استشهاد خمسة فلسطينيين وشارون يدعو لاجتماع طارئ
ـــــــــــــــــــــــ
السلطة الفلسطينية تعتقل 75 من ناشطي حركتي حماس والجهاد بينهم إسماعيل هنية وإسماعيل أبو شنب
ـــــــــــــــــــــــ
رئيس المكتب السياسي لحماس يؤكد أن الحركة تستطيع أن تقدم الشهداء لمدة عشرين سنة
ـــــــــــــــــــــــ
شارون يدعو الحكومة الإسرائيلية إلى الاجتماع بكامل أعضائها لاتخاذ قرارات بشأن شن حرب على الفلسطينيين ـــــــــــــــــــــــ
استشهد خمسة فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في حادثين منفصلين بالضفة الغربية، وشنت السلطة الفلسطينية حملة اعتقالات شملت عشرات النشطاء في حركتي حماس والجهاد بينهم بعض القياديين. من جهة أخرى دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون إلى اجتماع طارئ للحكومة الإسرائيلية مساء اليوم لبحث الرد على موجة العمليات الفلسطينية.
فقد أفاد مصدر عسكري إسرائيلي بأن أربعة فلسطينيين استشهدوا مساء أمس في الضفة الغربية برصاص الجنود الإسرائيليين. وزعم المصدر أن فلسطينيين مسلحين أطلقوا النار على دورية للجيش الإسرائيلي قرب مدينة جنين المشمولة بالحكم الذاتي الفلسطيني في شمال الضفة الغربية, فرد الجنود بإطلاق النار مما أسفر عن مقتل أربعة من المهاجمين.
وفي حادث آخر أفاد مصدر أمني فلسطيني بأن عضوا في حركة فتح بزعامة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات استشهد مساء أمس برصاص الجنود الإسرائيليين. وأوضح المصدر أن محمد سنجق (19 عاما) قتل بالرصاص قرب طولكرم في شمال الضفة الغربية.
ويأتي استشهاد الفلسطينيين الخمسة -فيما يبدو- مقدمة لرد إسرائيلي محتمل على العمليات الفدائية الست التي أوقعت 30 قتيلا و220 جريحا في غضون 12 ساعة بين مساء السبت وصباح الأحد في إسرائيل والأراضي المحتلة. وقد أعلنت حركة حماس المسؤولية عن معظم هذه العمليات.
ردود فعل دولية
وقد أدت حملة التفجيرات إلى موجة انتقادات وإدانات دولية ودعوات للسلطة الفلسطينية لاعتقال المسؤولين عنها وتقديمهم إلى العدالة. فقد وصف الرئيس الأميركي جورج بوش الهجمات الأخيرة في القدس بأنها "عمليات قتل فظيعة", وطالب الرئيس الفلسطيني ببذل قصارى جهده لاعتقال من يقف وراءها.
وقال بوش للصحفيين "إنها اللحظة التي يتعين فيها على الرئيس عرفات أن يبذل قصارى جهده للعثور على من اغتالوا الإسرائيليين الأبرياء وتقديمهم إلى العدالة".
من جهته أعرب وزير الدفاع الأميركي دونالد رمسفيلد عن شكه في أن تكون للرئيس عرفات سيطرة جيدة على الوضع في فلسطين. وقال "لم يقدم عرفات أي شيء على الإطلاق للشعب الفلسطيني عبر التاريخ، وسجله غير مبهر على نحو خاص". وفي السياق ذاته قال وزير الخارجية الأميركي كولن باول إنه يجب على الرئيس الفلسطيني أن يتخذ عملا إيجابيا فوريا لوقف ما أسماه بالعنف في الشرق الأوسط.
