الجنرال دوستم يرفض الحكومة الانتقالية في أفغانستان
ـــــــــــــــــــــــ
دوستم يعلن أن فصيله لم يمثل كما ينبغي في الحكومة الانتقالية وأنه لن يذهب إلى كابل قبل تشكيل حكومة مناسبة
ـــــــــــــــــــــــ
إيران ترحب باختيار كرزاي رئيسا مؤقتا رغم معارضتها للملكيين وتتوقع استقباله قريبا في طهران
ـــــــــــــــــــــــ
برنامج الأمم المتحدة يدعو مؤتمر برلين إلى تبني خطة خمسية لإعادة إعمار أفغانستان
ـــــــــــــــــــــــ
أعلن القائد الأوزبكي الجنرال عبد الرشيد دوستم أنه سيقاطع الحكومة الانتقالية التي تمخض عنها مؤتمر بون موجها ضربة قوية إلى الجهود الدولية لإحلال السلام في أفغانستان، لكن هذا المسعى الدولي تعزز من ناحية أخرى بمطالبة مؤتمر للدول المانحة في برلين بضرورة تبني خطة خمسية لإعمار هذا البلد الذي دمرته الحروب المتعاقبة.
وقد فاجأ الجنرال الشيوعي السابق عبد الرشيد دوستم الكثيرين بإعلانه رفض اتفاق مؤتمر بون، قبل أن يجف مداده، معتبرا أن فصيله المعروف باسم "جنبش ملي" أي النهضة القومية، لم يمثل كما ينبغي في الاتفاق الذي وقعته الفصائل الأفغانية أمس برعاية الأمم المتحدة.
وقال دوستم، الذي تسيطر قواته على أجزاء من شمال أفغانستان بما في ذلك مدينة مزار شريف الاستراتيجية، في اتصال هاتفي مع وكالة رويترز "نحن نشعر بالحزن. نعلن مقاطعتنا لهذه الحكومة ولن نذهب إلى كابل إلى أن تتشكل حكومة مناسبة".
وصرح دستم بأنه طلب بان يتولى فصيله المشارك في تحالف الشمال وزارة الخارجية لكنه منح الزراعة والصناعة والتعدين. وأضاف "هذا أمر مشين بالنسبة لنا". وذكر أنه سيمنع مسؤولي الحكومة الجديدة من دخول شمال أفغانستان الغني بموارد النفط والغاز.
يذكر أن دوستم كان يشكل قوة عسكرية بارزة بقيادته للميليشيات الأوزبكية قبل استيلاء طالبان على السلطة عام 1996، وكان يسيطر على شمال أفغانستان الذي يضم مدينة مزار شريف بالقرب من الحدود مع أوزبكستان, قبل أن يطرد مقاتلو طالبان أنصاره الأوزبكيين من المنطقة في أغسطس/ آب عام 1998. وأدى رحيله عن البلاد إلى سقوط معاقل أخرى للمعارضة في الشمال، وتوجه دوستم بعد هزيمة قواته إلى أوزبكستان وتركيا وإيران.
اتفاق بون
وبرزت هذه الأزمة الجديدة والمجتمع الدولي يلتقط أنفاسه بعد المفاوضات الماراثونية التي جرت في بون وتوجت بتوقيع الفصائل الأفغانية اتفاقا تاريخيا ينص على تشكيل حكومة في كابل برئاسة الزعيم البشتوني حامد كرزاي ستبدأ مهامها بحلول 22 ديسمبر/ كانون الأول وذلك بعد مفاوضات استمرت طوال ليلة أمس.
ووقع رؤساء الوفود الأربعة على الاتفاق في فندق بترسبيرغ خارج بون الذي استضاف المحادثات بحضور مبعوث الأمم المتحدة لأفغانستان الأخضر الإبراهيمي الذي وقع بدوره على الاتفاق هو وكل من المستشار الألماني غيرهارد شرويدر ووزير خارجيته يوشكا فيشر.
وبموجب الاتفاق تتشكل حكومة انتقالية مؤلفة من 29 وزيرا في كابل تستمر ستة أشهر لحين عقد جلسة للمجلس الأعلى الأفغاني (لويا جيرغا).
ترحيب دولي بالاتفاق
وقد أعرب الرئيس الأميركي جورج بوش عن "ارتياحه الشديد" لهذا الاتفاق الذي اعتبره "إيجابيا جدا". وقال المتحدث باسم البيت الأبيض إن "الرئيس يعرب عن ارتياحه الشديد للاتفاق. ويعتبر انه اتفاق إيجابي يبشر بالخير لشعب أفغانستان. وسيتيح هذا التطور للشعب الأفغاني استعادة السيطرة على بلاده, والرئيس سعيد جدا بذلك".
وأشادد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بالاتفاق ودعا مختلف الفصائل إلى التعاون الوثيق لتطبيقه. وقال "اعتقد أننا اجتزنا أول خطوة مهمة". معربا عن اعتقاده بأنه بعد اتفاقها على إدارة انتقالية, فإن "الفصائل ستعود إلى كابل وستعمل وتتعاون مع بعضها بشكل وثيق".
