احتفالات الميلاد في بيت لحم من دون عرفات
ـــــــــــــــــــــــ
عرفات يدين منعه من المشاركة في احتفالات أعياد الميلاد في بيت لحم ويصف الموقف الإسرائيلي بالجريمة
ـــــــــــــــــــــــ
الشرع ينتقد السلطة الفلسطينية لاستجابتها للضغوط الإسرائيلية لاعتقال نشطاء المقاومة ويتهم أشخاصا في السلطة بتحريض أوروبا ضد حركات المقاومة الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــ
كتائب الأقصى المقربة من فتح تتبنى الهجوم قرب مستوطنة عيناب والشرطة الإسرائيلية تعتقل ناشطا بالجبهة الشعبية في حيفا
ـــــــــــــــــــــــ
بدأت بيت لحم الاحتفال بعيد الميلاد وسط أجواء كئيبة، في حين اندلعت أعمال عنف ردا على منع إسرائيل للرئيس الفلسطيني من التوجه إلى المدينة التاريخية للمشاركة في قداس عيد الميلاد، وهو ما وصفه عرفات بأنه جريمة في حقه. من جهة أخرى اعتبرت دمشق أن بإمكان السلطة الفلسطينية أن تصمد أكثر بكثير في وجه الضغوط الإسرائيلية.
وقالت إسرائيل إنها مصرة على قرار منع ياسر عرفات من زيارة بيت لحم ما لم يعتقل فورا قاتلي وزير السياحة الإسرائيلي رحبعان زئيفي، بعد أن تعهد الرئيس الفلسطيني في وقت سابق بحضور احتفالات عيد الميلاد حتى إذا اضطر إلى الذهاب سيرا على الأقدام من مقره في رام الله.
ولكن الشعائر الدينية بدأت في بيت لحم ولم يكن حضور عرفات إلا من خلال صوره التي علقت على الجدران في ساحة كنيسة المهد. وكانت الفرق الموسيقية تعزف في حين كان البطريرك ميشيل صباح بطريرك اللاتين يقود قداسا مع القيادات الدينية في كنيسة المهد.
ردود فعل
وقد أدان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات "جريمة استلاب حقه من المشاركة في قداس عيد الميلاد في بيت لحم التي حالت الدبابات وحواجز الإسمنت الإسرائيلية دون توجهه إليها".
وقال عرفات في خطاب وجهه من رام الله عبر التلفزيون والإذاعة الفلسطينيين إن الدبابات وحواجز الإسمنت الإسرائيلية "حالت دون مشاركتي معكم في احتفالاتنا السنوية في هذه المناسبة الجليلة".
وأضاف أنه يريد أن يوجه رسالة إلى الشعب الفلسطيني ورجال الدين من مختلف الطوائف في فلسطين وللبابا ولبطريرك القدس وعموم الرؤساء الروحيين المسيحيين في العالم أجمع بأن "جريمة استلاب حقي من المشاركة في ذكرى ميلاد رسول السلام وجريمة منع إخوتنا المسيحيين من الضفة والقطاع ومن القدس الشريف من حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية في هذه الأماكن المقدسة, لن تؤثر بأي حال على تصميمي وتصميم شعبنا على خيار السلام الدائم والعادل, سلام الشجعان سلام الحق والعدل لا سلام الدبابات والطائرات والقصف والقتل والتدمير والحصار".
وقال حنا ناصر رئيس بلدية بيت لحم إن الحظر على زيارة عرفات إجراء غير منطقي وغير ضروري ويدل بشكل قاطع على أن الأماكن المقدسة ليست حرة.
من جهته اعتبر وزير الخارجية المصري أحمد ماهر أن القرار الإسرائيلي شاهد على "استمرار حلقة سوء النية" وتحدي الشرعية الدولية. وقال للصحفيين في القاهرة إن "المحاولات الإسرائيلية لمنع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من الوصول إلى بيت لحم استمرار لحلقة سوء النية والإمعان في التحدي للشرعية الدولية".
وناشد الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أن "يتخذوا من المواقف العادلة والحازمة ما يجعل إسرائيل تتوقف عن تلك السياسات التي لم تحقق السلام أو الأمن للفلسطينيين والإسرائيليين".
عملية جديدة
وتأتي هذه التطورات السياسية في وقت أعلنت فيه كتائب شهداء الأقصى القريبة من حركة فتح التي يتزعمها عرفات مسؤوليتها عن هجوم قرب مستوطنة عيناب شرقي طولكرم بالضفة الغربية أسفر عن استشهاد فلسطيني وجرح مستوطن يهودي. وقالت الجماعة إن العملية جاءت في إطار الانتقام لمنع عرفات من حضور احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم.
وأفاد مراسل الجزيرة في فلسطين أن جميل أبو عطوان (22 عاما) من كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح استشهد في العملية إثر إصابته بطلقة قاتلة أثناء تبادل لإطلاق النار مع مجموعة من المستوطنين، وأضاف المراسل أن مستوطنا إسرائيليا أصيب بجروح خطيرة من جراء نيران استهدفت سيارته, حيث أطلق مسلحون فلسطينيون النار عليه وتمكنوا من الاستيلاء على مسدس كان بحوزته.
استمرار الاعتقالات
وعلى صعيد ذي صلة اعتقلت الشرطة الإسرائيلية الأحد في حيفا ناشطا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وزعمت أنه كان ينوي تنفيذ هجوم, وقال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية جيل كليمان الذي أعلن الخبر إن نشر أي معلومات عن هذه القضية محظور منذ أمس, من دون إعطاء المزيد من التوضيحات.
وأعلنت رئاسة الحكومة الإسرائيلية في بيان أن الفلسطيني الذي أوقف "ينتمي إلى الجناح العسكري للجبهة الشعبية بزعامة أحمد سعدات". وأضاف أن المعتقل أقر أثناء استجوابه بأنه خطط لتنفيذ سلسلة من الهجمات بالسلاح الخفيف في قطاع نابلس.
وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رفضت في 16 ديسمبر/ كانون الأول دعوة الرئيس الفلسطيني إلى وقف "كل العمليات المسلحة" ضد إسرائيل. وكانت الجبهة قد تبنت اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ردا على اغتيال إسرائيل الأمين العام للجبهة أبو علي مصطفى في نهاية أغسطس/ آب.
دمشق تنتقد السلطة
من جهة أخرى انتقد وزير الخارجية السوري فاروق الشرع السلطة الفلسطينية معتبرا أنها تستطيع أن "تصمد أكثر بكثير" في وجه ضغوط إسرائيل التي تطالب بوقف العمليات المسلحة. وقال في خطاب إن السلطة الفلسطينية تستطيع أن تفعل أكثر وتصمد أكثر وكان يمكن أن تستفيد من مواقف دول عربية مؤيدة للانتفاضة والمقاومة".
وأدلى الشرع بهذه التصريحات أثناء لقائه قيادات فروع الجبهة الوطنية التقدمية الحاكمة التي تضم حزب البعث وستة أحزاب صغيرة. واتهم في كلمته أعضاء في السلطة "واحدا أو اثنين" بأنهم يحرضون الاتحاد الأوروبي على وضع حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله (اللبناني) على قائمة الإرهاب.
وقال الشرع في إشارة إلى الضغوط التي تمارسها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الرئيس الفلسطيني لدفعه للتحرك ضد الحركات الفلسطينية إن من الخطأ الكبير أن نطالب بتفكيك ونزع السلاح من هذه الفصائل المقاتلة، "المقاومة لا تستمر بالتحدي إلى الأبد, هناك فترات هدوء لا تمس المقاومة وجوهر الصمود". وأوضح أن هذا كان رأي دمشق في الاجتماع الوزاري الأخير في القاهرة.
اتصالات سياسية
وفي تطور سياسي آخر أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون أنه أعطى موافقته على قيام وزير الخارجية شمعون بيريز بإجراء اتصالات مع رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أحمد قريع أبو علاء حسبما جاء في بيان صادر عن رئاسة الوزراء.
وأفاد البيان المشترك الذي نشره شارون وبيريز أن المحادثات التي أجراها وزير الخارجية بيريز مع أبو علاء ومسؤولين آخرين ترمي إلى وضع حد "للإرهاب والتحريض على العنف للسماح بعد وقف أعمال العنف بإحراز تقدم في العملية السياسية".
ولم يشر البيان إلى خطة السلام التي اقترحها بيريز على السلطة الفلسطينية وأشارت إليها صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، التي قالت إن وزير الخارجية شمعون بيريز اقترح على رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أحمد قريع خطة سلام تعترف إسرائيل بموجبها بعد ثمانية أسابيع على توقيعها بقيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ورد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد نشر هذه الخطة بالتأكيد على أن شارون لم يعط قط موافقته على هذا المشروع "الخرافي والخطير الذي يلحق مجرد ذكره ضررا كبيرا بإسرائيل". ومن جانبه اعتبر وزير الإعلام الفلسطيني ياسر عبد ربه أن هذه الخطة لا تأتي بأي جديد. وقال إن هذه الأفكار هي طريقة "لإطلاق اسم دولة على الكانتونات والقطاعات المعزولة في السلطة الفلسطينية".