إسرائيل تلوح بابعاد عرفات وواشنطن تضغط عليه
ـــــــــــــــــــــــ
استشهاد فتى فلسطيني في مواجهات بخان يونس وطفل برفح والعثور على جثة رجل شرطة تحت أنقاض مبنى في رام الله
ـــــــــــــــــــــــ
قوات الاحتلال تطلق النار في رفح على أطفال دون وقوع مواجهات فتصيب ثمانية استشهد أحدهم متأثرا بجراحه
ـــــــــــــــــــــــ
دعوات إسرائيلية لإبعاد عرفات إلى تونس والسلطة الفلسطينية تحذر إسرائيل من اللعب بالنار
ـــــــــــــــــــــــ
صعدت إسرائيل من هجماتها ضد الفلسطينيين، ولوحت بطرد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إلى تونس، في الوقت الذي دعا فيه البيت الأبيض عرفات إلى ملاحقة المسؤولين عن الهجمات، متجاوزا التعليق على الغارات الإسرائيلية المستمرة ضد مواقع فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقد أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن استشهاد فتى فلسطيني في خان يونس، وطفل في رفح.
ضغط أميركي
وفي تطور لافت دعا البيت الأبيض اليوم الرئيس الفلسطيني إلى ما وصفه إثبات رغبته بالسلام "عبر الأفعال وليس الأقوال"، ودعا البيت الأبيض عرفات إلى ملاحقة من وصفهم بالمسؤولين عن الهجمات الأخيرة ضد أهداف إسرائيلية.
ويقول مراقبون إن التصريحات الأميركية التي تجاهلت الغارات الإسرائيلية المتصاعدة على مقار السلطة الفلسطينية والتي طالت مساء اليوم مواقع للسلطة في غزة وجنين تشكل ضغطا دبلوماسيا جديدا على الرئيس الفلسطيني.
وجاء التصريح الأميركي الأخير بعد ساعات من إعلان مساعد وزير الخارجية الأميركية وليام بيرنز في ختام مباحثات مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق أن الولايات المتحدة مازالت تعتبر عرفات رئيسا للسلطة الفلسطينية وتريد مواصلة التعامل مع القيادة الفلسطينية.
وقال بيرنز في مؤتمر صحفي "نعتبر الرئيس عرفات زعيما للشعب الفلسطيني وسنستمر بالعمل مع القيادة الفلسطينية التي عليها القيام بخيارات صعبة جدا والتحرك ضد المجموعات المتطرفة التي تهدد مصالح الشعب الفلسطيني". وأضاف أنه بحث أثناء زيارته إلى دمشق مسألة "علاقات سوريا بحركات حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله اللبناني التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمات إرهابية", من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.
ثلاثة شهداء
وفي الأراضي الفلسطينية قالت مصادر طبية إن الفتى أحمد خميس المصري (17 عاما) استشهد عندما أصيب برصاص جنود الاحتلال في مواجهات وقعت عند مقبرة شهداء خان يونس في حي الأمل. وأضافت المصادر الطبية أن الشهيد "أصيب برصاصة قاتلة في الصدر".
وفي السياق ذاته أفاد مصدر طبي بأن طفلا فلسطينيا توفي متأثرا بجراحه التي أصيب بها برصاص الجيش الإسرائيلي في رفح جنوب قطاع غزة. وكان الطفل الشهيد أحد ثمانية أطفال أصيبوا برصاص قوات الاحتلال في منطقة تل السلطان وبوابة صلاح الدين في رفح قرب الحدود مع مصر، من دون أن تشهد هذه المنطقة مواجهات تبرر إطلاق النار.
وقال مدير مستشفى رفح الحكومي الطبيب علي موسى إن "الطفل رامي زعرب (11عاما) أصيب برصاصة في الرأس وحالته حرجة جدا وتم نقله إلى مستشفى الشفاء بغزة". وأشارت مصادر طبية إلى أن حالة الطفل الجريح جهاد العاجز (11 عاما) الذي أصيب أيضا برصاصة في رأسه, خطرة فيما حالة الجرحى الستة الآخرين (13-15عاما) متوسطة، وقد نقلوا إلى مستشفى رفح الحكومي للعلاج.