وفي روما, أعرب وزير الخارجية الإيطالي ريناتو روجييرو عن "ارتياحه الكبير" للاتفاق. وقال إن هذا الاتفاق "سيشكل الأساس للاستقرار السياسي للبلاد, والتدخلات الرامية إلى ترسيخ هذا الاستقرار, كنشر القوة الدولية تحت راية الأمم المتحدة".
موقف إيران
وفي طهران أعلن محمد جواد ظريف نائب وزير الخارجية الإيراني أنه ليس لدى الحكومة الإيرانية "أي اعتراض" على تعيين المسؤول البشتوني حميد كرزاي رئيسا للحكومة الانتقالية الأفغانية.
وردا على أسئلة وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية, أعلن ظريف في بون حيث شارك في مؤتمر الفصائل الأفغانية بصفة مراقب "لا اعتراض لدينا على تعيين حميد كرزاي، وسنستقبله بالترحيب في طهران بما أنه سبق وأقام بعض الوقت في إيران".
وأعلن المسؤول الإيراني أن طهران تقدمت رسميا في وقت سابق باقتراح باختيار كرزاي رئيسا للحكومة الأفغانية، على أن تكون طهران "الأولى" التي تستقبله.
وكانت إيران, العدو اللدود لحركة طالبان وحليفة تحالف الشمال الأفغاني, أبدت تحفظات على الدور المحتمل للملك الأفغاني السابق محمد ظاهر شاه الذي يعتبر كرزاي مقربا منه.
مؤتمر الدول المانحة
وقد أكدت ألمانيا أنها ستكون المانح الأكبر لأفغانستان وجاء على لسان المستشار غيرهارد شرويدر ووزير خارجيته يوشكا فيشر أن المجتمع لن يترك أفغانستان كما فعل من قبل بعد الغزو السوفياتي، وكان المسؤولان الألمانيان يشيران إلى مؤتمر الدول المانحة الذي أفتتح في بون بعيد اختتام مؤتمر بون السياسي.
ووجه وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر لدى افتتاحه المؤتمر نداء ملحا من اجل تقديم مساعدة إنسانية فورية إلى أفغانستان مع اقتراب فصل الشتاء. وقال إن "المهمة الأكثر إلحاحا الآن تكمن في ضم جميع القوى من اجل أن يتمكن السكان من مواجهة الشتاء". ووصف الوضع هناك بأنه يائس.
ومن جهته اعتبر الممثل الخاص للأمم المتحدة في أفغانستان الأخضر الإبراهيمي في كلمته أن الأفغان وحدهم يمكنهم إعادة إعمار أفغانستان. وقال متوجها إلى مندوبي الدول المانحة والمنظمات الإنسانية العديدة الذين حضروا الاجتماع "لا تظنوا انه يمكنكم الحلول محل الأفغان لإعادة إعمار البلاد". مؤكدا أن الأمم المتحدة تدرك أن المصاعب التي "واجهناها ليست بشيء قياسا إلى ما ينتظرنا".
خطة خمسية للإعمار
وأكد مدير برنامج الأمم المتحدة للتنمية مارك مالوك براون في مؤتمر صحفي في برلين أن خطة خمسية لإعادة إعمار أفغانستان ضرورية، وقال إنه ليس من المعروف بعد الحجم المالي الذي تتطلبه مثل هذه الخطة, مشيرا إلى أن هذا الحجم مرهون بالخطوات السياسية التي تتحقق في أفغانستان.
ولفت المسؤول الدولي إلى "أننا عنينا بكل وضوح أنه إذا ما قدمنا دعما تقنيا, فإن حدا أدنى من المعايير سينبغي احترامه لأن المانحين لا يريدون هدر أموالهم".
واعتبر أن الأمن المحلي هو الأولوية رقم واحد, مذكرا بأن مدينة كابل كانت أصلا "خطيرة جدا" قبل الحروب. ولهذا السبب تطرق مالوك براون إلى فكرة برنامج نزع الأسلحة القائلة : "المال في مقابل السلاح".
ويشارك في المؤتمر الذي يستغرق يومين ممثلو الدول الخمس عشرة الرئيسية المانحة, إضافة إلى ممثلي الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة الإنسانية والصليب الأحمر الدولي وغيرها من المنظمات غير الحكومية الناشطة في أفغانستان.
والدول المانحة لأفغانستان هي ألمانيا واستراليا وكندا والدنمارك وفنلندا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان وهولندا والنرويج وروسيا والسويد وسويسرا والولايات المتحدة.
ومن المواضيع المطروحة على جدول أعمال المؤتمر نقل المساعدة مع حلول الشتاء ووضع اللاجئين الأفغان وإعادة إعمار البلاد, مع احتمال اتخاذ إجراءات عاجلة لمساعدة الشعب الأفغاني.
وكانت ألمانيا التي تتولى الرئاسة الحالية لـ"مجموعة دعم أفغانستان" اشترطت بوضوح أن تتوصل الفصائل الأفغانية إلى اتفاق في بون من اجل منح أفغانستان مساعدة دولية جديدة.