الحملة ضد الإرهاب تبدأ رحلتها للشرق الأوسط
ـــــــــــــــــــــــ
الهيئات القضائية الإيطالية وشرطة الضرائب تتعاون مع واشنطن في ملاحقة أرصدة مؤسسات وأشخاص بتهمة تمويل حماس
ـــــــــــــــــــــــ
المنظمات الإسلامية الأميركية تصدر بيانا مشتركا تطالب بوش بالتراجع عن قرار تجميد أصول مؤسسة الأرض المقدسة
ـــــــــــــــــــــــ
واشنطن تتهم حماس باستخدام أموال مؤسسات الإغاثة في إنشاء مدارس لإعداد الأطفال الفلسطينيين كي يصبحوا فدائيين
ـــــــــــــــــــــــ
أعلنت واشنطن أنها بدأت توسيع حملتها ضد ما تعتبره إرهابا، فقد قررت تجميد أموال مؤسسات خيرية إسلامية بحجة ارتباطها بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قبل أن تنضم لها إيطاليا وتجمد هي الأخرى أموال منظمات إسلامية. وأعلن الرئيس الأميركي جورج بوش أنه لن يسمح لمن يعتبرهم إرهابيين في الشرق الأوسط بالاستفادة من الأموال التي تجمعها المنظمات الاهلية لدعم أنشطة اجتماعية في الأراضي الفلسطينية، بينما أكد وزير العدل الأميركي جون آشكروفت أن القرارات الأخيرة تعني توسيع الحرب على ما تراه واشنطت إرهابا إلى ما هو أبعد من شبكة القاعدة.
إيطاليا وكندا أول الحلفاء
وبعيدا عن الحملة الأميركية ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة الذي يقوده أسامة بن لادن كانت إيطاليا وكندا أول المشاركين في الحملة الاميركية ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إذ أعلنت سلطات روما أنها بصدد تجميد أرصدة مجموعات يشتبه بتمويلها لحركة حماس.
وأكدت مصادر قضائية إيطالية أن تجميد الأرصدة سيتم بالتنسيق بين إدارة مكافحة الإرهاب في مكتب المدعي العام بروما والسلطات الأميركية, وأوضحت المصادر الإيطالية أن الإدارة الأميركية قدمت معلومات هامة بهذا الشأن إلى وزارة المالية الإيطالية.
وأضافت المصادر أن شرطة الضرائب الإيطالية ستبدأ تحقيقا موسعا بشأن حسابات في البنوك الإيطالية لمؤسسات وجمعيات قد تكون على صلة بحركة حماس التي تعتبرها واشنطن "حركة إرهابية".
وجاء التحرك الإيطالي بعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش أن السلطات الفدرالية قررت تجميد أموال مؤسسة "الأرض المقدسة" بعد أن اتهمتها بتمويل حركة حماس. كما اتخذت كندا إجراءات مماثلة بحق جمعيات بتهمة تمويل حماس.
إعلان الحرب المالية
وكان بوش قد أعلن أمس تجميد أرصدة مؤسسة الأرض المقدسة في البنوك الأميركية بعد أن اتهمتها بتمويل أنشطة لحركة حماس.
وتخضع مؤسسة الأرض المقدسة للمساعدة والتنمية ومقرها في دالاس بولاية تكساس لمراقبة مكتب التحقيقات الفدرالي منذ منتصف التسعينيات. ويعتقد أنها جمعت 13 مليون دولار العام الماضي. وقررت الجهات الفدرالية التحفظ على أربعة مكاتب خاصة بالمؤسسة.
وقال بوش للصحفيين في حديقة البيت الأبيض أمس ومعه وزير الخزانة بول أونيل ووزير العدل جون آشكروفت إن من وصفهم بالإرهابيين في إشارة لحركة (حماس)يستفيدون من مؤسسة الأرض المقدسة مؤكدا أن واشنطن لن تسمح بذلك.
وتشكل المداهمات لمقار المؤسسة في كاليفورنيا وتكساس ونيوجيرسي وألينوي توسيعا للحرب التي تقودها الولايات المتحدة على ما تسميه الإرهاب علاوة على استهداف تنظيم القاعدة الذي يقوده أسامة بن لادن المشتبه به الرئيسي في الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وقال آشكروفت "بهذا العمل توسع نشاطنا إلى ما هو أبعد من شبكة القاعدة"، بينما وصف أونيل حركة حماس بأنها "تنظيم إرهابي ذو امتداد عالمي".
