الهجمات غيرت نظرة الأميركيين لأنفسهم ولبلدهم
كف الأميركيون عن السخرية من رئيسهم وعاد بعضهم للتدخين حتى بعد إقلاعهم عنه وأصبحوا يتشككون في الآخرين. هذا إلى جانب العديد من التغيرات المثيرة التي طرأت على الطريقة التي ينظر بها الأميركيون لأنفسهم ولبلدهم بعد الهجمات على واشنطن ونيويورك التي قتلت الآلاف وزجت بالبلاد في حرب.
وطبقا لاستطلاعات الرأي التي أجرتها مجلة ليديز هوم يسعى الأميركيون محمومين بنزعة وطنية لشراء المزيد من المنتجات الأميركية الصنع كما أنهم أكثر استعدادا للتضحية من أجل الأمن القومي.
وقالت رئيسة تحرير المجلة سارة ماهوني التي أجرت استطلاعات الرأي في أنحاء الولايات المتحدة في الأسابيع اللاحقة على الهجمات إنها لا تعتقد أن النزعة الوطنية ستعني أبدا الشيء نفسه لأي شخص يفكر فيها. وأضافت أن هذه التجربة بقدر ما كانت تجربة حزينة فإنها غيرت إلى حد ما الطريقة التي ينظر بها الأميركيون إلى أنفسهم على نحو إيجابي حقا.
وقال مقدم أحد البرامج الحوارية الساخنة في شبكة إن بي سي جاي لينو في مقابلة مع صحيفة لوس أنجليس تايمز "قبل ستة أشهر كان أي شيء يقوله بوش يتحول إلى موضوع كبير.. لكن بعد الهجمات لم نعد نستطيع أن نجعل بوش يمزح". وأضاف "أننا كبلد نستطيع أن نسخر من رئيسنا كما نشاء لكن بمجرد أن يسخر منه أي شخص آخر فإننا ننقلب عليه ونتوحد خلف رئيسنا".
وحذر الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة هارفارد ألن درشوفيتز من الجانب المظلم لحسن النية وقال إن أعدادا كبيرة من الأميركيين مستعدة على ما يبدو لتأييد الإدارة مهما يكن الثمن. وأضاف أن الإدارة تستطيع الآن إنجاز البرنامج الذي كانت ترغب في إنجازه من قبل مجانا.
وأصبح الأميركيون الذين تعرضوا للانتقاد لمدة طويلة بسبب توجهاتهم الضيقة النظر أكثر اهتماما الآن بالعالم الخارجي. وطبقا لإحصاءات شركة متاجر راند ماكنالي للخرائط والسفر وضع الأميركيون الكتب الخاصة بأفغانستان على قوائم الكتب الأكثر مبيعا، كما تضاعفت مبيعات الكثير من كتب الخرائط والخرائط الجدارية ونماذج الكرة الأرضية التي قفزت إلى ثلاثة أمثال مبيعاتها في العام الماضي.
وقالت مديرة متجر راند ماكنالي بوسط شيكاغو ليندا فيش "ثمة شيء أيقظهم.. يبدو كما لو أن الناس اكتشفوا أنهم لا يعرفون كثيرا عن العالم". وتوضح دراسات أن الأميركيين بعد أن شاهدوا الكثير من الصور وشرائط الفيديو لطائرتي الركاب المختطفتين وهما تصدمان برجي مركز التجارة العالمي أصبحوا خائفين ومترددين في قضاء وقت طويل في ناطحات السحاب ويشعرون بقدر أكبر من الراحة للسفر بالسيارة عن السفر بالطائرة.
وتبين دراسات أن كثيرا من الأميركيين عادوا إلى التدخين بعد أن أقلعوا عنه منذ مدة طويلة أو أنهم يتعاطون الكحوليات أكثر الآن، لكنهم يراجعون أنفسهم بسرعة حسبما يشير المركز القومي للإدمان في جامعة كولومبيا في نيويورك. وقال رئيس المركز جوزيف كاليفانو والذي شغل مناصب وزير الصحة والتعليم والرفاه من قبل "هذه الموجة الأولى وحسب، إننا واثقون تقريبا من أنه ستكون هناك زيادة أكبر في تعاطي الكحوليات والتدخين وفي الطلب على العلاج".
ويقول ثلث المدخنين إنهم دخنوا أكثر منذ هجمات 11 سبتمبر/ أيلول في حين عانى أكثر من 5% من الذين قالوا إنهم أقلعوا عن التدخين من انتكاسات طبقا لتقرير الجمعية الأميركية للسرطان وشركة غلاكسو سمث كلاين المنتجة للدواء والتي تصنع منتجات تساعد المدخنين على الإقلاع. وأوضحت استطلاعات مجلة ليديز هوم أن الناس يفكرون في العمل التطوعي ويخططون لقضاء وقت أطول في البيت مع أسرهم واشتروا المزيد من الأناجيل ويشعرون بميل أقل إلى الإسراف.
وقالت المحللة النفسية الدكتورة روث ويستهايمر إن الأميركيين يمعنون النظر في علاقاتهم الحميمة. وأضافت أن الناس الذين لديهم علاقة جيدة يشعرون بالامتنان لأن هناك من يشاركهم مشاعرهم وأنه ربما يوجد الآن لدى من يعيشون منفردين حافز إضافي للبحث عن شريك. وأشارت إلى أن الأميركيين أصبح لديهم الآن تجربة مشتركة وأن تأثيرها سيستمر لمدة طويلة بعد أن تنتهي الحرب.