وفي تصريحات أدلى بها لبرنامج "واجه الأمة" (Face the Nation) بشبكة تلفزيون CBS قال باول إنه أبلغ عرفات أن عليه أن يرد بأن يمسك بالمسؤولين عن العمليات الفلسطينية في حيفا والقدس وأن يضمن بقاءهم في سجون حقيقية وأن يتعقب التنظيمات التي تخطط لهجمات في المستقبل.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في بيان أن على عرفات التحرك واتخاذ إجراءات "حاسمة وسريعة" لإحالة مدبري الهجمات الفدائية للقضاء. كما أدان الرئيس الفرنسي جاك شيراك ما وصفه بالهجمات "البغيضة" في القدس وحيفا، في حين أدانت تركيا العمليات "الإرهابية" ودعت الفلسطينيين إلى إدانتها بشكل صريح وإلقاء القبض على منفذيها.
حملة اعتقالات
وفي محاولة منها لتخفيف هذه الضغوط أعلنت السلطة الفلسطينية حالة الطوارئ في الضفة وقطاع غزة، وشنت حملة اعتقالات واسعة في صفوف حركتي حماس والجهاد الإسلامي. وذكر مراسل الجزيرة في فلسطين أن الاعتقالات قد بدأت بالفعل وقد بلغ عدد المعتقلين حتى الآن 75 ناشطا من الحركتين. وشملت الاعتقالات غالبية المدن الفلسطينية.
وأفاد مصدر أمني فلسطيني بأن أجهزة الأمن الفلسطينية اعتقلت ما لا يقل عن قياديين سياسيين رفيعي المستوى في حركة حماس في غزة وذلك على خلفية عدم التزام الحركة بقرار السلطة وقف إطلاق النار. وقالت مصادر أمنية وأفراد من أسرتي المعتقلين إن مسؤول حماس إسماعيل أبو شنب وإسماعيل هنية مدير مكتب الشيخ أحمد ياسين الزعيم الروحي للحركة قد اعتقلا. وأضافت هذه المصادر أن أوامر اعتقال صدرت أيضا لاثنين آخرين من كبار مسؤولي حماس وهما محمود الزهار وعبد العزيز الرنتيسي، ولكنهما تواريا عن الأنظار فيما يبدو.
وأكد مسؤول أمني رفيع أن القيادة الفلسطينية فوضت قوات الأمن سلطات جديدة للحد من نشاط من يسمون بالمتشددين بما في ذلك حظر جميع المظاهر المسلحة. وقال المصدر إن قوات الأمن ستنتشر في كل شارع فيما يعد حالة تأهب كامل في الأراضي المحتلة، في مسعى لوضع نهاية للتصعيد واعتقال الضالعين في الهجمات الفدائية بإسرائيل. وقد جاء ذلك عقب اجتماع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مع قادة الأمن الفلسطينيين.
حماس تتعهد بالاستمرار
من جانبها أعلنت حركة حماس أنها "تستطيع أن تقدم الشهداء لمدة عشرين سنة". وقال رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل في كلمة ألقاها خلال إفطار أقامته حركة حماس في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بالضاحية الجنوبية لدمشق "نحن نستطيع أن نقاوم ونصمد ونقدم الشهداء لمدة عشرين سنة". وأضاف "لكن في النهاية سننتصر لأن الاحتلال لن يستطيع أن يتحمل الخسائر" البشرية. وأوضح قائلا "فلسفة المقاومة هي أن نستنزف طاقات العدو إلى درجة تصبح بها كلفة الاحتلال أغلى مما يتحمل".
وندد مشعل بالسلطة الوطنية الفلسطينية لتنديدها بالعمليات الاستشهادية في إسرائيل. وقال "البعض سيدخل في برامج أمنية وستمارس على الأرض خطوات ضد المقاومة ولكننا سنتجاوز هذه المرحلة". وأضاف "المقاومة تمر بظروف صعبة وساحة المعركة هي الساحة الوحيدة التي يتدرب ويخطط وينفذ فيها المجاهدون عملياتهم ولذلك ظروفنا صعبة". وأوضح أن "المقاومة سلاح فاعل ولم ينته زمانه ومرحلة السلام والعولمة لا تعني لنا شيئا". وأكد مشعل "سنحرر فلسطين كل فلسطين ونستعيد القدس وهذا ليس خيال وإنما هو واقع".
