إسرائيل تعلن السلطة الفلسطينية منظمة داعمة للإرهاب
ـــــــــــــــــــــــ
الجيش الإسرائيلي يتوغل ثلاثة كيلومترات في مدينة غزة
ويحتل مطار المدينة ويدمر مدرجه
ـــــــــــــــــــــــ
قوات إسرائيلية تتقدم إلى مسافة تبعد 200 متر فقط من مقر الرئيس الفلسطيني في مدينة رام الله ـــــــــــــــــــــــ
عرفات يطالب واشنطن بتحرك سريع لوقف العدوان ويستغيث بالدوحة لعقد قمة عاجلة لمنظمة المؤتمر الإسلامي
ـــــــــــــــــــــــ
قررت الحكومة الإسرائيلية تكثيف عملياتها العسكرية ضد السلطة الفلسطينية وأعلنت رسميا أن السلطة منظمة تدعم الإرهاب. وانسجاما مع هذه القرارات -فيما يبدو- كانت القوات الإسرائيلية قد أقدمت صباح اليوم على احتلال مناطق فلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية، سبقه قصف صاروخي إسرائيلي لمطار غزة ومدينتي جنين وبيت لحم بالضفة.
وقال مسؤول إسرائيلي إن القرار اتخذ في ختام اجتماع استثنائي للحكومة ترأسه رئيس الوزراء أرييل شارون واستمر حوالي خمس ساعات. وقررت الحكومة الإسرائيلية أيضا أن تدرج في لائحة "المنظمات الإرهابية", القوة 17 وهي القوة الأمنية الفلسطينية المكلفة حماية الرئيس ياسر عرفات, والتنظيم وهو منظمة عسكرية لحركة فتح بزعامة عرفات.
وقال مصدر إسرائيلي إن شارون وغيره من الوزراء اليمينيين أيدوا القرارات التي اتخذت اليوم، لكن وزير الخارجية شمعون بيريز قاد الأعضاء اليساريين بمجلس الوزراء إلى الانسحاب من اجتماع المجلس قبل إجراء اقتراع.
اجتياح إسرائيلي
وسبق الإعلان عن هذه القرارات اقتحام الجيش الإسرائيلي مطار غزة الدولي في الساعات الأولى من صباح اليوم، متوغلا أكثر من ثلاثة كيلومترات في أراضي السلطة الفلسطينية. وقال مسؤول الارتباط العسكري الفلسطيني جنوب قطاع غزة خالد أبو العلا إن جرافات للجيش الإسرائيلي بدأت تدمير مدرج مطار غزة الذي يستخدمه الرئيس ياسر عرفات للسفر إلى الخارج.
وقد بدأت الجرافات عملها في وسط المدرج وتقدمت في اتجاه بوابة نزول المسافرين. وأكد أبو العلا أن الجيش الإسرائيلي يدخل المطار للمرة الأولى منذ تدشينه في أواخر 1998 مؤكدا أن ما حصل "احتلال". ولم تفتح القوات الفلسطينية التي تحرس المطار النار.
في هذه الأثناء قالت مصادر أمنية فلسطينية إن الجيش الإسرائيلي توغل في أجزاء من مدن فلسطينية بالضفة الغربية، وإن جنوده تقدموا إلى مسافة تبعد 200 متر فقط من مقر الرئيس عرفات في مدينة رام الله. وأكد متحدث باسم الجيش أن قوات إسرائيلية دخلت رام الله ومناطق أخرى بالضفة الغربية لكنه امتنع عن الإدلاء بتفاصيل.
وأشار شهود عيان إلى أن مروحيات إسرائيلية كانت تحلق في سماء المدينة. وكان عرفات في رام الله أثناء الغارة الإسرائيلية الصاروخية مساء أمس على مطار غزة. من جهة أخرى, أفاد شهود بأن أربعين مدرعة تتجه نحو نابلس في شمال الضفة الغربية. وفي المنطقة نفسها, توغلت ثلاث مدرعات إسرائيلية في قرية تقع شمال مدينة طولكرم واحتلت مبنى فيها.