وأوضحت مصادر أمنية أن "الجيش الإسرائيلي في منطقة تل السلطان المحاصرة يطلق النار تجاه الأطفال والفتيان دون أي أحداث". وأكد شهود فلسطينيون أن جنود الاحتلال أطلقوا النار فجأة من أبراج المراقبة العسكرية قرب الشريط الحدودي مع مصر ومن الدبابات التي تحيط بمنطقة تل السلطان منذ فجر اليوم باتجاه المواطنين من دون أي مواجهات أو أحداث في المنطقة".
من جهة أخرى أكد مسؤول في الشرطة الفلسطينية أن دبابات الاحتلال لاتزال ترابط في الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية في تل السلطان برفح. وأشار إلى أن قوات الاحتلال أقامت سواتر رملية حول منطقة تل السلطان وأن الدبابات تطلق الرصاص بين وقت وآخر باتجاه المواطنين.
وأوضحت المصادر أن جيش الاحتلال قسم قطاع غزة إلى ثلاث دوائر محاصرة حيث أغلقت الدبابات مفترقي الشهداء قرب مستوطنة نتساريم جنوب مدينة غزة، كما أغلقت دبابات أخرى مفترقي أبو هولي في دير البلح والمطاحن بخان يونس. وأكد شهود أن "الجيش الإسرائيلي منع آلاف الموظفين والعمال وطلبة الجامعات من التنقل بين مدن وقرى قطاع غزة أو الاقتراب من الحواجز العسكرية".
حصار رام الله
وقد شهدت الضفة الغربية تصعيدا مماثلا منذ ساعات الصباح الباكر حيث استشهد رجل شرطة فلسطيني في قصف إسرائيلي على رام الله، وقالت مصادر أمنية فلسطينية إنه عثر على جثة الشهيد الشرطي أحمد الدميسي (26 عاما) تحت أنقاض مبنى قيد البناء أصيب بقذيفة دبابة في ضواحي رام الله.
يأتي ذلك في الوقت الذي واصلت فيه السلطات الإسرائيلية ضغوطها على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وقامت باحتلال الجزء الأكبر من مدينة رام الله حيث يوجد مقر عرفات الذي قررت في وقت سابق قطع الاتصالات معه. وقالت مصادر إسرائيلية إن سلطات الاحتلال منعت عرفات من مغادرة مدينة رام الله حيث تبعد الدبابات الإسرائيلية مسافة 150 مترا عن مقره.
اقتحام منزل البرغوثي
كما اقتحمت القوات الإسرائيلية منزل أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية مروان البرغوثي أحد أبرز قادة الانتفاضة الفلسطينية، وقامت بتفتيش المنزل الذي لم يكن البرغوثي موجودا فيه. وقالت زوجة المسؤول الفلسطيني إن 25 جنديا إسرائيليا يحتلون المنزل حاليا وإنهم أبلغوها بأنهم ينوون البقاء لخمسة أيام.
وطالت الاعتداءات الإسرائيلية مركز البث الإذاعي والتلفزيوني الفلسطيني في رام الله إذ قامت جرافات إسرائيلية بتدميره بأكمله بعدما تم تفجير برج الإرسال الرئيسي. وكان هذا المركز أصيب بأضرار كبيرة بفعل عمليات القصف ليلا وقد أتت الجرافات ظهر اليوم على ما كان متبقيا منه. وقام جنود من الهندسة العسكرية الإسرائيلية بتفجير البرج الرئيسي للإرسال الذي يبث للضفة الغربية مما أدى إلى توقف البث الإذاعي والتفلزيوني.
وقال مراسل الجزيرة في فلسطين إن الدبابات الإسرائيلية تطوق مدينة نابلس وإن هناك حشودا عسكرية في المناطق الجنوبية من المدينة وإن الأمر نفسه ينطبق على مدينة طولكرم.
استبعاد عرفات
وكانت الحكومة الإسرائيلية قررت في اجتماع عاجل عقدته الليلة الماضية بقطع كل الاتصالات مع الرئيس عرفات متهمة إياه بعدم بذل ما يكفي لوقف العمليات المسلحة ضد الإسرائيليين، واعتبرته مسؤولا مسؤولية مباشرة عن سلسلة العمليات الفدائية وأنه لم يعد له علاقة بإسرائيل ولن تجرى معه أي اتصالات أخرى.