اجتماع طارئ
في غضون ذلك دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون إلى اجتماع طارئ للحكومة الإسرائيلية مساء اليوم لبحث الرد على موجة العمليات الفلسطينية, وفق ما أعلنه مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى في واشنطن. وقال المسؤول الإسرائيلي الذي طلب عدم كشف اسمه إن "الحكومة دعيت إلى الاجتماع بكامل أعضائها لتحديد كيفية التصرف" متهما الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بـ"ترؤس ائتلاف إرهابي" على حد تعبيره.
وقال المسؤول الرفيع عقب اجتماع الرئيس الأميركي جورج بوش وأرييل شارون بالبيت الأبيض "سيعقد مجلس الوزراء اجتماعا للتوصل إلى قرارات بشأن شن حرب على الإرهاب". وتعهد المسؤول "بتحرك مكثف" ضد الجماعات المسؤولة عن العنف ولكنه لم يدل بمزيد من الإيضاحات.
وقال المسؤول إن شارون أبلغ بوش خلال الاجتماع أن "إسرائيل ستتعامل مع أولئك الذين يرتكبون الإرهاب وأولئك الذين يرسلونهم في هذه المهام". وأضاف "أن الأميركيين يعلمون أن إسرائيل ستكافح الإرهاب كما يرونه مناسبا. وشرحت إسرائيل ماذا يجب فعله لتوفير الأمن ولم تطلب من واشنطن الضوء الأخضر للقيام بعمليات" للرد.
ووصف المسؤول الإسرائيلي السلطة الفلسطينية بأنها "إمبراطورية من الأكاذيب"، ورفض الإجراءات الفلسطينية بوصفها زائفة وقال إن "عرفات يميل لسرد ادعاءات كاذبة عندما يكون خائفا" على حد زعمه. وقال المسؤول إن إسرائيل لم تعد تتوقع أي إجراء فعال من قبل عرفات الذي يتهمه شارون بأنه وراء الهجمات ضد الإسرائيليين، وقال إن إسرائيل ستتصرف من تلقاء نفسها لوقف ما أسماه بالعنف. وقال "لم تعد لدينا أي آمال في أن عرفات سيفعل شيئا.. لذلك فسنفعل نحن".
سلسلة عمليات فدائية
وكان 16 شخصا على الأقل لقوا مصرعهم وجرح 40 آخرون عندما انفجرت قنبلة في حافلة عامة بمدينة حيفا داخل الخط الأخضر أمس الأحد. ووصفت حالات 15 من المصابين بأنها ميئوس منها. وفي القدس المحتلة أصيب أربعة إسرائيليين بجروح في حادثين منفصلين.
كما نفذ فلسطينيان عمليتين فدائيتين بفارق دقائق بينهما ثم أعقبهما انفجار سيارة مفخخة في منطقة مليئة بالمتاجر والمطاعم في وسط القدس الغربية فجر السبت، مما أسفر عن مصرع عشرة أشخاص وجرح حوالي 180 شخصا بينهم 11 في حالة خطرة، كما استشهد منفذا الهجوم.
ولم تمض ساعات على انفجارات القدس حتى استيقظ الإسرائيليون على هجوم جديد على مستوطنة بشمالي قطاع غزة قام به مسلحان فلسطينيان وقتل فيه مستوطن إسرائيلي. وقالت قوات الاحتلال إن مسلحين فلسطينيين تسللا إلى مستوطنة إيلي سيناي وفتحا النيران مما أسفر عن مقتل الإسرائيلي وأصابة خمسة آخرين بجروح.
وذكر مراسل الجزيرة أن كتائب القسام أعلنت مسؤوليتها عن عملية التسلل إلى تلك المستوطنة، وأن منفذي العملية هما جهاد المصري (17 عاما) من سكان اليرموك بمدينة غزة، ومسلمة الأعرج (20 عاما) من مدينة بيت لاهيا المتاخمة للمستوطنة الإسرائيلية.