شارون يهدد بالحرب
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون قد حمل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات, المسؤولية عن الوضع الخطير الذي آلت إليه الأحداث في المنطقة. وأكد في كلمة وجهها إلى الإسرائيليين قبيل الاجتماع الاستثنائي لحكومته أنه تقرر اتخاذ عدة إجراءات وخطوات ضد الفلسطينيين ستقرها الحكومة في وقت لاحق. ورفض شارون الإفصاح عن طبيعة هذه الإجراءات مؤكدا أنه يجب أن تصوت عليها الحكومة بالكامل بعد أن تم إقرارها في وقت سابق في اجتماع أمني طارئ.
وقال شارون إن "عرفات هو وحده المسؤول عن الإرهاب.. عرفات صنع الإرهاب واختار خياره في هذا الأمر". وأكد شارون أن الولايات المتحدة شريكة مع إسرائيل في الحرب ضد ما أسماه الإرهاب، مضيفا أن حكومته فرض عليها ما وصفه بحرب ضد الإرهاب على حد زعمه. وقال إن "هدف الإرهابيين ومن يساعدهم هو طردنا من هذه البلاد".
واعتبر شارون حربه على الفلسطينيين مماثلة للحرب الأميركية على ما أسماه الإرهاب، وقال "من سيحاول أن يقتلنا فإن حياته في خطر". وفي إجابته عن سؤال لأحد الصحفيين بشأن اعتبار إسرائيل الرئيس الفلسطيني عدوا، قال شارون "عرفات هو المسؤول المباشر عن معاناة الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، وعلى هذا الأساس سنحدد ماذا نفعل".
وقف إطلاق النار
ومن جهتها طلبت السلطة الفلسطينية مساء أمس الالتزام بالقرارات الخاصة بالوقف الكامل لإطلاق النار وذلك في تعقيبها على بيان كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس, والذي يتوعد برد قاس إثر القصف الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.
وصرح مصدر فلسطيني رفيع المستوى "أن السلطة الفلسطينية تطالب الجميع بالتوقف عن الأعمال التي تسيء للقضية الفلسطينية والنضال الفلسطيني العادل والمشروع والتي تستهدف خاصة المدنيين ويحاول الجانب الإسرائيلي استغلالها لكسب الرأي العام العالمي على حساب قضيتنا العادلة".
وطالب المسؤول "الجميع" في إشارة إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي, "بالالتزام بقرارات السلطة الفلسطينية وقف إطلاق النار حفاظا على المصلحة العليا للشعب الفلسطيني". وأضاف أن السلطة الفلسطينية "لن تسمح لأي كائن أن يتذرع بحجج ومبررات في الاستمرار بخرق قراراتها مهما كانت المبررات والحجج، ولا تريد أن يعلمها أحد دروسا في الوطنية".
وكانت كتائب عز الدين القسام قد توعدت بالانتقام من القصف الإسرائيلي وقالت "سيدفع العدو الصهيوني ثمنا باهظا على جرائمه اليوم بقصف مراكز السلطة الفلسطينية في غزة وجنين وبيت لحم".
وقالت في بيان "عندما نعد ونقسم على الانتقام ننفذ ونبر بقسمنا، والقاصي والداني يعلم صدق وعدنا وقسمنا". وقالت كتائب القسام إن "الرد سيكون مناسبا مع حجم الجرائم الصهيونية ومازلنا في إطار الرد الأول على جريمة اغتيال القائد محمود أبو هنود، بالإضافة إلى رد جديد لن يكون بعيدا ولن ينفع الصهاينة أحد في هذه الدنيا".
الغارات على جنين وبيت لحم
وكانت طائرات حربية إسرائيلية من طراز إف-16 شنت مساء أمس غارة على المقار الأمنية الفلسطينية في مدينة جنين شمالي الضفة الغربية. وقال مراسل الجزيرة في فلسطين إن هناك تحركات للدبابات الإسرائيلية على مداخل المدينة استعدادا -على ما يبدو- لعملية اجتياح جديدة.
وأفاد شهود عيان بأن طائرات إف-16 ومروحيات قصفت أهدافا في مدينة جنين ومن بينها مقر الشرطة في المدينة. وأكد سكان من المدينة أن الطائرات استمرت في التحليق في سماء جنين بعد القصف.