ويقول مراقبون إن القرار الإسرائيلي يعني أن إسرائيل ستهتم بشؤون إدارة المناطق الفلسطينية عسكريا وقصر دور السلطة الفلسطينية على الإدارة المدنية. وأعلن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عوزي لاندو أنه يجب عدم استبعاد إعادة الرئيس عرفات إلى تونس.
وفي رد على سؤال من صحيفة لوموند الفرنسية -في عددها الذي سيصدر غدا- حول إعادة عرفات إلى تونس (حيث كانت توجد قيادة منظمة التحرير الفلسطينية قبل اتفاقات أوسلو عام 1993) قال لاندو "إنها مسألة تكتيكية, مسألة لحظة سياسية. يجب عدم استبعاد هذا الاحتمال". وأضاف أن عرفات عالق في رام الله بالضفة الغربية بدون التمكن من التحرك "وكأنه منبوذ".
ووصف لاندو وهو عضو في اللجنة المركزية لحزب الليكود، اتفاقات أوسلو بأنها "هي المشكلة وليست الحل للمشكلة". وقال "لقد أطلق الفلسطينيون هذه الانتفاضة لأنه بعد أوسلو شعروا بأنهم أقوى. ويجب بالتالي -وكما يجري في أفغانستان- تدمير البنى التحتية للإرهاب".
وتحدث لاندو عن "معركة حتى الموت بين الفلسطينيين والإسرائيليين" مشيرا إلى أنه طالما بقي لدى الفلسطينيين الأمل "فإن الإرهاب لن يتوقف". وتابع أن الفرق بين عرفات والشيخ أحمد ياسين الزعيم الروحي لحركة حماس هو نفس الفرق بين "سفاح بوسطن وجاك السفاح.. إنهما قتلة, فقط طريقة القتل تختلف" على حد زعمه.
اللعب بالنار
وقد حذرت السلطة الفلسطينية بلسان المستشار الرئاسي نبيل أبو ردينة الحكومة الإسرائيلية من "اللعب بالنار"، مؤكدة أن أي مساس بالرئيس ياسر عرفات لن يمر دون أن تدفع إسرائيل "ثمنا غاليا جدا".
وأضاف أبو ردينة أن أي محاولة إسرائيلية لتجاوز منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية لن يكتب لها النجاح "لأن السلطة والمنظمة هي الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية".
وأشار مستشار عرفات إلى أن إسرائيل ستدفع الثمن غاليا لهذا العبث وأن الشعب الفلسطيني لن يقبل بأي حل لن تقبله منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية", مؤكدا أن "الحلول العسكرية لن تؤدي إلا إلى مزيد من العنف".
إلغاء اجتماع عربي
وعلى صعيد ردود الفعل العربية ألغت مصر خططا لعقد اجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب كان قد تقرر عقده اليوم الخميس بعد أن قطعت إسرائيل العلاقات مع السلطة الفلسطينية، وقالت الجامعة العربية إن اجتماع لجنة المتابعة سيعقد في أوائل الشهر القادم.
وقال الأمين العام للجامعة عمرو موسى في بيان "لجنة المتابعة والتحرك العربية ستجتمع يومي 4 و5 يناير/ كانون الثاني 2002 في مقر الجامعة العربية لمتابعة التطورات الجارية في الأراضي المحتلة".
وكان وزير الخارجية المصري أحمد ماهر قد قال في وقت سابق إن الوزراء سيجتمعون "خلال ساعات". واعتبر أن الدول العربية جادة في رغبتها وقف العدوان على الشعب الفلسطيني وأن هناك وسائل كثيرة يمكن اتخاذها في هذا الصدد، وسيقوم وزراء الخارجية ببحثها وتحديد ما يتخذونه في هذا الشان. وقالت مصادر الخارجية المصرية إن خطط عقد الاجتماع ألغيت في وقت لاحق بعد التشاور مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ووزير الخارجية الأميركي كولن باول ووزير الخارجية الفرنسي أوبير فدرين بسبب صعوبة عقد الاجتماع بصورة عاجلة.