وقال مراسل الجزيرة في واشنطن إن القرار الأميركي شمل أيضا إلى جانب مؤسسة الأرض المقدسة تجميد أرصدة شركة إنفوكوم للإنترنت. وأوضح أن الاتهام الرئيسي الموجه لهذه الشركة هو أن أموالها جاءت من موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
وكان وزير العدل الأميركي أعلن أن مؤسسة الأرض المقدسة تلقت أموالا من موسى أبو مرزوق. وأضاف أن المؤسسة تلقت القسم الأكبر من الأموال التي استخدمت لتأسيسها من أبو مرزوق الذي شغل في السابق منصب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
وأضاف مراسل للجزيرة في الولايات المتحدة أن السلطات الأميركية لم تقدم أدلة ولكنها اعتبرت أن مجرد تقديم هذه الأموال لمدارس تؤهل أشخاصا يقومون لاحقا بتنفيذ عمليات فدائية ضد إسرائيل هو بحد ذاته دليل كاف على مساهمتها في دعم الأنشطة العسكرية لحركة حماس.
وأضاف الوزير الأميركي أن الأموال التي تجمعها جمعية الأرض المقدسة تستخدمها حماس لتمويل مدارس تنشئ الأطفال على عقيدة تحولهم في المستقبل إلى "انتحاريين ولتجنيد متطوعين انتحاريين ومساعدة أسرهم".
الارض المقدسة تنفي
وفي هذا السياق نفت مؤسسة الأرض المقدسة أن تكون مولت حركة حماس. وقال المتحدث باسم المؤسسة جون جانيه إن مؤسسته لا تمول "إرهابيين".
وأقر جانيه بأن المؤسسة تلقت هبة كبيرة من أبو مرزوق، لكنه أضاف أن المؤسسة تلقت هذه الهبة عام 1992 قبل أن تتوثق علاقات أبو مرزوق بمن أسماهم "الإرهابيين".
وكان أبو مرزوق قد اعتقل في 27 يوليو/ تموز 1995 في مطار كينيدي بنيويورك، ويتهمه الأميركيون والإسرائيليون بلعب دور مهم داخل الذراع العسكرية لحركة حماس، غير أن الولايات المتحدة التي اعتقلته لتسليمه لإسرائيل أطلقت سراحه خشية ردود الفعل التي قد يثيرها قرار تسليمه إلى تل أبيب.
كما نفى تيسير عمران وهو مسؤول من حماس في مدينة نابلس بالضفة الغربية تلقي الحركة أو مؤسساتها أي أموال من مؤسسات في الخارج، وقال إن أموال حماس تأتي من تبرعات فلسطينيين في الداخل وليس من مؤسسات في الولايات المتحدة أو أي مكان في العالم.
المسلمون الأميركيون
وفي أول رد فعل داخلي للمسلمين الأميركيين طالبت مجموعة من أكبر منظمات المسلمين الأميركيين الرئيس بوش بمراجعة قراره، كما طالبت بأن تعلن الحكومة الأميركية الأدلة التي تثبت علاقة مؤسسة الإغاثة المسلمة بأية جماعات أو أنشطة إرهابية.
جاء ذلك في بيان مشترك أصدرته المنظمات المسلمة الأميركية وتلقت "الجزيرة نت" نسخة منه. وأوضح البيان أن مؤسسة الأرض المقدسة تعد أكبر مؤسسات الإغاثة الإسلامية في الولايات المتحدة وكانت لسنوات هدفا للمنظمات الموالية لإسرائيل التي اتهمتها بمساندة مسلحين فلسطينيين.
وشدد البيان على أن الأرض المقدسة مؤسسة إغاثية تنشط في تقديم العون للمحتاجين من الفلسطينيين. وقال البيان "يؤيد مسلمو أميركا جهود الرئيس بوش في وقف تمويل الإرهاب وينادون بحل سلمي لصراع الشرق الأوسط، ولكن هذه الأهداف لن تتحقق بنزع الطعام من فم الأيتام الفلسطينيين أو بالخضوع لحملة تشويه ذات دوافع سياسية يقودها مؤيدو الاحتلال الإسرائيلي القمعي".
ترحيب إسرائيلي
وفي تل أبيب رحبت الحكومة الإسرائيلية بالقرار الأميركي، وقال رعنان غيسين مستشار رئيس الوزراء أرييل شارون إن قرار الحكومة الأميركية يضعف قدرة حماس.
وتأتي الحملة الأميركية والأوروبية الحالية على حماس في إطار محاولات واشنطن استغلال حربها على ما يسمى الإرهاب لتضييق الخناق على حركات المقاومة في الأراضي العربية المحتلة. وقد خيم التوتر مؤخرا على العلاقات اللبنانية الأميركية بعد رفض بيروت طلب واشنطن تجميد أرصدة حزب الله الذي أدرجته واشنطن أيضا ضمن لائحتها للمنظمات التي توصف بأنها إرهابية.