كما أفادت مصادر فلسطينية بأن مروحيات إسرائيلية قصفت مبنى وسط بيت لحم وأن 16 شخصا أصيبوا بجروح بينهم أحد العاملين في مكتب الرئيس عرفات في المدينة.
قصف غزة بالصواريخ
وتأتي هذه الغارات بعد ساعات من قيام مروحيات إسرائيلية من طراز أباتشي -الأميركية الصنع- بغارات بالصواريخ على مدينة غزة. وأفاد مراسل الجزيرة بأنه مع ارتفاع أصوات أذان المغرب استهدفت مروحيات أباتشي الإسرائيلية مقر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والمقار الأمنية ومكاتب الرئاسة ومقار السلطة الفلسطينية. كما شاركت الزوارق الحربية الإسرائيلية في قصف المدينة.
وأكد ضابط فلسطيني في تصريح للجزيرة أن القصف دمر أيضا مهبط المروحيات التابع لمقر الرئيس عرفات كما دمر طائرتين يستخدمهما الرئيس. ولا يبعد مهبط المروحيات أكثر من 20 مترا عن مقر الرئاسة وحوالي 30 مترا عن منزل عرفات. وأكدت مصادر أمنية فلسطينية أن القصف لم يصب مكتب عرفات نفسه، موضحة أن الطائرات استهدفت كذلك خزانات وقود في المهبط ومباني إدارية تابعة لقوى الأمن الفلسطينية. وأكد الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي مهاجمة المهبط.
وأفادت مصادر فلسطينية بأن عرفات وقت وقوع الغارات كان في مدينة رام الله. وقال مسؤولون في مستشفى غزة إن 17 فلسطينيا على الأقل أصيبوا في الهجوم الصاروخي الإسرائيلي على غزة. ولم يصب هؤلاء الجرحى بالصواريخ نفسها وإنما لحقت بهم إصابات طفيفة أثناء فرارهم من موقع الهجوم. وقال مسؤولو المستشفى إن العشرات تلقوا علاجا من الصدمة وغادروا المستشفى.
نداء عرفات
في هذه الأثناء دعا الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الولايات المتحدة إلى التحرك بسرعة لوقف الحرب والعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وأدان بشدة القصف الإسرائيلي على غزة، كما طالب الرئيس الفلسطيني أمير قطر بالدعوة إلى عقد قمة عاجلة لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
وقال نبيل أبو ردينة مستشار الرئيس ياسر عرفات إن السلطة الفلسطينية تحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة لهذا التصعيد الخطير الذي يهدف إلى نسف الجهود الأميركية وعملية السلام.
وقال أبو ردينة إن الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة أوقعت أضرارا كثيرة وإن للفلسطينيين الحق في الدفاع عن النفس ضد تلك الغارات. وأعرب عن أمله في أن يدرك العالم المسلم والرأي العام الدولي ما حدث في غزة وأن يمارس ضغوطا على إسرائيل لوقف العنف.
وقال وزير الحكم المحلي الفلسطيني صائب عريقات إنه طلب من الولايات المتحدة إجبار إسرائيل على وقف قصف مدينة غزة التي أصابتها صواريخ على مقربة من مقر الرئيس الفلسطيني. وقال عريقات لرويترز إن شارون يجب أن "يعلم أن إراقة الدماء تؤدي إلى إراقة الدماء".
من جهته طالب الأمين العام للرئاسة الفلسطينية أحمد عبد الرحمن في تصريح خاص للجزيرة مجلس الأمن الدولي بسرعة إرسال قوة مراقبة دولية لحماية الشعب الفلسطيني من العدوان الإسرائيلي المستمر.
وكانت واشنطن قد اعتبرت الغارات على الأراضي الفلسطينية تأتي في إطار حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض آري فليشر إنه "من الواضح أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها والرئيس بوش يتفهم ذلك بوضوح". وأكد المتحدث الأميركي أيضا أهمية استمرار الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين, مؤكدا في الوقت نفسه أنه على الرئيس الفلسطيني أن يبرهن على رغبته في السلام.