مسلمو أميركا ساخطون لتجميد أرصدة مؤسسات الإغاثة
أحدث القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي جورج بوش بتجميد أرصدة كبرى المؤسسات الأميركية المسلمة التي تعمل في الحقل الإنساني والتنموي استياء واسعا في صفوف مسلمي الولايات المتحدة. فقد قررت الإدارة الأميركية الثلاثاء الماضي تجميد أرصدة مؤسسة الأرض المقدسة للإغاثة والتنمية بالإضافة إلى مصرفين تجاريين يعملان في الولايات المتحدة هما بنك الأقصى وبيت المال، وذلك بعد أن اتهمت المؤسسات الثلاث بدعم حركة حماس الفلسطينية.
وقال الرئيس بوش في إعلان بهذا الخصوص إن وزارة المالية الأميركية قد جمدت أرصدة مؤسسة الأرض المقدسة -ومقرها مدينة ريتشاردسون بولاية تكساس- واتهمها بدعم حركة حماس. وأضاف أن مسؤولين فدراليين قد استولوا على مكاتب وسجلات مؤسسة الأرض المقدسة.
وقال بوش "الرسالة التي نبعث بها من خلال هذا الإجراء هي التالية؛ إن أولئك الذين يتعاملون تجارياً مع الإرهاب لن يكون بمقدورهم التعامل التجاري مع الولايات المتحدة أو في أي مكان آخر يمكن للولايات المتحدة أن تصله". واتهم الرئيس الأميركي مؤسسة الأرض المقدسة بجمع الأموال لإقامة المدارس وتعليم الأطفال الفلسطينيين كي يصبحوا انتحاريين على حد قوله.
الحملة الأميركية لما بعد طالبان
وتحدث في المؤتمر الصحفي الذي تم فيه الإعلان عن إغلاق المؤسسات الثلاث كلٌّ من وزير المالية بول أونيل ووزير العدل جون آشكروفت. واتهم أونيل حركة حماس بأنها "أزهقت أرواح عدد من الأشخاص بينهم مواطنون أميركيون، وتفاخرت بإعلان مسؤوليتها عن أعمال شريرة بينها الهجمات المروعة التي وقعت يوم الأحد الماضي. إنها تجمع أموالاً في الولايات المتحدة وفي شتى أرجاء العالم. والواضح أن حماس منظمة إرهابية لها امتدادات عالمية". وذكر أنّ الإدارة الأميركية بدأت بالقاعدة وطالبان وهي تزحف الآن "على ممولي الإرهاب هؤلاء".
أما آشكروفت فقال "إن إجراء اليوم يستهدف منظمة تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، ويديرها أفراد كانوا خاضعين لعمل قامت به المؤسسات الأمنية قبل 11 سبتمبر/ أيلول". وذكر وزير العدل الأميركي أن "مؤسسة الأرض المقدسة للإغاثة والتنمية ومقرها ريتشاردسون بتكساس، تدير شركة إنترنت تدعى إنفوكوم التي اقتحمها مسؤولون من مكتب التحقيقات الفدرالي وقامت وزارة المالية بتجميد أرصدتها قبل ستة أيام فقط" من حوادث نيويورك وواشنطن. وشدد آشكروفت على أن الإدارة الأميركية تريد "وقف الإرهاب" سواء أكان في أفغانستان أم في الضفة الغربية وقطاع غزة، في إشارة إلى نشاط المقاومة الفلسطينية وانتفاضة الأقصى.
مسلمو أميركا ساخطون
وقد أثارت القرارات الجديدة امتعاضاً واسعاً في صفوف مسلمي الولايات المتحدة الأميركية. وسارعت مجموعة من كبرى منظمات المسلمين الأميركيين إلى مطالبة الرئيس جورج بوش بمراجعة قراره الخاص بتجميد أرصدة مؤسسة الأرض المقدسة للإغاثة والتنمية، كما طالبت بأن تعلن الحكومة الأميركية عن الأدلة التي قد تثبت علاقة مؤسسة الإغاثة المسلمة بأية جماعات أو أنشطة إرهابية.
وقالت المنظمات الأميركية المسلمة في بيان مشترك إن مؤسسة الأرض المقدسة التي تعد أكبر مؤسسات الإغاثة المسلمة في الولايات المتحدة، كانت لعدة سنوات هدفا للمنظمات الموالية لإسرائيل والتي اتهمتها بمساندة مسلحين فلسطينيين. وأضافت أن مؤسسة الأرض المقدسة قد نفت باستمرار هذه الاتهامات، كما لم تعلن أي جهة أدلة تدعم ما تم اتخاذه مؤخرا من إجراءات.
وقال البيان إن الاتهام المحدد الوحيد الذي تم توجيهه لمؤسسة الأرض المقدسة هو وجود بعض أبناء منفذي الهجمات العسكرية بين آلاف الفلسطينيين الذين حصلوا على مساعدات إغاثية من المؤسسة الأميركية المسلمة.
وقال البيان إنه رغم أن مسلمي أميركا يؤيدون الرئيس جورج بوش في وقف تمويل الإرهاب وينادون بحل سلمي لصراع الشرق الأوسط، فإن هذه الأهداف "لن تتحقق بنزع الطعام من فم الأيتام الفلسطينيين أو بالخضوع لحملة تشويه ذات دوافع سياسية يقودها مؤيدو الاحتلال الإسرائيلي القمعي".
وأضاف البيان مستغرباً الخطوة الأميركية "يجب ألا نطالب أي منظمة إغاثية في أي مكان في العالم بسؤال الأيتام الجوعى عن المعتقدات الدينية أو الانتماءات السياسية لآبائهم، ولا توجه هذه الأسئلة للأطفال الأميركيين الذين سجن أو أعدم آباؤهم بالولايات المتحدة عند استلامهم لمساعدات الحكومة الأميركية".
وأعادت منظمات المسلمين الأميركيين إلى الأذهان أن "الصدقة واجب على كل مسلم، وفي الحقيقة هي أحد أركان الإسلام الخمسة (الزكاة). والمنظمات الإغاثية الإسلامية في أميركا تساعد مسلمي أميركا على الوفاء بواجباتهم الدينية لمساعدة المحتاجين، ولذا فإن الأرصدة المجمدة لا تخص مؤسسة الأرض المقدسة وإنما تخص المجتمع المسلم كله".
واختتمت المنظمات المسلمة بيانها بمطالبة الرئيس الأميركي بمراجعة قراره الذي أكدت أنه "غير عادل" ورأت فيه "حركة ذات تأثير عكسي لن تقود إلا إلى الإضرار بمصداقية أميركا بين المسلمين في أميركا وفي العالم".
ومن بين المنظمات الموقعة على البيان كل من مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية "كير"، والاتحاد الإسلامي الأميركي، والمجلس الإسلامي الأميركي، والجمعية الإسلامية لشمال أميركا، والجمعية الإسلامية الأميركية، ومجلس الشؤون العامة الإسلامية "إمباك"، واتحاد الطلبة المسلمين في أميركا وكندا.
وكانت حركة حماس قد نفت المزاعم التي ساقها الرئيس بوش بشأن ارتباط المؤسسات المشمولة بتجميد الأرصدة بها، وأكدت بطلان الادعاءات الأميركية في هذا الخصوص.