبه.