إسرائيل تستفز الفلسطينيين بمواصلة عمليات الاغتيال
ـــــــــــــــــــــــ
جنود الاحتلال يقتلون ثلاثة فلسطينيين بينهم طفل في أقل من 24 ساعة على خطاب الرئيس ياسر عرفات
ـــــــــــــــــــــــ
فرنسا تؤكد أن السلطة الفلسطينية ورئيسها هما بنظرها ونظر أوروبا الشريك الشرعي الوحيد لإسرائيل في عملية السلام
ـــــــــــــــــــــــ
واشنطن تعتبر اعتقال إسرائيل مسؤول ملف القدس في السلطة الفلسطينية سري نسيبة تصرفا استفزازيا
ـــــــــــــــــــــــ
ردت الحكومة الإسرائيلية علنا على دعوة الرئيس الفلسطيني بالوقف الشامل والفوري لجميع العمليات المسلحة ضد إسرائيل وعزمه على ملاحقة مرتكبيها قائلة إنها تنتظر أفعالا ونتائج. يأتي ذلك في وقت استشهد فيه ثلاثة فلسطينيين بينهم طفل أطلقت عليه قوات الاحتلال النار دون وقوع مواجهات في خان يونس.
من جانب آخر جددت حركة حماس رفضها دعوة الرئيس الفلسطيني لوقف المقاومة وانضم إليها الجناح العسكري للجبهة الشعبية، ومن جهتها انتقدت الولايات المتحدة قيام إسرائيل باعتقال المسؤول عن ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية سري نسيبة.
فقد أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن رئيسها أرييل شارون أكد أمس الاثنين خلال حديث هاتفي مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك أنه ينتظر "أفعالا وليس أقوالا" من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وقال شارون إن "إسرائيل تنتظر أفعالا وليس أقوالا ووعودا جوفاء، إسرائيل تنتظر أفعالا ونتائج". وذكر البيان أن شيراك أعلن من جانبه أنه سيكون سعيدا بلقاء قريب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي.
ومن جهة أخرى, اتصل شيراك أمس الاثنين بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية إن شيراك وعرفات عرضا الوضع في الشرق الأوسط ووسائل إنقاذ السلام. وأوضحت أن "الاثنين ناقشا أيضا وسائل وقف العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين ونتائج القمة الأوروبية الأخيرة في لاكن ببلجيكا، بالإضافة إلى خطاب عرفات الذي ألقاه الأحد" ودعا فيه الحركات الفلسطينية المسلحة إلى وقف عملياتها ضد الإسرائيليين.
وفي باريس قالت المتحدثة باسم الإليزيه كاترين كولونا إن شيراك أكد خلال محادثاته الهاتفية مع كل من شارون وعرفات أن السلطة الفلسطينية ورئيسها هما بنظر فرنسا وأوروبا الشريك الشرعي الوحيد لإسرائيل في عملية السلام. وأضافت أن شيراك أشاد بالقرارات التي اتخذها عرفات وبالخطاب الذي ألقاه الأحد مشددا في هذا الصدد على ضرورة أن تتيح إسرائيل للسلطة الفلسطينية وسائل تطبيق هذه السياسة.
وكان رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي دعوا في إعلانهم الذي تبنوه في لاكن إلى عدم إضعاف الرئيس الفلسطيني. وفي سياق متصل كشف مصدر دبلوماسي فرنسي – دون ذكر التفاصيل- أن مساعي دبلوماسية متكررة بدأتها الولايات المتحدة لدى الأوروبيين حتى لا يجروا اتصالات بعرفات. وقد وصفت هذه المساعي في باريس بأنها "تصدم وفي غير محلها".
تصعيد إسرائيلي
ذكرت مصادر طبية فلسطينية أمس أن الطفل محمد حنيدق (12 عاما) أصيب برصاصة قاتلة أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي المتمركز في المواقع العسكرية المحيطة بمستوطنة نافيه ديكاليم غربي مدينة خان يونس، وتوفي فور وصوله مستشفى ناصر بالمدينة.
وأشارت المصادر نفسها إلى أن الطفل أصيب برصاصة في القلب خرجت من الظهر. وأكد شهود عيان "أن قوات الاحتلال أطلقت النار باتجاه عدد من الفتية والأطفال دون وقوع أي مواجهات تستدعي إطلاق النار مما أدى إلى مقتل الطفل محمد حنيدق".
وفي مدينة نابلس بالضفة الغربية استشهد منجد سلمان (22 سنة) عندما فتحت دبابات إسرائيلية منتشرة غربي المدينة النار من رشاشاتها الثقيلة على دورية من الشرطة البحرية, بحسب ما أفاد به شهود ومصدر أمني فلسطيني دون أن يحددوا أسباب إطلاق النار. كما أصيب عضو آخر في الشرطة البحرية هو منتصر أبو مصطفى (18 سنة) بجروح خطرة من جراء إطلاق النار، بيد أن حياته ليست في خطر.
وكانت قوات خاصة إسرائيلية اغتالت في وقت سابق أحد ناشطي الحركة في الضفة الغربية. وقالت مراسلة الجزيرة في فلسطين إن وحدة خاصة إسرائيلية اقتحمت منطقة خان عيسى وحاولت اعتقال يعقوب إدكيدك (28 عاما) في منزله، لكن الجنود أطلقوا النار عليه عندما كان يهم بالهرب فاستشهد على الفور. وقالت مصادر من أسرة الشهيد إن الهدف من العملية كان اغتياله وليس اعتقاله. ويعتبر الشهيد إدكيدك أحد الذين وردت أسماؤهم في قائمة المطلوبين الإسرائيلية.
وأعلنت مصادر عسكرية إسرائيلية أن أربع حوادث مسلحة بسيطة هي عبارة عن إطلاق نار على أهداف إسرائيلية سجلت منذ نداء عرفات أمس. وأوضحت المصادر أن الحوادث التي سجلت هي إطلاق قذيفة هاون على مستوطنة رفح يام جنوبي قطاع غزة وثلاث هجمات أخرى بالأسلحة الخفيفة على سيارات ومواقع عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية، ولم تسجل أي إصابات.
حماس والشعبية
وكانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أعلنت في وقت سابق رفضها لما جاء في الخطاب الذي وجهه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وأكدت في بيان تلقت الجزيرة نسخة منه "أن ما ورد في خطاب عرفات من مطالبة الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة بوقف المقاومة والجهاد حتى وإن واصل العدو الصهيوني عدوانه المتمثل بسفك الدم الفلسطيني عبر الاغتيالات والمذابح, يفتح الباب على مصراعيه أمام السفاح (رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل) شارون ليواصل حملة الإبادة للشعب الفلسطيني, بحماية فلسطينية".
وقالت حماس إن "اعتبار العمليات الاستشهادية البطولية التي أحدثت حالة من توازن الردع -والتي تمثل السلاح الوحيد الذي يحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه- عمليات إرهابية، يحقق لشارون شرعية كان هو بأمس الحاجة إليها لشن حرب مسعورة ضد شعبنا الفلسطيني المجاهد, ويشكل ضربة قوية لمشروعية نضال شعبنا الفلسطيني عبر عقود من الزمن, ويشكل تراجعا جديدا وخطيرا أمام الابتزاز الصهيوني للسلطة الفلسطينية".
من جهة ثانية حذرت حماس من أن الإصرار على مواصلة ملاحقة الفصائل الفلسطينية يهدد وحدة الصف الفلسطيني "ويحقق للصهاينة ما أعلنوا عنه مرارا وتكرارا أن هدفهم إشعال نار حرب أهلية في الشارع الفلسطيني". وانتقد البيان بشدة إغلاق السلطة الفلسطينية مؤسسات تخص حماس وقال إنه "يسهم في تركيع الشعب الفلسطيني وإخضاعه لقبول الإملاءات الصهيونية المذلة".
وفي وقت لاحق انضمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى حركة حماس وأعلنت رفضها نداء عرفات وتوعدت بمواصلة المقاومة ضد إسرائيل. وقالت في بيان إن هذا النداء "لن يؤدي سوى إلى فتح شهية حكومة شارون لرفع سقف مطالبها وإملاءاتها الأمنية والسياسية لتركيع شعبنا وإجباره على الاستسلام".
وأكدت الجبهة التي نفذت عملية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول في فندق بالقدس الشرقية، تمسكها بخيار الانتفاضة والمقاومة ضد إسرائيل. ودعت السلطة الفلسطينية إلى الشروع في الحوار الوطني الشامل وإعلان التعبئة العامة وإلغاء قوانين الطوارئ والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ووقف مطاردة المقاومين وإلغاء قرارات إغلاق مؤسسات حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
اعتقال نسيبة
استنكرت الولايات المتحدة أمس الاثنين اعتقال إسرائيل المسؤول عن ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية سري نسيبة معتبرة أنه تصرف "غير بناء". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ريتشارد باوتشر "نعتقد أن اعتقال إسرائيل للدكتور سري نسيبة تصرف استفزازي". وأضاف في تصريح صحفي أن واشنطن أبلغت مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون مباشرة بـ"قلقها".
وتشكل هذه التصريحات واحدة من الانتقادات النادرة التي تطلقها الولايات المتحدة منذ العمليات الإسرائيلية للرد على الهجمات الفدائية الأخيرة ضد إسرائيل. وقد قدمت واشنطن دعمها الضمني لحكومة شارون معتبرة أن تلك العمليات رد مشروع في إطار الدفاع عن النفس.
وتم تكليف سري نسيبة رئيس جامعة القدس الفلسطينية ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية خلفا لفيصل الحسيني الذي توفي في مايو/ أيار الماضي. وقد اعتقل سري نسيبة واستجوب أمس من قبل الشرطة الإسرائيلية بعد أن منعت حفل استقبال كان يعتزم تنظيمه في أحد فنادق القدس الشرقية لتلقي التهاني بمناسبة عيد الفطر المبارك رغم حظر السلطات الإسرائيلية.